- الجزء الثالث و الأخير -
نكمل سويا ً النقاط التي ذكرتها في آخر الجزء الثاني،، أسال الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه..
بسم الله
*حكم ما لم يرد حله أو حرمته في القرآن أو السنة
الأطعمة التي لم يرد فيها تحليل أو تحريم فهي مباح وحلال كما قال الفقهاء. فعن أبى الدرداء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( قال:"الحلال ما أحل الله فى كتابه، والحرام ما حرم الله فى كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه [الترمذى وابن ماجة].
* أما عن حكم اللحوم الجاهزة والمجمدة:
وأما ما نراه اليوم من لحوم جاهزة ومستوردة فيحل أكلها إذا علم الإنسان أنها من اللحوم التي أحلها الشرع، وأنها ذبحت بطريقة شرعية. فإذا لم يستطع الإنسان معرفة ذلك فلا يأكل، فإن غلب على ظنه أن اللحم مما يحل أكله، ولكنه غير واثق من ذلك ثقة تامة كان من الأفضل له ألا يأكل منها لقول النبى صلى الله عليه سلم: ( :"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" [البخارى]، وقال أيضًا- صلى الله عليه وسلم : :"فَمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" [متفق عليه].
وهذه اللحوم تدخل فيما اختلف الفقهاء فى حكمه، والأفضل للمسلم أن يأخذ من آراء العلماء ما هو أحوط لدين المرء وآخرته، فالإنسان إذا ترك مباحًا فهو خير له من أن يقع فى الحرام، فالأفضل ألا تأكل من اللحوم الجاهزة إلا بعد أن تتأكد من أن ما تتناوله حلال تمامًا.
* حكم أكل لحم الحيوان الذي لم يذبح:
حرم الإسلام أكل لحم الحيوان الذي مات ولم يتم تذكيته (أى لم يذبح أو ينحر أو يعقر) إلا ميتة السمك والجراد، قال الله سبحانه: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم).[المائدة: 3].
كيفية الذكاة الشرعية:
تكون التذكية بالذبح، وهو قطع المرىء والحلقوم كما تكون بالنحر، وهو قطع العرق الذي يكون أسفل العنق ولا يكون ذلك إلا في الناقة ويستعمل فى التزكية السيف أو السكين. ويستعمل السهم فى ضرب الحيوان المتوحش الذي يخاف الإنسان من الاقتراب منه، أو الحيوان الشارد الذي لا يستطيع الإنسان الإمساك به، أو الحيوان الذي يقع فى بئر مثلا يصعب الوصول إلى موضع ذبحه قبل موته.
وقد خرج النبى صلى الله عليه وسلم ( فى سفر، فشرد بعير من إبل القوم، ولم يكن معهم خيل، يمكنهم من مطاردة الجمل الشارد، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ( :"إن هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش فما ند (شرد) عليكم فاصنعوا به هكذا" [متفق عليه].
شروط التذكية الشرعية:
هناك شروط يجب توافرها لتكون التذكية شرعية، هذه الشروط ينبغى توافرها فى المذكى (الذابح) والمذبوح، وأداة الذبح.
شروط المذكِّى:
أن يكون عاقلا، فلا تحل ذبيحة المجنون أو السكران أثناء سكره، ولا ذبيحة الصبى الذي لم يبلغ الرشد.
وأن يكون مسلمًا أو كتابىًا (يهوديًا أو نصرانيًا) فلا تحل ذبيحة المشرك أو الكافر من غير أهل الكتاب أو المرتد.
شروط المذبوح:
- أن يكون مما يحل أكل لحمه كالإبل والبقر والغنم ونحوها.
- أن تكون فيه حياة قبل ذبحه، فإن لم تكن فيه حياة فهو ميتة، والميتة محرم أكلها إلا ميتة السمك والجراد.
وما قطع من البهيمة وهى حية قبل ذبحها فهو ميتة ولا يحل أكله، قال تعالى: (فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها) [الحج: 36]. ووجوب الجنب هو تمام الموت.
شروط آلة الذبح:
ويشترط فى آلة الذبح أن تكون حادة حتى تقطع الحلقوم والمرىء، فالتذكية سواء أكانت ذبحًا أم نحرًا أم عقرًا جائزة بكل شىء يقطع مثل السكين أو ينفذ فى جسد الحيوان مثل الرمح والسهم إذا كان الحيوان عقورًا شاردًا، ويستثنى السن والظفر.
