اهتمت مصر مبكرا بالطاقة النووية في إطار اهتمامها بالأبعاد التكنولوجية والتنموية لها، والعمل علي بناء قدراتها النووية للاستخدامات السلمية من أجل مستقبلها التقني، كما أدركت مبكرا أن أي برنامج نووي ناجح يشكل فائدة كبري للاقتصاد القومي، ويؤثر علي كافة قطاعاته.
ومن هذا المنطلق، بدأ اهتمام مصر (الثورة والرئيس عبد الناصر في عام 1955) بالطاقة الذرية في إطار السياسة العامة للدولة للحفاظ علي الاستقلال السياسي والاقتصادي. وتجدر الإشارة هنا إلي مشاركة مصر في مؤتمر الأمم المتحدة الأول للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية بجنيف في 1955 بوفد كبير(18 عضوا)، وتقديمها لثلاثة بحوث توضح الاتجاهات الرئيسية للطاقة الذرية حتي الآن، الأول عن احتياجات مصر المستقبلية من الكهرباء المنتجة من الطاقة الذرية، والثاني عن اليورانيوم، والثالث عن الوقاية من الإشعاع، الأمر الذي يشير إلي امتلاك مصر الرؤية المبكرة الصحيحة بشأن الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية. وفي عام 1956، عقدت مصر أولي اتفاقياتها النووية مع الاتحاد السوفيتي السابق، وتمكنت بمقتضاها من الحصول علي أول مفاعل ذري للبحوث بقوة 2 ميجاوات، ومعجل الفاندي جراف. كانت الاتفاقية تاريخية ومهمة، لأنها أتاحت تكوين الخبرة الوطنية والتدريب، كما مهدت للبدء في البرنامج النووي الثاني الذي كان أكثر طموحا، ومن بين محاوره الأساسية الحصول علي مفاعل بقدرة أكبر، والتوسع في استخدام وإنتاج النظائر المشعة.
المشروع الأول لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء :
بدأت خطوات أول مشروع لمحطة نووية لتوليد الكهرباء في مصر في عام 1963، وشمل إنشاء وحدة نووية بقدرة 150 ميجاوات، ووحدة لتحلية مياه البحر ملحقة بها، في موقع برج العرب غرب الإسكندرية. وكان العائد الاقتصادي أيضا في الخلفية من حيث إمداد الدولة بقدرة 150 ميجا وات كهربائي، وكذا 20000 متر مكعب من المياه المزال ملوحتها يوميا، للاستفادة منها في التوسع الزراعي. كما أن الدخول في مجال إنشاء المحطات النووية يرتبط بعدة دوافع تصب في جملتها في تحقيق التقدم والتطور، أولها العمل علي توفير الاحتياجات المتزايدة من الطلب علي الكهرباء واللازمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وثانيها هو العمل علي تحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي في مصر، باعتبار أن الدخول في هذا المجال من شأنه أن يطور عدة صناعات مغذية، بالإضافة إلي الارتقاء بالمستوي العلمي والتكنولوجي والصناعي في الدولة ككل. وقد استمر مشروع مفاعل القوي من يناير 1963 حتي عام 1967 الذي توقف فيه المشروع.
المشروع الثاني :
في السبعينيات من القرن الماضي، كانت المحاولة الثانية، حين عرض الرئيس الامريكي الاسبق ريتشارد نيكسون، أثناء زيارته للقاهرة في 1974، تقديم مفاعلات نووية لمصر وإسرائيل لتوليد الكهرباء، وأيدت مصر ذلك، لإعطاء فرصة تطبيق ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي البرامج النووية لكل من مصر وإسرائيل، وهو مطلب كانت الإدارة الأمريكية قد وضعته شرطا لبيع تلك المفاعلات. ووافقت مصر، باعتبار أنه يوفر فرصة للكشف عن قدرات إسرائيل النووية، إلا أن إسرائيل تحينت الفرصة لإنهاء الصفقة، وحرمان مصر من الحصول علي مفاعلات نووية، ومنع فرض أي رقابة دولية أو أمريكية علي قدراتها النووية، وتوقفت المفاوضات بعد ذلك في 1979 .
