مساءكم أنوار ،
القضية بشكل ما طويلة وأظن سردي سيجعلها تبدو رتيبة لكن تحملوني !!
صدامي لما يصطلح عليه اسم الحياة المدنية قبل سن الثامنة عشر قد يكون بالنسبة لي صدام طفل يرى للمرة الأولى معالم الكون حوله ، يبهره حنان أمه ويتسأل عن جمود آخرين.
على مقاعد الدراسة علمونا أن لنا حقوقـًا في هذه الدولة وتمادوا في إنشاء معلقات عن حقنا بالتعبير وحقنا بالمساواة وحقنا بالمعارضة والاستنكار وحقوقنا الاجتماعية و الاقتصادية و علمونا واجباتنا أيضًا تجاه المجتمع و الدولة و مسمى هذه الواجبات كان مختلطًا مع مفهوم الحقوق وهكذا كثير من كلام الإنشاء.
وفي مكتبة الوالد تشبعت بهذه المفاضلة بين حقوقي و واجباتي المدنية ، تحمست للفكرة وللتطبيق الفعلي حقًا و حسبت بسفه أن كثيريين مثلي.
ببساطة بنيت مدينة فاضلة أخرى بخيالي و تخيلت مصر أمامي عروس و أنا أحمل لها فستانها الأبيض من الخلف كي لا ينجسه التراب !!
الاختبارات الأولى لهذه المعاني لم أراها إلا حين تقوم الانتخابات البرلمانية بمراحلها الثلاث عندنا ومتابعة الصحف القومية (( الحكومية )) و صحف المعارضة ، الفشل الأول حين عاصرت إغلاق أكثر من صحيفة لمجرد أنها صحيفة معارضة !! الفشل الثاني وهو ما ترك بي أكبر الأثر:الانتخابات البرلمانية الأخيرة حيث اعتقل خالي ولولا غياب الوالد لكان ذهب معه.
ما اعتقل خالي سوى لأنه تحمس (( مثلي)) للقيام بحقه (( المصيبة أنه واجب وليس حق لكن بسفه من الأنظمة صار حق نطالب به بدل أن يكون واجب مطلوب منا)) الشرعي بالانخراط بالدعاية الانتخابية لمن أعتقد أنه يستحق.
يستطيع الجميع أن يتخيلوا مقدار الإحباط أو ربما حتى الإحساس بالفشل إثر ذاك التعسف ، المشكلة الأكبر أن ما علمونا إياه بالمدارس كان مجرد حبر على ورق ولو أراد أي كان (( بنية حسنة)) أن يطبقه وجد الرشاش بوجهه
تلك الأمور ولدت لدي سؤال لم ولن أدري إجابته ..
" إذا كانت الأمور تسير على هذا النحو فلما لا يتحرك سيل الشعب ، ما الذي يختلف فيه شعبنا عن شعب جورجيا مثلًا أو قيرغستان ؟؟"
أتابع نشرة الأخبار غير بعيد فيأتي خبر أن شعب المجر أذكر منتفض و محتقن لأن رئيس وزراءه أو رئيسه لا أذكر بالضبط كذب !!
ضحكت حتى دمعت عيني " ليتهم ينظرون حجم الكذب عندنا حتى بأقدس الاتجاهات (( الاتجاه التعليمي)) كذبوا علينا " و عاد لي السؤال من جديد ما مشكلة الشعب عندنا ؟؟!
و أي سر ذاك الذي تعرفه الأنظمة لتركن و بقوة لرهان " الشعب لن يفيق "
أكملنا الثامنة عشر منذ شهر مضى وصرت فرد محسوب بذاك الشعب و اختباري الأول كان مع انتخابات الاتحاد الطلابي بجامعتي .
الكذب عندنا و التلفيق و التزوير كثير فحتى في هذا الاتحاد (( كنت سأعتبره رهاني الوحيد على مدينتي الفاضلة )) حدث التعسف وعين لنا اتحاد لم ننتخبه مع العلم ذاك الاتحاد الملفق معه ميزانية لينفقها بأنشطته لنا (( أعلم أننا لن نرى منا مليمًا))
بصيص أمل ظهر، بعض الطلبة (( طلبة التيار الإسلامي)) قاموا بشيء منحني للمرة الأولى الابتسام (( لمدينتي الفاضلة)) .
اتحاد طلابي حر هم أشرفوا عليه و راقبت انتخاباته لجان من أساتذنا بالكليات و بعض لجان من منظمات حقوقية و انتخبنا من وجدناه يروق لنا لكن بالطبع الإقبال كان ضئييل جدًاااااااا
بعض صديقاتي ألححت أن ينتخبن فكان ردهم سلبيًا و إن نجحت مع بعض منهن.
و عادت لي التساؤلات " لماذا لا ينتفض الشعب ؟؟!" مع أسئلة جديدة " لو انتفض بعض الشعب لماذا لن يتحرك البقية ؟؟!"
أتمنى لو يفشي لي أحد بهذه الأسرار و يخبرني ما سر حساسية شعوب بني العرب من الحياة المدنية بمصطلحها الحقوقي و الواجبي؟؟!