طريقة الذبح:
يحد الذابح سكينه بعيدًا عن الحيوان المراد ذبحه، رحمة به حتى لا يتألم من النظر إليها، وإن كان هناك أكثر من حيوان يراد ذبحه، فلا يذبح أحدهم أمام الحيوانات الأخرى رحمة بهم.
ثم يقوم الذابح بتقييد الحيوان المراد ذبحه، إن كان من البقر أو الغنم ثم إراحتها بإضجاعها أو إراحتها بأى شكل عند الذبح. وأما الإبل فإنها تقيد وتذبح واقفة، وإن أمكن توجيه الحيوان إلى القبلة عند ذبحه فيستحسن، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم: ( قوله :"إن الله كتب الإحسان على كل شىء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحِدَّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" [مسلم].
ويقوم الذابح بالتسمية، فيذكر اسم الله تعالى عند الذبح، ويقول ( :"بسم الله، الله أكبر"، قال تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) [الأنعام: 121].
وإن لم ير المسلم ذبح الحيوانات كما فى اللحوم المثلجة وغيرها، ولم يعلم المسلم أذكر عليه اسم الله أم لا، فإنه يقوم بالتسمية قبل الأكل احتياطًا ثم يأكل، فقد روت السيدة عائشة أن قومًا قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم ( :إن قومًا يأتوننا بلحم لا ندرى أذكر عليه اسم الله أم لا؟ قال صلى الله عليه وسلم ( :"سموا عليه أنتم وكلوه"، قالت عائشة: وكانوا حديثى عهد بالكفر. [البخارى].
مكروهات الذبح: للذبح مكروهات، يستحب تركها، أهمها:
1- ذبح الحيوان خلف الرقبة (من القفا): وذلك حتى لا تتدلى الرقبة ويتألم الحيوان ويعذب.
2- أن تكون أداة الذبح غير حادة: لقوله صلى الله عليه وسلم ( :"وليحد أحدكم شفرته" [مسلم].
3- أن يقوم الذابح بكسر عنق الحيوان المراد ذبحه أو أن يسلخه قبل خروج الروح منه: قال صلى الله عليه وسلم- ( :"لا تعجلوا الأنفس قبل أن تزهق (أى: قبل خروج الروح)" [الدار قطنى].
هل تؤكل الذبيحة كلها بعد الذبح:
لا تؤكل الذبيحة كلها بعد الذبح، بل هناك أجزاء يحرم أكلها، وهي الدم المسفوح والذكر والأنثيان، والقبل والغدة (قطعة لحم صلبة تكون نتيجة داء بين الجلد واللحم) والمثانة والمرارة، لأن كل هذه الأشياء خبيثة ينكرها الطبع السليم، واستدل لتحريمها بقوله تعالي: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) [الأعراف: 157].
حكم أكل الجنين الذي يوجد فى بطن الذبـيحة:
وإذا وجد الذابح في بطن الحيوان المذبوح جنينًا مكتملا وبه حياة ذبحه وجاز أكل لحمه، وإن وجده ميتًا فلا يذبحه ولحمه حلال، لأن تذكية الأم تذكية له، فعن أبى سعيد الخدرى-رضى الله عنه- قال: سألت رسول الله ( عن الجنين؟ فقال: "كلوه إن شئتم" وسئل النبى صلى الله عليه وسلم: ( يا رسول الله، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة، فنجد في بطنها الجنين أنلقيه أم نأكله؟ فقال:"كلوه إن شئتم، فإن ذكاته ذكاة أمه" [الترمذى وأبو داود].
فإن وجد الجنين وبه بقية حياة بعد ذبح أمه، ثم مات قبل أن يتمكن الذابح من ذبحة جاز أكل لحمه عند أكثر الفقهاء.
هذا و الله أعلم و أحكم،،، وصلى على نبينا محمد ... وعلى آله و صحبه وسلم...
أسال الله أن يكون هذا الموضوع خالصا ً لوجهه الكريم... وأن يجعله في ميزان حسناتنا و حسناتكم ...
و أن ينفعنا بما نقول و نكتب و يجعلنا ممن يستفيدون و يفيدون ... و الله ولي التوفيق...
أخوكم/
م. تركي [أبوفيصل]
- نهاية الجزء الثالث و الموضوع-