بسم الله الرحمن الرحيم:
في هذه الرسالة :
مناظرة علمية مع بعض رؤوس الشيعة الإمامية الاثني عشرية حول أصولنا الربانية الهادية ، وأصولهم الشيطانية الضالة وانتهت تلك المناظرة بحمد الله تعالى بانتصار الحق وهزيمة الباطل وأهل السنة رؤوسهم مرفوعة وراياتهم عاليه ، وأهل الإمامية الاثني عشرية منكسة رؤوسهم والخزي والعار باد على قسمات وجوههم فالحمد لله القائل ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا )
إهداء :
إلى كل مسلم نقي طاهر يستمسك بكتاب الله عز وجل ، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ، ويتبع سبيل المؤمنين صحابة النبي الكرام البررة رضي الله عنهم أجمعين ، ويود ويحب ويتولى قرابة النبي وآل بيته الأطهار المطهرين عليهم من الله أفضل صلاة وأتم تسليم .
وذلك حتى يزيد من تمسكه بتلك الأصول التي قامت عليها عقائد الفرقة الناجية والجماعة الظاهرة المنصورة ( أهل السنة ) الغر الميامين .
وإلى كل عالم خاشع راسخ في العلم عامل بعلمه ، يسعى جهده لنشر السنة ومحاربة البدعة وإظهار الحق ودحض الباطل .
وذلك حتى يعلم أن له إخوانا يؤازرونه في نصرة الحق والتصدي لأهل البدعة والضلال ، وأهل الشرك والكفر ، وأهل الزندقة والانحلال .
وإلى كل باحث عن صراط الله المستقيم وسط سبل الفرقة والضلال .
ليعلم الحق من الباطل ، والهدى من الضلال ، والسنة من البدعة ، والإيمان من الكفر ، والتزكية من التدسية ، والفلاح من الخسران .
وإلى كل متباك على الوحدة الزائفة والتقارب المكذوب الذي يدلس به المجرمون على سليمي القلوب وحسني النيات .
ليعلم أنه لا توسط بين النور والظلام ، وبين الإيمان والكفر ، وبين التقوى والإلحاد .
وليعلم أن المسلم الصادق لا يركن إلى الظالمين ولا إلى الضالين عملا بقوله تعالى : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) .
المقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد
صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمة الإسلام ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة .
والفرقة الناجية هي التي تتمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام البررة ، أئمة المؤمنين وسادة المتقين ، وخير الناس بعد الأنبياء ، وخير أمة هي خير أمة اخرجت للناس ، قال تعالى ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) .
وعلى التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع سبيل المؤمنين قام المعتقد والمنهاج الذي عليه أهل الطائفة الظاهرة والفرقة الناجية ( أهل السنة والجماعة ) .
وعلماء الفرقة الناجية أخذوا يدرسون أصول الضلال عند الفرق الثنتين والسبعين الضالة المستحقة الوعيد بالنار ، فتوصلوا جميعا واتفقوا عامتهم على أن أضل تلك الفرق هي الشيعة حتى سموها شيعة الباطل ، أو شيعة الضلال ، أو شيعة الأهواء . وشيعة الهوى أضل فرق الإسلام لكونهم قوما لا عقل ولا نقل عندهم ، فهم كالأنعام بل هم أضل سبيلا .
والأدهى من ذلك أن الشيعة الضالة منقسمة من داخلها إلى قريب من ثلاثمائة فرقة ضالة ، ومن أضل تلك الفرق فرقة الاثني عشرية ، وذلك لكونها ما تركت ضلالا قديما ولا حديثا إلا وتمسكت به وعضت عليه بالنواجذ ، ولا رأت صراطا مستقيما وحقا واضحا إلا وتعمدت مخالفته .
وهذه الفرقة الهالكة يقوم دينها على أصول غاية في الضلال ، فهو يقوم على التشكيك في الكتاب ، وعلى إنكار السنة ، وعلى الغلو في الأئمة ، وعلى تكفير أئمة المؤمنين صحابة النبي الكريم واتباع غير سبيلهم ، وعلى الكذب والنفاق والتدليس ، وعلى استحلال الفروج بستار المتعة ، وعلى استحلال أموال الناس وأعراضهم ودمائهم تحت مسمى النصب والعداء لآل البيت ، وهم يدعون التشيع لآل البيت وهم أول المخالفين لهم بالمبغضين لهديهم .