المشروع الثالث :
كانت المحاولة الثالثة في الثمانينيات. فاستنادا إلي دراسات أظهرت أن الطاقة النووية ينبغي أن تحظي بنصيب حوالي 40% من إنتاج الطاقة في مصر بحلول عام 2000 . وضعت مصر خطة لإنشاء ثماني وحدات قوي نووية حتي عام 2000 . وبعد إعادة النظر في كل المتغيرات والظروف العالمية سياسيا واقتصاديا، وكذلك دراسة الاحتياجات من الطاقة الكهربائية والجدوي من استخدام الطاقة النووية، اتفقت جميع التوصيات، في مجلس الشعب والمجلس الأعلي للطاقة، علي المضي في برنامج نووي، مع توفير ما يلزم من اتفاقيات دولية تتيح الحصول علي المواد والتكنولوجيا النووية، وكذلك تدبير التمويل اللازم للبرنامج النووي. وبالفعل، صدقت مصر علي معاهدة منع الانتشارالنووي، وعقدت عدة اتفاقيات نووية مع الولايات المتحدة وفرنسا وكندا والمانيا وبريطانيا. وقد تم طرح المناقصة العالمية للمشروع في عام 1983، وأنهت لجان البت عملها وقدمت تقريرها بنتيجة البت في المناقصة بتاريخ 9 يوليو 1985 بعد حادثة تشيرنوبل وما أثير حولها، ورأت القيادة السياسية تأجيل موضوع إنشاء المحطة النووية.
لقد رأي البعض أن مشروع المفاعل النووي المصري أخذ وقتا طويلا . ففي يناير 1963، صدر القرار، ثم طرحت المناقصة في 1964، ثم تحليل للعطاءات من 1964 حتي 1966، وكانت المحاولة الثانية في الفترة من 1974إلي 1979 والثالثة من 1981إلي 1986، وهي فترات طويلة ساهمت في تعثر المشروع، خاصة أن بعض الدول أخذت طرقا أخري مثل الهند التي دخلت مباشرة مع كندا في اتفاق لإنشاء المفاعل، وهذا ما فعلته أيضا مصر في تنفيذ المفاعل البحثي الأول، في إطار التعاون الثنائي مع الاتحاد السوفيتي السابق. وعلي الرغم من جاذبية التحليل السابق، إلا أننا نري أن سلوك طريق المناقصات في مشروع مفاعل نووي له ما يبرره من أسباب، يتعلق بعضها بمسألة الشفافية للمشروع حتي لا يتعرض للتضخيم المتعمد مما يؤثر عليه، والأخري قد تتعلق بعدم إمكانية الحصول علي المفاعل من خلال الاتفاق الثنائي، وهو ما بدا واضحا من عدم رغبة الاتحاد السوفيتي السابق في الدخول في هذا المشروع في إطار ثنائي، وهو ما يؤكده اعتذاره عن عدم التقدم إلي المناقصة.
المفاعل البحثي الثاني :
ظل امتلاك مفاعل بحوث بقدرة أك-بر مما تمتل-كه مصر آن-ذاك (2 ميجاوات) أحد الأهداف المصرية منذ عام 1964 - 1965، حيث تم أثناء تقديم العروض في مناقصة توريد مفاعل القوي الأول في 1964، تقديم عروض لإنشاء مفاعل بحوث ضمن عرض مفاعل القوي. وفي عام 1982، عرضت ألمانيا الغربية، آنذاك، مفاعلا بحثيا كمنحة لمصر. إلا أنه بعد دراسة العرض، اتضح أن تكاليفه تقترب من تكلفة إنشاء مفاعل جديد، لذلك رفضت مصر العرض، وسعت للحصول علي مفاعل جديد. وفي بداية التسعينيات، تم التعاقد علي إنشاء مفاعل بحثي بقدرة 22 ميجاوات، وتم تنفيذه بكفاءة، وافتتحه السيد الرئيس حسني مبارك والرئيس الأرجنتيني كارلوس منعم في فبراير 1998 .
