انظر الى المدينة من شرفة منزلك ستجد الكثير من البنيان وخلف الجدران الكثير من القصص والمشاكل والأسرار ولكل بيت منافذ للشيطان حتى ولو كان برجا مشيدا
وقصتنا هي قصة حب بين رجل وامرأة
هو رجل شخصيته رائعة ووظيفته محترمة وفي العقد الخمسين من عمره أعزب وفجأة قرر الزواج ولكن مهمة البحث عن عروس لا تقل مشقة عن مهمة البحث عن مخرج لحل قضية الأسرى بين حزب الله وفلسطين مع اسرائيل
من طبيعة عمله يستخدم فيه الانترنت كثيرا ففكر أن يجرب عن طريقه ايجاد عروس فاستخدم المواقع التي تساعد في ذلك
وجدها ثم فكرا أن يكون التحاور بينهما على الانترنت أشبه بفترة الخطوبة فعندما يتقابلان يكون كل واحد منهما كوّن فكرة الى حد ما لا بأس بها عن الآخر
لم يراها بعد ما زال يتفاوض معها في ارسال صورتها له ورغم رشده أحبها بل عشقها مع أنه لم يراها
هكذا تسللت كلماتها الوردية الى قلبه وسيطرت على عقله وملكت كل جوارحه ليلا ونهار
وهي في الثلاثينات من عمرها والمشكلة ليس في فارق السن بينهما حوالي 15 سنة تقريبا
فالمسألة نسبية فمثلا قد يتزوج رجل بامرأة عمرها عشرون عاما وهو سبعة وثلاثون عاما سيبدو الأمر عاديا
أو عمره اثنان وأربعون عاما عندها سيتزوج بامرأة خمسة وعشرون عاما
ولكن أين المشكلة ؟ طلعت متزوجة وأضف على ذلك لها طفلان من زوجها
امرأة ليست على وفاق مع زوجها تعيش حالة فراغ عاطفي
وزوجها لا شيء يعيبه غير أنها لا تحبه انهما يتشاركان كل شيء في الحياة الزوجية ما عدا الحوار
رجل يتحدث خارج البيت ولكنه يترك لسانه قبل دخوله
ناردا ما يتشاركان الحوار في أي أمر من أمور الحياة لا في مسلسل أو فيلم يشاهدناه أو برنامج يسمعانه أو حدث في الأخبار حتى في شئون المنزل ومسئولية الأطفال حوارهما بسيط مع أنهما متعلمان ومثقفان
رويدا رويدا تسرب الحب منهما مثل ما يتسرب الماء من ملئ الكفين ودخلت في دوامة من الفراغ العاطفي وعادت الى أيام مراهقتها تحلم بفارس الأحلام الذي من صنع مخليتها
ولجت ساحة الانترت ثم وجدت اعلانات البحث عن شريك الحياة فجربته فما المشكلة فهل يمكن أن يكون كل ما يقدم طلبات زواج صادق فأغلبهم يتلاعبون فلا أحد يعرف أحد فكأن عالم الانترنت هو عالم ظلال الأشخاص وليس ذاتهم
أتحدى الجرئ بكلامه فيه أن يكون كذلك ان أحد شاف وجهه أو عرف شخصيته
نتكلم مع بعضنا البعض من وراء ستار وتشعر أنك مع العالم ولكن وحدك وتنظر الى كل الناس ولا يرونك
قد يعجبهم رأيك ولكن الأهم من هو صاحبه فكأنك وضعت نفسك في حصار ان لم يكن لك موقع خاص بك أو مدونة بصورتك وعنوانك
بدا الرجل جاد ومستعجل فاعترفت له
فما موقفه فليس من السهل عليه نزع حبها من قلبه فكأنك تخلع شجرة من جذورها متشبثة في الأرض ولا تستطيع قطع الشجرة لأنهافي قلبه قد تجرحه
قال لها لماذا فعلتي بي هذا ؟
فشرحت له مشكلتها
لا يستطيع قربها وفي نفس الوقت نسيانها
فما الحل معه ومعها خاصة أنه تعاطف معها أكثر لمشكلتها
ولكنه رجل لا يحب اللف والدوران معها يريد تحديد موقفها وان استطاع أن يتحمل جرحها على نفسه من دون أن يحل مشكلتها سيدمرها
فوضعها في مواجهة مع نفسها واسمه جمال فقال لها
اطلبي الطلاق من زوجك فأنت لا تحبيه ولا يمكن أن تبقي معه وأنت تحبين رجلا آخر ؟
فقالت له واسمها غادة
ظروفي لا تسمح لي
جمال : ما هي ظروفك
غادة : النواحي المادية فلا أملك مال لأخلعه وهو ان كان هو غنيا أعتقد أنه سيتزوج علي ولا يطلقني
جمال : لما لا تعملين وقتها تشعرين بالاستقلال ويكون عندك المال والطلاق تحصلين عليه في الحال
غادة : جميل كلامك ولكن ذكرتني بقول الله لو علم فيهم خيرا لهداهم وقتها يا حلو سيشغل العمل فراغي العاطفي
ولن أبالي بمشكلتي سيأخذ العمل كل وقتي مثل الانسان المرهق المتعب لا يهمه الا النوم والراحة ومثل الانسان المريض لا يهمه في الحياة الا الشفاء وهذا لا يحل المشكلة بل يجعلها عالقة فهل يمكن أن تعالج مرض بدواء مرض آخر
جمال : نعم مثلي أنا من جهة أخرى فيوجد عندي الكثير من الأصحاب والأصدقاء يشغلون حياتي فنسيت نفسي حتى مضت سينين عمري
جمال : والأطفال
غادة : الحب أسمى من الأمومة فلقد خلق الله أما وطفلها ولكنه خلق رجلا وامرأة أولا
جمال : اذن الحب خيارك
غادة : نعم فيوم القيامة سأهرب منهما من أجل نفسي فلما لا أتركهما من أجل حبي في الدنيا والله يتولاهما برحمته فأنظر الى مجزرة قانا فلن تستطيع أم حماية طفلها
جمال : يوجد حلقة ضائعة في مشكلتك
غادة : أنا صادقة مع نفسي وأريد حل مشكلتي اما أن أحب زوجي أو أنفصل عنه
جمال : اذن تنقصك الارادة في اتخاذ القرار
غادة : نعم
والى هنا الى اللقاء وربما للقصة بقية
فهل ستبقى حالها كما هو عليه تعيش مع زوجها من دون أن تحبه
أو ستحبه
أم ستنفصل عنه ولا تتزوج من غيره
أم ستتزوج بعد الطلاق من الذي تحبه
أو من غيره