وعلى الرغم من التيه والضلال والغي والفجور والكذب والنفاق الذي يعي عليه هؤلاء ، فقد انتشر لهم هذه الأيام نشاط مريب يدفعهم إليه الشيطان وأعوانه ، ليصدوا عن الحق وعن الصراط المستقيم ، وهو يحثهم على بذل الجهد والوقت والمال من أجل نشر بدعتهم وتعميم كفرهم ونصرة باطلهم .
والله تعالى يقول : ( إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون * ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون ) سورة الأنفال آيتي 36 و37 .
وقد هالني وفجعني أن رأيت هؤلاء يستدرجون بعض السذج والبسطاء من المسلمين ويجرونهم إلى التشيع الضال تحت ادعاء المودة والمحبة لآل البيت ، ولا يعرف البسطاء منا أن ادعاء محبة آل البيت مجرد ستار خادع لإخراج المسلمين من دينهم وإيمانهم وإسلامهم إلى الشك في القرآن ، وإلى الكفر بالرحمن ، وإلى سب الصحب الكرام ، وإلى بغض أهل الإسلام .
وكم ثارت غيرتي وحميتي على ديني وأنا أرى أهل الحق عن حقهم قاعدين ، وهؤلاء رافضة الحق وشيعة الباطل على باطلهم قائمون وبه مستمسكون ، ولكن المرء لا يملك سوى الحوقلة والاسترجاع .
وشاء المولى عز وجل أن يكون لي سهم في جهاد هؤلاء والتصدي لباطلهم ، إذ جاءني شاب من أهل السنة حيران ، وسبب حيرته أن قد امتدت إليه أيدي الشيعة القذرة النجسة الآثمة المفسدة ، ودخلوا عليه من جهلة وقلة اطلاعه على عقائد أهل السنة والجماعة الناجية ، وعلى حقيقة هؤلاء الأرجاس الأنكاس ، فاستطاعوا غزو عقيدته الصحيحة السليمة بالمكر والخداع تارة ، وبالتحبب المصطنع والترغيب تارة ، حيث تظاهروا بمودته وأغدقوا عليه من الكرم الزائف المغرض ، ودخلوا عليه من باب حب آل بيت النبي الأطهار عليهم رضوان الله ، حتى ظن المسكين أنهم ملائكة الرحمن وفرسان الحق ، ولكن سرعان ما أفهموه أن هذه المحبة لا بد وأن يتبعها الكره والبغضاء والسب واللعن والشتيمة على أعدائهم - أعداء آل البيت عليهم السلام - فظن المسكين أن أعداء أهل البيت هم اليهود والنصارى أو المشركون أو الملاحدة والوثنيون أو غيرهم من أعداء الإسلام والمسلمين ، وكانت الطامة عندما أخبروه أن أعداء آل البيت هم الصحابة الكفار المرتدون الزنادقة المنافقون ! !
والرجل يقرأ القرآن ويعلم يقينا أن الصحب الكرام هم أئمة المؤمنين وهم حملة الإسلام وهم فرسان الحق الذين اصطفاهم الله لحمل أمانة دينه وجعلهم خير أمة هي خير أمة أخرجت للناس ، وجعلهم خير صحب الأنبياء والمرسلين ، ويقرأ دوما في القرآن أن لهم من الله الرضوان والثناء والحسنى ، وينظر إلى مخاطبة الله لهم بالمتقين والمحسنين والمؤمنين والمجاهدين والصابرين والشاكرين ، فبدأت حيرته وتشكك في هؤلاء فلبسوا له لبوس الكباش ، وقلوبهم قلوب الذئاب ، ورووا له مئات الروايات المكذوبة عن ظلم الصحابة لآل بيت النبوة ، فتشكك الرجل في الإسلام كله ، وتمنى لو لم تلده أمه ، وجاءني يشكو حيرته ، ويطلب الحقيقة .
فأعلمته بالحقيقة البيضاء الناصعة وبالمحجة البيضاء الواضحة ، وبأن أهل الحق هم أهل السنة الغراء ، أهل القرآن والسنة ، وأهل محبة الصحب الكرام وآل بيت النبوة الأطهار ، وأهل الجماعة والوحدة ، وأهل الإسلام والإيمان والإحسان .
وأعلمته بحقيقة هؤلاء الشياطين وأنهم كفار مرتدون ، وقد حكم بكفرهم جل علماء الإسلام والمسلمين ، وأنه لولا تقيتهم ونفاقهم وإظهارهم غير ما يبطنون لحكم بكفرهم النساء والصبيان والعته والمجانين .