وجدير بالإشارة أن مناقصة إنشاء المفاعل البحثي الثاني كانت أول مناقصة تطرح لإنشاء مفاعل بحثي، حيث إن المناقصات الثلاث السابقة (1964، 1976، 1983) كانت لإنشاء مفاعلات قوي لتوليد الكهرباء، كما أنها أول مناقصة يتم اكتمالها وتنتهي إلي تنفيذ. ويمكن أن يدحض هذا أطروحة أن أسلوب المناقصات الذي تم اتباعه في المشروعات النووية كان غير مناسب، حيث اتضح أنه ليس هناك ما يعيب أسلوب المناقصات، لأنها حماية للدولة، من خلال إيجاد تنافس بين الشركات، الأمر الذي ييسر الحصول علي أفضل الأسعار، خاصة أن المفاعلات النووية تنتجها شركات محددة، مما يجعل عدد الشركات المتقدمة في أي مناقصة لا يزيد علي عدد أصابع اليد الواحدة. ويتوقف الأمر علي كيفية إدارة التنفيذ بسرعة وكفاءة، خاصة أنه بعد توقيع عقد توريد المفاعل يصبح أمر التوريد كأنه تم بالأمر المباشر. ومن دلالات ما حدث أيضا أنه بالرغم من كل العقبات التي صادفت برنامج إنشاء مفاعلات القوي النووية، استطاعت مصر أن تقيم مفاعلا بحثيا قدرته 22 ميجاوات، ومعه مصنع الوقود النووي الخاص به، وهو بكل المقاييس قدرة نووية متميزة. وترجع أسباب النجاح في تنفيذ المشروع، في تقديرنا، إلي وجود خبرات سابقة (فنية وإدارية ومالية) تراكمت خلال مراحل دراسات مشروعات المحطات النووية السابقة، وتوافر التمويل المحلي للمشروع، علي العكس من مشروعات مفاعلات القوي السابقة التي كانت تعتمد علي توافر تمويل خارجي، وعدم الاعتماد علي بيوت الخبرة الأجنبية عند وضع المواصفات أو تقييمها، علي العكس من مشروعات مفاعلات القوي التي كانت تعتمد علي بيوت الخبرة الأجنبية، الأمر الذي وفر وقتا وجهدا كان يمكن أن يضيعا.
مصر والمسألة النووية :
لقد تبنت مصر طريق الخيار الدبلوماسي للتعامل مع المسائل النووية علي المستويين الدولي والإقليمي. فعلي المستوي الدولي، اهتمت مصر مبكرا بالمشاركة بدور فعال في المجال الدولي لتنظيم استخدامات الطاقة الذرية. وترجع بدايته إلي نشاط وفد مصر في الأمم المتحدة، في متابعة مراحل إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما مثلت إفريقيا والشرق الأوسط في أعمال اللجنة، التي أعدت النظام الأساسي للوكالة، في عام 1957، وكانت مصر في مقدمة الدول التي بادرت بالتصديق عليه. كما شاركت مصر في لجنة الثماني عشرة لنزع السلاح، التي تولت شئون نزع السلاح في العالم، والتوصل إلي معاهدات تتصل بذلك، مثل اتفاقية الحظر الجزئي للتجارب النووية في 1963 التي وقعتها مصر عندما فتحت للتوقيع، وكذلك معاهدة منع الانتشار النووي التي وقعتها مصر عند فتحها للتوقيع في عام 1968، رغم أنه لم يكن مر أكثر من عام علي النكسة العسكرية في 1967 . وعلي المستوي الإفريقي، تحركت مصر، مع عدد من الدول الإفريقية المستقلة، عقب التفجير الفرنسي في صحراء الجزائر عام 1960، لاستصدار قرار من الجمعية العامة يؤكد جعل إفريقيا قارة لا نووية، وبالفعل صدر القرار رقم 1652 في عام 1961 . وفي عام 1964، أصدر المؤتمر الأول لقمة منظمة الوحدة الإفريقية إعلانا رسميا من القاهرة بشأن اعتبار إفريقيا منطقة لا نووية. وظلت مصر تعمل علي تحقيق هدف جعل إفريقيا قارة لا نووية، حتي تم التوقيع بالقاهرة علي معاهدة بلندابا لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في إفريقيا في أبريل 1996 . وعلي مستوي منطقة الشرق الأوسط، شاركت في رعاية مشروع قرار الجمعية العامة الخاص بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط في عام 1974، وهو القرار الذي أصبح يصدر كل عام عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي عام 1990، طورت مصر موقفها من الخيار الدبلوماسي لتدعو - في مبادرة للرئيس مبارك - إلي إنشاء منطقة خالية من جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وهو الهدف الذي تعمل من أجله الدبلوماسية المصرية، سواء في اتصالاتها الثنائية مع إسرائيل أو في المحافل الدولية المعنية بضبط التسلح، مثل مؤتمر نزع السلاح في جنيف، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولجنة ضبط التسلح والأمن الإقليمي(المتوقفة حاليا).
