قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
(دل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة على جواز دخولالجني بالإنسي وصرعه إياه ، فكيف يجوز لمن ينتسب إلى العلم أن ينكر ذلك بغير علمولا هدى ، بل تقليدا لبعض أهل البدع المخالفينلأهل السنةوالجماعة؟ فالله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله...
قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} ما نصه :
يعني بذلك يخبله الشيطان في الدنيا وهو الذي يخنقه فيصرعه " من المس " يعني : من الجنون . وقال البغوي رحمه الله في تفسير الآية المذكورة ما نصه : {لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} أي : الجنون . يقال مس الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنونا . ا هـ .
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية المذكورة ما نصه : {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} أي : لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له وذلك أنه يقوم قياما منكرا .
وقال ابن عباس رضي الله عنه آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق رواه ابن أبي حاتم ، قال : وروي عن عوف ابن مالك وسعيد بن جبير ، والسدي ، والربيع بن أنس ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان نحو ذلك . انتهى المقصود من كلامه رحمه الله .
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره على قوله تعالى : {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع ، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس . ا هـ .
وكلام المفسرين في هذا المعنى كثير من أراده وجده ...
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
( وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق سلف الأمة وأئمتها وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة قال الله تعالى :{ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " )
وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل : ( قلت : لأبي إنّ أقواما يقولون : إن الجنّي لا يدخل بدن المصروع ، فقال : يا بني ، يكذبون . هو ذا يتكلم على لسانه ) ، وهذا الذي قاله أمر مشهور ، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه ، ويضرب على بدنه ضربا عظيما لو ضرب به جمل لأثر به أثرا عظيما ، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله ، وقد يجر المصروع غير المصروع ويجر البساط الذي يجلس عليه ويحول الآلات وينقل من مكان إلى مكان ، ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علما ضروريا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان . وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع ، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع ، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك ) ا هـ .*
ومن الأحاديث التي جاءت في سنن ابن ماجه ومسند الإمام أحمد:
عن يعلى بن مرة عن أبيه قال: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم معها صبي لها به لمم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اخرج عدو الله أنا رسول الله، قال: فبرأ، فأهدت إليه كبشين وشيئا من اقط وشيئا من سمن قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ الاقط والسمن واحد الكبشين ورد عليها الآخر)) واللفظ لأحمد .
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الإمام شمس الدين الذهبي. واحتج به ابن تيمية -رحمه الله- في (19/58) وفي رواية أحمد (4/173) بلفظ (( فأتته امرأة بابن لها به جنة)).
وروى الطبراني في المعجم الكبير:
عن عثمان بن أبي العاص قال: استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا اصغر الستة الذين وفدوا عليه من ثقيف وذلك أني كنت قرأت سورة (البقرة)، فقلت: يا رسول الله إن القرآن ينفلت مني، فوضع يده على صدري وقال: (يا شيطان اخرج من صدر عثمان) فما نسيت شيئا أريد أن احفظه.
وفي رواية البيهقي في (الدلائل) طبعة دار الكتب العلمية بلفظ: (اخرج يا شيطان من صدر عثمان)!
ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة.
* من مقالة للشيخ ابن باز رحمه الله بعنوان: إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك.
































كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب ) .