وأعلمته أن دين الإمامية الإثني عشرية حرص أهله كل الحرص على أن يجمعوا له كل كفر تفوهت به الأمم الكافرة ، وكل شرك وقعت فيه الأمم الوثنية المشركة الغابرة ، وكل غلو وقعت فيه اليهود والنصارى والصابئة ، وكل انحلال عرفت به فرق التبطن والإلحاد والزندقة ، وكل ضلال وبدعة وخرافة تفوهت بها فرق الضلال المعاصرة .
أخذوا من اليهود خستهم ، ومن النصارى ضلالهم وغلوهم ، ومن المجوس جل معتقداتهم ، ومن الملاحدة تقيتهم ونفاقهم .
وأخذوا عن الجهمية تجهمهم ، وعن القدرية - مجوس الأمة - بدعتهم ، وعن المعتزلة الضالة اعتزالهم ، وعن الخوارج حمقهم ونزقهم .
وأعلمته أن الإمامية الإثني عشرية قوم لم يدعوا ضلالا إلا وتلقنوه ، ولا جهلا وخرافة إلا وآمنوا بها وأيقنوا بحدوثها ، ولا غيا وخسة وخيانة إلا وتدثروا بها ، ولا غلوا إلا وأخذوه ، فهم شيعة الشياطين ، وهم شياطين الإنس ، وهم المنافقون حقا ، يدعون الإيمان ويبطنون الكفر والزندقة ، ويدلسون على المؤمنين الأتقياء دينهم ، ويأخذون بأيديهم من الإيمان إلى الكفر ، ومن اليقين إلى الشك ، ومن الراحة إلى الحيرة والتيه ، وليس لنا فيهم عزاء سوى قول الله تعالى ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ) . فأثلج هذا الكلام حر الحيرة في دماء صاحبي ، وعادت له ثقته بإسلامه وإيمانه وتقواه ، ومشى من عندي على خير حال وترضى عن الصحب الكرام .
وفي اليوم التالي جاءني ساعيا ، وقال إن القوم مجتمعون ، وهم لك الآن منتظرون ، وعلى مناظرتك مصممون ، فأحزم الأمر ، واعزم الرأي ، وتوكل على الله ، وعلى الله فليتوكل المتوكلون .
فقلت له : إن هؤلاء قوم غلبت عليهم أهواءهم إلى أقصى حد ، فلا يوجد عندهم مجال لأن يسمعوا الحق من أحد .
وهم أكذب الخلق ، يرون الكذب دينا وعبادة ، وقربة وفضيلة ، ومتى كان الكذب في صنف من الناس لم يسمعوا الحق ، وإن سمعوا فلا يعتبروا وهم قوم مخادعون يظهرون غير ما يبطنون ، ويبطنون خلاف ما يظهرون فلن نصل معهم بالمناظرة إلى فائدة ترجى .
وأضف إلى ذلك أنهم قوم لا عقول لهم فيتعظوا ويتدبروا ، ولا نقول لهم صحيحة فنرجع إليها ونحاججهم بها ، وهم لا يعيشون ولا يدينون إلا بعواطف خادعة كاذبة خاطئة يحركها إبليس الرجيم ، وحمية جاهلية لا تكون إلا عند الكافرين ، وخرافات وأساطير لا يقبلها عقل ولا دين ، وهم بتلك العواطف والخرافات والأساطير معجبون مفتونون ، فأنى يجدي معهم النقاش والمناظرة ؟ !
الشاهد : لم يفلح ذلك كله مع صاحبي وسيقت إلى المناظرة سوقا ، وذهبت إليها رغما ، وكانت المناظرة لي من الله عز وجل قدرا مسبقا .
وقد طالت تلك المناظرة حتى تناولت أكثر جوانب الخلاف ، واستمرت على مدى يومين متتاليين من العشاء إلى صلاة الفجر .
وقد كنت بحمد الله عز وجل وفضله ومنته موفقا ، بتوفيق الله وحده ، وجرى بحمد الله عز وجل على لساني الحق سهلا ميسرا ، بتيسير الله وحده ، حتى كان في نهاية المناظرة أن صاح صاحبي : الحمد لله الذي أظهر الحق ، الحمد الله الذي أظهر الحق ، الآن ولدت من جديد وذقت طعم الحق ، الحمد لله الذي أعلى على لسانك الحق .
وهم في ذلك كله أذلة صاغرون ، منكسة رؤوسهم وبالحق محجوجون ، فالحمد لله الذي أظهر الحق وأبان الحجة ، ليهلك من هلك من الحاضرين عن بينة ويحيى من حيي من الحاضرين عن بينة ، والحمد لله أولا وآخرا .