لقد وثقت عدة دراسات (عربية، وأجنبية) أن مصر لم تكن يوما عازمة علي امتلاك أسلحة نووية، ولم تختبر سياسة في هذا الشأن علي الإطلاق، ولهذا كان الموقف السياسي المصري من البعد العسكري للطاقة النووية موقفا ثابتا ومستمرا، وعلي امتداد فترات سياستها النووية. فلقد اتخذت مصر قرارا استراتيجيا بعدم الدخول للنادي النووي العسكري. وقد أكد الرئيس مبارك - في تصريحات مختلفة - أن مصر لم تعمل أبدا للدخول في النادي النووي العسكري، وذلك في معرض إجابته علي أسئلة صحفية أثيرت حول الموقف المصري إزاء ازدياد القوي النووية في العالم بعد التفجيرات النووية الهندية والباكستانية، وأجاب الرئيس المصري حسني مبارك عن هذا بأنه أعلن مبادرته لإخلاء الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل، وأنه سيستمر في الدعوة لذلك، وأوضح مبارك أن مصر ترددت في بناء محطة نووية لتوليد الكهرباء خوفا من مخاطر التسرب وخطورته، رغم ما طالب به المختصون والعلماء. الأكثر أهمية من هذا، وعقب التفجيرات النووية الهندية والباكستانية في مايو 1998، وفي حديث مع قادة حركة 'السلام الآن' الإسرائيلية بالقاهرة، أبلغهم مبارك بأنه رفض عرضا من إحدي جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق بشراء قنبلة نووية، وأضاف أنه رفض هذا العرض حتي لا تدخل مصر في سباق التسلح النووي. حتي الكتابات الإسرائيلية، أكدت أن مصر لم تدخل أبدا في برنامج للأسلحة النووية، وليس هناك أبلغ من هذه الدلالات. فذكر شاي فيلدمان، المحلل الاستراتيجي، أنه لا يوجد دليل علي أي محاولة مصرية للحصول علي مواد انشطارية، أو أي مؤشرات أخري علي أن مصر بدأت برنامجا للحصول علي أسلحة نووية، وذلك علي الرغم من امتلاك مصر للكوادر العلمية والهندسية النووية.
وبالرغم من هذا السجل الحافل والمشرف لمصر في مجال منع الانتشار الدولي والإقليمي، إلا أن مصر لم تدخل أيضا النادي النووي السلمي الذي تتيحه لها معاهدة منع الانتشار النووي بعد، باعتبار أن المعاهدة لا تحظر امتلاك مفاعلات القوي النووية. فلقد توافر لمصر، في أوقات مختلفة، عوامل التحرك نحو ذلك، إلا أنه لأسباب قد تكون خاصة بمصر، مثل الوضع الاقتصادي، فإنها امتنعت عن الدخول في إنشاء محطة نووية.
