[اللي بيزمر ما بيخبيش دقنه] ..
هكذا يقول لنا المثل الحكيم ..
أتعرفون لماذا نقيم العواصف العاتية من أجل رواية أو حتى من أجل رسوم الدنمارك ؟!
لأننا نخاف أن نُظهر ذقننا ..
نتذكر كيف كان أبو لهب يسيء إلى الرسول الكريم .. ولكن لم يتم ردعه بالقوة .. وتم ردعه من قبل الله ..
وعندما أراد (عمر) رضي الله عنه ضرب عنق أحدهم لأساءته للرسول .. نهاه المُساء إليه .. لأن من يعرف رسول الله سيدرك أنه رسول الله ..
لأننا قبل أن نريد ضرب أعنق الكفار .. نريدهم أن ينعموا معاً بنعمة الإسلام ..
بينما وضعنا الحالي مخيف فعلاً .. فنحن فشلنا – وفشلنا ألف مرة – في توصيل الصورة للغرب .. (ليس تملق ولكن لما لا نكون مسلمين بالفعل؟!)
فالخطأ منا ومنهم بالمثل ..
لماذا الخروج عن الموضوع هنا ؟!
لأنه يقودنا إلى النقطة التي أبغيها ..
نقطة عجزنا عن تناول عيوبنا لأننا لا نريد أن نتكلف عناء علاجها ..
وستجد مثل هذه النقطة في حياتك الشخصية ذاتها .. لو بحثت بحرص ستجد أنك تخشي مناقشة مواضيع بعينها لأنك لست راغب في العمل على حلها ..
مثلاً (عمارة يعقوبيان) بها شخص شاذ .. وهذا جيد !! ليس وجوده جيد .. ولكن الاعتراف بوجود مثله أمر جيد .. لأن هذا يدعونا إلى البحث عن حل لمثلها مشكلة ..
المشكلة أن وجد بعض الأفاضل أنه هذا الشاذ يبرر كونه شاذ .. ويخبرنا بدوافعه .. وهذا ما أثارهم .. فلا يجب أن يتم هذا على الإطلاق .. ولي لديهم سؤال .. كيف من الممكن أن يتم هذا ؟! فلنفترض أن شخص آخر سيرتكب جرم آخر – بعيد عن الشذوذ – ولنقل سيقتل .. هل من الواجب عليه أن يخبرنا أنه مخطئ تماماً .. والقتل جريمة وشر ولا ترتكبوه لكني سأقتل الآن لأن المخرج أو كاتب النص يريد ذلك ..
لسنا نتعامل مع أدب الطفل هنا !!
ثم من قال أن الكافر مثلاً ليست مقتنع ولو بنسبة 1% بما يؤمن به .. أو بالأحرى بما لا يؤمن به !!
لهذا أفضل الأدب الروسي قليلاً .. لأنه به نسمات نفسية بديعة .. وكما يقول عليه (يحي حقي) يصل إلى حد التبشير .. أي نتعامل من المجرم والمخطئ على أنه مريض من الممكن أن يعالج بطرق عدة .. لا أن نقذف به في آتون النار .. وأوروبا اكتوت طويلاً بمحاكم التطهير التي كانت لتحرق المرء لمجرد أنه لا ينظف أسنانه (طبعاً لم يكن هناك تنظيف أسنان في تلك الأيام) !! وما إلى ذلك .. وبالتحديد لا أخفى عليكم أنني من عشاق (ديستوفيكسي) وقد أظهر لنا في رائعته (الأخوة كارمازوف) ليس الشخص الشاذ .. ولكن الشخص الملحد .. الشخص الملحد الذي تسب في مقتل أبيه بدون أن تكون على يده دماء .. ودفعنا لكرهه .. لكني لا أريد الخوض في تفاصيل .. فهو لم يسلم من التجريح أيضاً .. وهو الأديب العملاق (بالنسبة لي على الأقل) ..
قد يردد البعض أن لنا عادات وتقاليد وما إلى ذلك .. وهذا أراد لجام أشد وطأة من لجام الرقيب .. حيث يجعل العامة إلى جانب مضاد للكتابة .. لكن لجام الرقيب سيؤدى إلى العكس .. ناهيك على أن المرء لا يحب أن يشعر أنه الطفل الصغير الذي يختار له والده ما يجب أن يقرأه وما لا يجب أن يفعل ..
أن أقرأ ما أقرأه .. لكني لن أعتبره قرآني .. يجب على المرء أن يكون متيقضاً لما يقرأه .. أو لا يقرأ حتى يصل لدرجة التيقظ تلك .. الغريب أنه تقريباً غالب المسلمين يقرؤون القرآن .. الكتاب الأبلغ والأحكم على وجه الأرض .. ومع ذلك لا نستفيد من بلاغته وحكمته ولو نزر قليل !! (سبحان الله) ..
وقد يدافع عن الأعمال تلك أحد ويقول أنظر إلى الفاسد في هذه الرواية .. قد أخذ جزائه .. أقول له ولو لم يأخذ جزائه .. ماذا أنت فاعل .. أليس بيننا من فعل الأفاعيل ولم يلق جزاء عيني أمامنا ..
لسنا نحن برب البشر حتى نحاسب البشر ..
ليست المشكلة أنه يقدم لك المخطئ .. المشكلة الشكل الذي يقدم لك به هذا المخطئ .. لو جعلك تكرهه على الأقل فقد نجح إلى حد ما .. لو جعلك تحبه فهنا الخطر .. ولو إني من مدرسة التعاطف دون كره أو حب ..
قديماً قتلوا (أرسطو) بداعي أفساد عقول شباب أثينا .. فأرجو من الجميع .. ألا يقتل عمل يقدمه أحد .. لأن قتل العمل يقتل صاحب العمل .. فأرحم تُرحم .. ولو من وراء قلبك ..
هناك طوائف تدعو أن خلو الأدب من المساس بالقيم الدينية والقيم الاجتماعية والقيم السياسية .. إذاً ما يتبقى لنا لنتكلم فيه ؟!
ولا داعي للخلط فالكل يعلم الفرق بين الفكر و(قلة الأدب) ..
فالأفضل أن تناقشني عن أسباب السباب والمتعلقات به دون أن تأتي بفعل السبّ نفسه ..
فدائماً ما يناقشون مسألة المشاهد الأباحية في الأفلام .. (طبعاً الأمريكية) .. وهناك طائفة تقول أن هناك ما لا يمكن أن يتضح سوى بها .. وهناك طائفة تقول أن هناك طرق أخرى عديدة ..
أظن أن الطريقة الأخرى ستجدي نفعاً ولو أن أوصلت بعض ما يريدون إيصاله ..
أرجو أن تكون تلك واضحة ..
تناولت أكثر من محور من المحاور المطروحة لكني لن أخوض في الباقي حتى لا أطيل عليكم .. (الآن على الأقل)
بالمناسبة أرى الموضوع – إن لم تخني الذاكرة – قد تم نقاشه من قبل ..
على العموم شكراً للأخت جهاد لو كان (كلاكيت) أول مرة أو لو كان مُعاد الطرح ..
أعتذر عن الإطالة ..
في حفظ الله تعالى ..