وحرصا على نشر العلم ، وإفادة المسلمين ، وتنبيه الغافلين إلى خطر هؤلاء ، وتحذير المغفلين عن مصاحبة هؤلاء ، وإسكات السذج المتباكين على التقارب والوحدة مع هؤلاء ، وإعلام العلماء سليمي الصدور بحقيقة هؤلاء ، وما عليه جميعهم من الكفر والشرك والبدعة والضلالة والجهل والخرافة ، والكذب والخديعة ، والنفاق والخيانة ، والتحلل والفجور ، والزندقة والإلحاد . . . ، حرصا على ذلك كله سعيت إلى سطر تلك الملحمة الصادقة والحجة الواضحة .
في الصفحات التالية مناظرة حدثت بيني وبين بعض سادة الشيعة الإمامية الإثني عشرية ، وقد جاءت تلك المناظرة قدرا من الله تعالى على غير ترتيب مني ، ولكنها مشيئة الله تعالى حتى يظهر الحق واضحا جليا لبعض أهل السنة والجماعة المخدوعين ، الذين غرهم النشاط الدعوي الخبيث الذي تقوم به مؤسسات شيعية متعصبة ، تزعم التقارب الديني ظاهرا ، وتبطن نشر التشيع بين شباب أهل السنة والجماعة الذين لم يشتد عودهم على الحق الخالص .
يريدون أن يخرجوهم من اليقين في الكتاب والسنة إلى الشك فيهما ، ومن اليقين في جيل القدوة الصالحة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم الذين رباهم الله تعالى على عينه وعنايته وزكاهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن والحكمة ، يريدون أن يخرجوهم من اليقين في هؤلاء الكرام البررة وفي عدالتهم وعلو قدرهم ، إلى سبهم ولعنهم وتكفيرهم ، ومن سلامة الصدر لكل مسلم موحد ، إلى استحلال دمه وماله وكافة حرماته .
ويريدون أن يخرجوهم من الحق إلى الباطل ومن الهدى إلى الضلال ، بخبث ودهاء ومكر وخديعة ، ولكن هيهات أن يزهق الحق ويظهر الباطل ، فإن الله تعالى يقول : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) .
وقد طالت هذه المناظرة حتى تناولت أكثر جوانب الخلاف بين أهل الحق الخالص أهل السنة والجماعة ، وبين أهل الباطل شيعة الضلال وروافض الحق ، وظهر الحق واضحا للعيان ، حتى صاح أحد أولئك المخدوعين في نهاية المناظرة قائلا : ( الحمد لله الذي أظهر الحق ، الحمد الله الذي أظهر الحق ، الآن ولدت من جديد وعرفت الحق ، الحمد لله الذي أظهر على لسانك الحق ) ، وهم في ذلك كله صاغرون أذلة محجوجون ، فالحمد لله الذي أظهر الحق حتى يهلك من هلك عن بينه ويحيى من حي عن بينه .
وأسأل الله عز وجل أن يجعل فيها فائدة ونصيحة للمسلمين ، وأن تكون إسهاما صحيحا في توعية المسلمين بحقيقة أعدائهم المخادعين الماكرين . وأحتسب الأجر من الله وحده ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، والحمد لله رب العالمين .
سبب المناظرة :
قناعتي شديدة بأن الجدال مع أهل التشيع الباطل غالبا لا يثمر شيئا ، وذلك لأنهم حقا أكذب الناس ، يعتبرون الكذب دينا وعبادة وقربة إلى ربهم ، وهذه الصفة ما كانت في صنف من الناس فإن الجدال مع هذا الصنف لا يفيد لأنه يظهر خلاف ما يبطن ، ويبطن خلاف ما يظهر ، ويروغ في الحديث روغان الثعالب ، ويخادع قدر استطاعته فإن غلبته أظهر الرجوع إلى الحق وهو في باطنه يدلس عليك ، فلا يستمر النقاش معه إلى خير ولا يصل إلى فائدة .
وكذلك فإنهم قوم غلبت عليهم أهواؤهم إلى أقصى حد ممكن ، وهذا الهوى لم يجعل لهم مجالا لأن يسمعوا الحق أو يفكروا فيه .
ومعضلة ثالثة أنهم قوم لا عقل لهم ولا نقل ، فإذا حدثتهم بالعقل لا يعقلون ، فهم يعيشون بعواطف خادعة وخرافات جاهلة لا يقبلها عقل ولا دين ، ولكنهم مفتونون بها معجبون بها.
وإذا حدثتهم بالنقل فهم أبعد الناس عنه وأجهل الناس به ، فكل حديثهم على منوال حدثني جدي عن جبريل ، أو حدثني قلبي عن ربي ، ولذلك ولغيره تكونت لي قناعة أكيدة بكون الجدال مع هؤلاء لا يفيد ولا يثمر والشاهد أن هذه المناظرة سيقت إلى سوقا ، وكانت لي قدرا لم أبحث عنه .