تطورات نووية بالمنطقة :
علي الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط قد شهدت عدة تطورات بشأن منع الانتشار النووي، مثل الإعلان عن خلو العراق من كافة أسلحة الدمار الشامل، وكذلك إخلاء ليبيا من أسلحة الدمار الشامل، وزيادة المعلومات حول برنامج إيران النووي، إلا أنه مازال هناك برنامج نووي إسرائيلي غير خاضع للضمانات النووية، تؤكد كل التقارير انه برنامج عسكري، مكن إسرائيل من امتلاك المئات من الرءوس النووية. كما شهدت المنطقة انتشارا لعدة برامج نووية سلمية، تتمثل في امتلاك محطات نووية لإنتاج الكهرباء، بالإضافة إلي امتلاك دورة وقود نووي كاملة في إيران. فمما لاشك فيه أن امتلاك إيران القدرة السياسية من ناحية والقدرة الفنية التكنولوجية من ناحية أخري، بالإضافة لتمكنها من تخصيب اليورانيوم، إنما يشكل خطوة مهمة ونقطة تحول في البرنامج النووي الايراني، وبذلك أصبحت إيران أول دولة في المنطقة (بعد إسرائيل التي تؤكد التقارير امتلاكها الأسلحة النووية) تمتلك تكنولوجيا التخصيب بشكل معلن، بالإضافة إلي امتلاكها أكبر مفاعل من حيث القدرة (1000 ميجاوات)، وهو الأول أيضا في المنطقة كمفاعل نووي لتوليد الكهرباء، أي أن إيران فرضت واقعا نوويا إقليميا جديدا بالمنطقة.
وعلي الجانب الآخر، تخطط دول أخري بالمنطقة لإنشاء محطات نووية، مثال ذلك تركيا وإسرائيل، كما أن هناك تقارير صحفية عن إمكانية تقديم مساعدات غربية (أمريكية وأوروبية خاصة فرنسا) لبرنامج نووي سلمي ليبي. جدير بالملاحظة أيضا أن الاتجاه الحالي لبناء المحطات النووية يتجه إلي الدول النامية، التي، علي عكس الدول المتقدمة، لم تستفد بعد من تلك الاستخدامات. ويبلغ عدد المحطات النووية تحت الإنشاء 32 محطة، منها 18 محطة يجري إنشاؤها في دول نامية، خاصة في آسيا. ويبدو أن بوصلة إنشاء تلك المحطات تتجه شرقا، ويبدو أن الصناعة النووية في العالم تخطت صدمة تشيرنوبيل بعد عقدين من الزمان علي مرورها.
إن الأوضاع النووية في المنطقة قد تغيرت، وينبغي دراستها بدقة لمعرفة ما سيكون عليه شكل المنطقة، كما ينبغي دراسة كيفية تعظيم الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية في مصر لدخول النادي النووي السلمي الذي يعاد تشكيله الآن، الأمر الذي يوفر عوامل للتحرك نحو ذلك أكثر من أي وقت مضي، خاصة أن هناك إمكانية لتشكيل ترتيبات دولية (في إطار حل الأزمة النووية الإيرانية) تسمح، بل وتساعد دول المنطقة علي امتلاك التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية، حيث سيكون من الأفضل( كما عبر عن ذلك مستشار الأمن القومي الامريكي الأسبق زبجنيو بريجينسيكي) السماح لإيران باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، في إطار ترتيب دولي يعترف بذلك أيضا للدول التي ترغب في الحصول علي التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية. ويدعم ذلك أيضا أن إعلان القمة العربية في الخرطوم في 28 و 29 مارس 2006 تضمن قرارا لدعم البحث العلمي والتكنولوجي، وتخصيص الإمكانيات المالية اللازمة وزيادة الموارد المخصصة له، والعمل علي تطوير برامج الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وهو قرار مهم، يضاف للمرة الأولي في قرارات القمة.
في ضوء هذه المتغيرات المهمة علي الوضع الدولي للطاقة النووية، وتنامي الاتجاه لاستخدامها في توليد الكهرباء علي المستوي الإقليمي، واتساع دورها في مجالات التنمية في الدول النامية التي قطعت شوطا فيها، خاصة في منطقة آسيا، قد يكون من الملائم لمصر إعادة تقدير الحسابات في ظل المعطيات الجديدة، ومراجعة منهج الاعتماد علي البترول (الذي تقل احتياطياته محليا ويرتفع سعره عالميا) والغاز في المرحلة القادمة. فقد يكون الوقت قد حان للتخلص من عقدة تشيرنوبل، بعد أن تحررت منها الدول والصناعة النووية علي مستوي العالم.