وسببها أن هناك شاب من أهل السنة والجماعة أحسبه على أدب جم وخلق دمث ، إلا أنه قليل العلم قليل الاطلاع على كتب أهل السنة والجماعة ، امتدت إلى قلب وعقل هذا الشاب أيدي الشيعة الآثمة ودخلوا عليه من جهله وقلة اطلاعه واستطاعوا غزو عقيدته الصافية الصحيحة بمكرهم ودهائهم ، حيث تظاهروا بمحبته ومودته وأغدقوا عليه من كرمهم المصطنع ، حتى ظن أنهم من أحسن الخلق خلقا ودينا ، فلما وثق فيهم حدثوه عن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الأطهار المطهرين ، وكيف أنهم شيعة أهل البيت المظلومين على مر عصور الإسلام ، وكيف أنهم شيعة الإمام علي - رضي الله عنه - الذي آخاه النبي صلى الله عليه وسلم وجعله بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام ، ووالاه وتولاه وقال : اللهم وال من والاه وعاد من عاده ، وكيف أنهم أحبة الحسن والحسين وأمهما سيدة نساء أهل الجنة وسيدا شباب أهل الجنة ، وكيف . . . وكيف .
حتى ظن المسكين أنهم ملائكة الحق أرسلهم الله إليه لهدايته . . وسأدعه يتكلم عن نفسه في هذه المرحلة ، فهو خير من يدلنا على حاله وحالهم معه .
الشاب الحيران يتكلم عن حاله وسبب حيرته :
جاءني الشاب الخلوق وكانت أول مرة أتعرف عليه فيها فقال لي : يا فلان إنني في حيرة شديدة من أمري وأتمنى لو لم تلدني أمي ، ولم أخرج إلى هذه الأرض .
فقلت له : هدىء من روعك فإن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء ، وقد أمرنا أن لا نقنط من رحمة الله تعالى ، وجعلت أهدىء من روعه وأنا أظن أنه في ضائقة شديدة ولكني لا أعرفها .
فقال لي : يا فلان ، سمعت عنك خيرا وجئتك لعلي أجد عندك ضالتي وأحسبك على خير والله حسيبك ولا أزكي على الله أحدا .
فقلت له : كلي إن شاء الله آذان صاغية ، فتفضل فقل ما عندك لعلك إن شاه الله تجد لحيرتك جوابا ، والله المستعان .
فقال الشاب : منذ فترة تعرفت على شاب شيعي ودار بيننا تعامل وعمل وتوثقت بيننا صلات ، حتى وثق في ووثقت فيه ، ووجدته يحدثني كثيرا عن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، والحقيقة غمرني حبه الشديد لآل بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وكيف لا وكل مسلم مطالب بهذه المودة عملا بقول الله عز وجل : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ، وعملا بقول نبيه صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) ، ولا شك أن قرابة النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلى المؤمن من قرابة نفسه .
الشاهد ازداد تعلقي بهذا الشاب الشيعي رغم كل ما أعلمه عن الشيعة - وهي معلومات يعلمها كل سني - بأنهم قوم ضالون مبتدعون . فإذا به يزداد تقربا مني ، وتزداد ألفته لي بصورة ملحوظة ، حتى كان يأتيني بسيارته ليقضي لي الكثير من حاجاتي ، حتى اشتراني بكرمه وصدق علي قول الشاعر : ( وإذا أنت أكرمت الكريم ملكته ) .
الشاهد بدأ يحدثني كثيرا عن معتقدات طيبة حسنة كنت قبل ذلك أظن الشيعة أبعد الناس عنها ، يحدثني عن حبه وحب الشيعة قاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وحبه وحب الشيعة قاطبة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قال فيها النبي : ( ألا إن فاطمة بضعة مني ، من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل ) ، وسيدة نساء أهل الجنة ، وحبه للحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وحبه وحب الشيعة قاطبة للإمام علي أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ووليه وحبيبه وأبي ولديه ، وكل هذا لا اعتراض عليه بل أنا في قرارة نفسي أطبقه وأعترف به وأجله وكنت أقول له : وهكذا نحن نحب هؤلاء كلهم فيسكت ، وكلن على مضض .
توثقت العلاقة بيني وبينه فكان يأخذني إلى أصحابة وكلهم على شاكلته ، أخلاقهم حسنة عظيمة وحفاوتهم بي بالغة ، وجعلت أشعر أن هؤلاء ليسوا بشرا بل ملائكة يمشون على الأرض ، إذا طلبت حاجة كانت في الصباح عندي ، وإذا أردت الذهاب إلى مكان بادروني جميعهم إلى توصيلي ، وهكذا ثم أعطوني كتبا جميلة حسنة لا أكاد أرى فيها شيئا مما سمعته عندنا عن الشيعة وأباطيلهم ، ولا زلت أذكر ذلك الكتاب الذي جعلني أفكر في التشيع إنه كتاب : أهل البيت : مقامهم - منهجهم - مسارهم .
الكتاب ممتلىء بأحاديث وثقها أهل السنة والجماعة تدعوا إلى حب آل البيت وتولي آل البيت والثناء على آل البيت ، ولكنه كان يأخذني رويدا نحو عقيدتهم التي يعتقدونها ، يثير في نفسي الشبهة ويحلها بعدها بأسطر قليلة ، فالشيعة كما يبدو من الكتاب يؤمنون بالقرآن ويؤمنون بالحديث ويجلون آل البيت ، وهذا ما يطلبه كل مسلم مؤمن موحد .
ففاتحت صاحبي أن يحدثني عن مذهبه الشيعي ، والذي كنت مغشوشا فيه فقد كنت أسمع أنه مذهب ضال منحرف يقوم على سب الصحابة ولعنهم وتكفيرهم وعلى بغض أهل السنة والجماعة وعلى تحريف القرآن ، وهاأنذا أرى كتبكم تنفي ذلك كله ، فحدثني عن التشيع يرحمك الله .
فأعطاني كتابا لا زلت أذكر اسمه هو ( المراجعات ) ، فانكببت عليه أقرؤه وأعيد قراءته ، وأنا أتعجب لهذا الشيخ الجليل شيخ الأزهر وهو يسلم لجميع حجج ومقولات شاب من شباب التشيع آنذاك وهو عبدالحسين شرف الدين الموسوي .
وفرحت لهذا الكتاب وجعلت أقول : أين أهل السنة والجماعة من هذا الكتاب ، وجعلت أتصور الوحدة بيننا وبين الشيعة قريبة لا يقف حاجزا أمامها سوى جهل علمائنا بحقيقة الشيعة ، وبمساعدة صاحبي صار فهمي للوحدة هو تشييع كل أهل السنة حتى نكون جميعا في سفينة النجاة ، سفينة النبي وآله الكرام الأطهار .
الشاهد حتى لا أطيل عليك ظللت على هذه الحال فترة من الزمن حوالي أربعة أشهر ، ازداد خلالها ارتباطي بأخي الشيعي حتى صرت أذهب معه إلى ندوات العلم عندهم ، وليتني ما ذهبت !
لعلك تتعجب ! نعم ليتني ما ذهبت لقد كانت عادتي كلما سمعت اسم أبي بكر أو عمر أن أقول : رضي الله عنهما ، وذلك لأن أبابكر هو الصديق وهو صاحب النبي في الغار وهو ثاني اثنين في الإسلام وهو والد الصديقة عائشة أم المؤمنين ، وفوق ذلك كله هو خليفة المسلمين ، وعمر الفاروق كذلك هو الفاروق بين الحق والباطل ، وهو الذي أيد الله عز وجل الإسلام به وفتح البلدان على يديه ، وهو خليفة المسلمين الإمام العادل أمير المؤمنين هكذا كانت عقيدتي فيهما .
ولكنهم كانوا يصبرون في البداية ، وكثيرا ما حدثني صاحبي عن الظلم الذي وقع للإمام علي ، وسلبه حقه في اللاية والخلافة ، ولكنه كان لا يجد تشجيعا مني على هذا الأمر ، حتى صارت تلك الحادثة :
كنت في منتدى لهم فذكر اسم عمر الفاروق فقلت : رضي الله عنه فزجرني أحدهم وقال : هذا كافر مرتد ملعون لا تترضى عليه ، والحقيقة وقع هذا الكلام علي وقع الصاعقة ، إذ أين هذا من كتبهم التي عرضوها علي وهي لا تمس الصحابة بسوء ، فقلت لعل الرجل متطرف مغال ، فإذا بي أجدهم كلهم على هذا الأمر .
وصارحني صاحبي قائلا : إن عقيدتنا تقوم على الولاء والبراء ، والولاء هو حب آل البيت الأطهار ، والبراء هو بغض الذين اعتدوا عليهم وسلبوهم حقوقهم .
وجعل يحدثني كيف أن أبابكر وعمر تمالآ على ظلم آل البيت ، وكيف أنهما أهانا عليا وأقدما على إحراق بيته وبيت فاطمة وبيت فاطمة وضربوها على بطنها حتى أسقطت جنينها وماتت متأثرة بجراحها ، قصص مخزية كثيرة يتعالى السفلة عن فعلها ، فعلها عمر وأبوبكر .
والحقيقة لا أخفي عليك أنني تلاشت مناعتي السنية تماما وصرت معهم أصدق تلك الروايات التي يروونها في حق أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ، حتى تسرب إلى قلبي بغضهما ، نعم تسرب إلى قلبي بغضهما - لا سيما وأنا أسمع قصة الرزية (1) ، وكيف أن عمر وقف في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنعه من كتابة الوصية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- يقصد الشيعة بهذا اليوم يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ويزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في هذااليوم يطلب كتابا ليكتب للمسلمين الوصصاية لعلي ، فقال عمر : يكفينا كتاب الله وإقحام الوصية لعلي هنا من أوهام الشيعة وحدها ، وحديث يوم الرزية ليس فيه أي إشارة إلى علي رضي الله عنه كما أنه كان يوم الخميس وليس يوم الأثنين الذي مات فيه النبي صلى الله عليه وسلم والحديث رواه البخاري في كتاب العلم (114) وفي الجهاد (3053) ، وفي الجزية ( 3168) ، وفي المغازي (4431) ، (4432) ، وفي المرض (5669) ، وفي الاعتصام (7366) ورواه مسلم في الوصية (1637) وقد وجه الروايات الواردة ابن حجر في الفتح (7/739-740) وخلاصة موقف عمر رضي الله عنه أنه أشفق على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ) والثابت عندنا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يدلنا على :
1- أن عمر من الملهمين المكلمين ، وأن الله وضع الحق على لسانه ، وأن أول من يصافحة الحق عمر ، وأنه لو كان نبي في الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لكان عمر ، ولذلك ألهم الله تعالى عمر رضي الله عنه أنه لما وجد تعب النبي صلى الله عليه وسلم وإعياءه رفق به ، فقال : حسبنا كتاب الله ، وكان في قوله الخير للمسلمين إذ ترك المجال للأمة بعد ذلك أن تختار أفضلها وخيرها ، وكان أبوبكر رضي الله عنه .
2- والوارد عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة في مرضة الأخير : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول : أنا أولى : ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر ( صحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة 4/1857 (2387) ومسند الإمام أحمد 6: 144 ، وطبقات ابن سعد 1 : 127 ، ومسند أبي داود الطيالسي ، الحديث (1508 ) ، وانظر في ذلك العواصم من القواصم ط. بيروت للقاضي ابن العربي ص 189 .
3- وعلى ذلك فحتى لو أحضر المسلمون الكتاب لما تغير شيء فالأمر إلى أبي بكر على كل حال ، ولكن كان يفوت المسلمين فضيلة انتخاب الخليفة ، فعلمنا من ذلك أن الحق أيضا مع أمير المؤمنين المحدث عمر رضي الله عنه .
4- النبي صلى الله عليه وسلم لو كان أمر الكتاب ضروريا لما تركه ، وهذا يدل على عدم ضرورته ، وكلنا يعلم أن الدين قد تم واكتمل قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولا يحتاج لمحدثة بده أبدا .
5 - النبي صلى الله عليه وسلم لو أراد أن يوصي إلى الإمام علي رضي الله عنه لكان يكفيه أن يأمر الناس فيأتمرون بأمره ولا يتقدمون على أمره وقوله أبدا .
وعلى ذلك فكل ما في هذا الأمر من الأوهام هو في أذهان الشيعة الضالة فقط .
وأما قول حبر الأمة عبدالله بن عباس ( الرزية كل الرزية ) فقد كان سبب ذلك حزنه على ما آل إليه حال الشيعة من التخبط والضلال ، وأما الصحابة ومن سار على هديهم فهم على جادة الحق سائرون وبحبله مستمسكون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومع الوقت ومع تكرار قصص ظلم الصحابة للإمام علي وأهل بيته سهل علي أن اعتقد فيهم معتقد سوء ، ومع تكرار قصص ظلم بقية آل البيت من آل علي لا سيما مقتل الحسين - رضي الله عنه - سهل علي أن أبغض كل من ليس شيعيا .
وهكذا صرت شيعيا قلبا وقالبا ، أتقبل منهم أشياء كان يستحيل علي قبل ذلك أن أصدقها ، الصحابة كلهم كفروا إلا المقداد وأبا ذر وسلمان وعمار شيعة علي ، الذين يقوم على البراء من هؤلاء ، نعم وكيف لا وقد سلبوا آل البيت حقهم ، إذ الدين لا يقوم إلا على سبهم ولعنهم وقذفهم بأسوأ الشتائم والسباب .
ولكن هذا السباب تنازعني قيه نفسي ولا يرضاه لي قلبي ، إذا كنت معهم تأثرت بمقالاتهم وكلها قصص عاطفية عن ظلم علي - رضي الله عنه - ومقتل الحسين - رضي الله عنه ، قصص مكررة ولكنها تشحنك بغضا على ظلمة آل البيت وآكلي حقوقهم .
وإذا انفردت إلى نفسي قالت لي : كيف تجرؤ على سب أبي بكر الذي كان صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في كل أوقاته ؟ ! وكيف تجرؤ على سب عمر الذي كان ينطق الحق على لسانه ؟ ! وكيف تجرؤ على سب عثمان الذي جمع القرآن ونسخه وحفظه من التحريف والاختلاف ؟ ! وكيف تجرؤ على سب كل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ! وهل يبقى لك من الإسلام شيء إذا سببت هؤلاء ؟ !
والله إنها لحيرة عظيمة لا يعلم إلا الله عز وجل قدرها ومداها ، فإني أكلمك وأنا أتمنى لو أنني لم تكن ولدتني أمي ، أو لو أنني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا .
ثم التفت إلي وقال : يا فلان أنا صرت في حيرة فلا أنا سني ولا أنا شيعي ، ينازعني التسنن الذي عشت فيه طيلة عمري وينازعني التشيع الذي أعيشة الآن ، إذا جالست هؤلاء رجحت التشيع على مخاطره من السب واللعن لمن قد لا يستحق اللعن ، وإذا انفردت إلى نفسي رجحت التسنن والسلامة من حب الجميع ( آل البيت والصحب الكرام ) والترضي عن الجميع
فهل عندك يا فلان دواء لحيرتي وعلاجا لشكي وترجيحا واضحا لما أنا فيه ، على أنني أستأذنك إن كنت تنوي مجادلتي - على أن مناقشتي لك من وجهة نظر شيعية بحتة ولا تسىء الظن في فإني باحث عن الحق أنى كان وعلى أي وجه يصير .
دواء حيرتك سهل يسير :
كان صاحبي يتحدث وأنا أسمع بتركيز وأتدبر ما يقول وأنا أحاول أن أقرأ شيئا بين السطور ، فلقد كان واضحا أن صاحبي هذا قد سقط تحت تأثير نشاط مشبوه تقوم به مؤسسات شيعيت مغرضة ينفق عليها بسخاء لتشيع شبابنا وبلبلة عقائدنا ، ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل ، وحسبنا قول الله تعالى : ( إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ) .
وقبل أن أبدأ حديثي إلى صاحبي أردت أن أتأكد من هذا الظن فسألته : يا أخي ، هل رأيت في أثناء مجالستك لهؤلاء أحدا مثل حالتك ؟
فقال : ماذا تقصد ؟ فقلت : هل كان هناك أحد من أهل السنة والجماعة يحضر معكم مجالسكم هذه ؟ فقال : نعم ثلاثة غيري كلهم تشيع إلا أنا لا يزال يراودني الشك في هذا الأمر .
وآنذاك تيقنت من ظني وعلمت أن النشاط الدعوي الشيعي المكثف الخبيث قد امتد إلى حد ينبه للخطر ، وتكمد قلبي حسرة على هذا الوضع ، إذ كيف يصول الباطل ويجول ، ثم قلت لنفسي : لا تعجبي ففي نومة الحق ونومة أهله يصول الباطل ويتهارج أهله ، وجعلت أتأسف - في نفسي - على أولئك المخدوعين من علمائنا في حقيقة الشيعة ونشاطها المريب
لم يأخذ هذا التفكير من وقتي طويلا ، حيث التفت إلى صاحبي وأنا أعلم أن قلبه يمتلىء شبهات عظيمة لا يتيسر إزالتها في التو واللحظة .
وقلت له : أخي هل قرأت شيئا من كتب العقائد التي كتبها علماؤنا الأجلاء علماء أهل السنة والجماعة الناجية .
فقال لي : الصراحة لم أقرأ منها شيئا ، ولكني أعلم عقائد أهل السنة والجماعة .
فقلت له : من أين تعلمتها ، فقال : عشت عمري بين أهل السنة والجماعة أسمع معتقداتهم وأعلم أنها الإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى .

































