السلام عليكم ورحمة الله



الطب هو المحصلة النهائية للجهود الإنسانية المتصلة منذ العصور القديمة لتفسير الظواهر المختلفة كما يبدو عند الملاحظة، مثله في ذلك كمثل بقية فروع العلم الأخرى ...


ثم تصنف هذه الظواهر من خلال نظريات يتم توضيحها عند التوصل إليها والإعلان عنها، وتؤدى التجارب التي تجرى للتحقق من صدق هذه النظريات إلى عدد من القوانين العلمية...


يستهدف تطبيقهما العام دفع المعرفة الإنسانية بضع خطوات على طريق التقدم لصالح البشرية جمعاء، وتظل هذه القوانين صامدة إلى أن تستبدل بأفضل منها عند اكتشاف دلائل أكثر دقة وأقرب إلى التصديق.
ولهذا لم يكن العلم في يوم من الأيام حكرا على أي دولة أو قارة أو أمة أو سلالة. إن شأن العلماء دائما وفي كل زمان أن لا يتوقفوا عند حد استيعاب ما يسهم به السابقون منهم، بل يضيفون إليه من تجاربهم وآرائهم ونظراتهم الجديدة للأمور القديمة.


وعظمة ما يسهم به العلماء في فترة معينة من فترات التاريخ إنما يقاس بما وصلت إليه المعرفة في تلك الفترة بالذات، حتى نعرف إلى أي قمم جديدة حملت هذا العقول الفذة شعلة العلم والمعرفة في مجال من المجالات.



ويشتمل الطب على معرفة جسم الإنسان في حالات الصحة والمرض، وعلى معرفة أسباب المرض، وكيف يمكن إعادة المريض إلى حالته العادية. وبهذا الأسلوب العملي يصبح الطب قديما قدم الجنس البشري ويعتبر بحق أم العلوم كلها، ويعد ما أضافه العلماء المسلمون في هذا المجال من الإنجازات العظيمة بأي مقياس من المقاييس.


طرق ممارسة الطب قديما
............................

كان الطب يمارس قديما ً بطريقة تختلف تماما ً عن ممارسته في الوقت الحالي
فمثلا ً:

أ_ التجبير :


أي العمل على معالجة الكسور (كسور أو شروخ العظام أو انفصالها ) وهي مبنية على علم تشريح العظام وعلى الخبرة في معالجتها ، وهذا النوع من الممارسات لا شك أنه مبني على أصول علمية مستقاة من الخبرة الإنسانية والعربية في مجال التشريح وعلاج أمراض وحوادث العظام من كسور وغيرها .

ب- علاج الجروح والتضميد
:-

وهو فرع من فروع علم الطب ، وقد اكتسب أهالي المنطقة الخبرة فيه نتيجة ما توارثوه من معالجات حول هذا الموضوع وما انتهت إليه خبرتهم اليومية في هذا المجال نتيجة معايشة الإنسان اليومية لمثل هذه الحالات ، وحاجته إلى علاجها ، الأمر الذي دفع به إلى اكتشاف العديد من الوصفات التي كان للكثير منها نتـائج إيجابية في هذا المجال كعلاج الجروح بالملح ( مطهر وقابض للنـزف) وكذلك علاجها باللبان العربي كمادة قابضة أو لاصقة .

ج- علاج التقـرح
:-

(أي القراح المزمنة التي تنتشر في بعض الأجزاء من جسم الإنسان ) عن طريق الوصفات المطهرة والقاتلة للبكتيريا أو الفطريات ، حيث تعمل المادة المطهرة على شفاء هذه القروح . ومن هذه الوصفات (الخيلة والزعتر والملح ) والخيلة والزعتر نباتـات استخدمت بكثرة في الطب العربي إذ استخدمت هذه الوصفات أيضاً لعلاج العديد من الأمراض كأمراض البطن بصفة عامـة .

د – الحجـامة
:-

وإلى جانب المعالجات السابقة فقـد تم اسـتخدام الحجامة وهي – كما يعتقد مستخدموها – وسيلة لإخراج الدم الفاسد أو الزائد في جسم الإنسان وشفطه عن طريق استخدام أداة لشـفط الدم وتجميعه في أماكن معينة من جسم الإنسان كمؤخرة الرأس أو كاحل الرجلين أو بطن السـاق أو الفخذ أو تحت الذقن أو ظاهر القدم أو أسفل الصدر ، والأداة المستخدمة في الحجامة هي عبارة عن قرن حيوان ، حيث يجرح الموضع الذي تم فيه حبس الدم وتجميعه وتركه ينزف حتى يتم تفريغ الدم المتجمع – وقد تستغرق عملية شفط الدم قرابة عشر دقائق – وبعدها يقوم المعالج بمداواة الجرح من خلال كث الرماد عليه .


والحجامة وسيلة لعلاج بعض الآلام التي يعتقـد بأن سببها هو تجمع دم فاسد أو زائـد عند موضع الألم . وهذه الوسيلة في العلاج مستقاة من الطب النبوي ، حيث روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يؤكد جدوى العلاج بالحجامة .

هـ- العصـابة
:-

روي عن الرسول أنه قد وصف العصابة (أي ربط الرأس ) كوسيلة لتخفيف الصداع ، وهي وسيلة مجدية في كثير من الأحيان خاصة إذا كان الصداع ناتجاً عن أمور تتعلق بمسألة تدفق الدم في شرايين الرأس ، إذ تؤدي العصابة نوعـاً ما إلى التحكم فيه نسبياً من جهة والضغط على مكان الألم من جهة أخرى مما يؤدي إلى التخفيف من حـدة الصداع . وتعـد العصابة من أشهر وسائل العلاج التي اعتاد على ممارستها أبنـاء مجتمع الإمـارات .

و – الكـي
:

كما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قد نصح باستخدام الكي ، وهو وسيلة شاع استخدامها في الطب الشعبي عند العـرب حيث يحمي الطبيب المعالج قطعة من المعدن وتوضع على مكان الألم أو على مكان يحدده الطبيب باعتبار أن هذا المكان من جسم الإنسان يتحكم في مصدر إحساسه بالألم . وإن كان هذا النوع من العلاج يأتـي في الغالب بعد استخدام الأساليب الأخرى للعلاج لما فيه من إيلام للمريض . ويعد العلاج بالكي علاجاً ناجحاً في بعض حالات القراح أو الأورام السرطانية ، حيث ثبت نجاحه نسبياً .

كما انني قد قمت بعرض موضوع عنه سابقا ً

د – البتـر
:

وإلى جانب العلاج بالكي فقـد اعتاد أبناء الإمارات على التداوي بالبتر وهو في حالات قليلة أي إذا استدعى الأمر ذلك وفشلت كل الأساليب العلاجية السـابقة : حيث يلجأ الطبيب إلى بتـر العضو المريض كوسيلة لمنع انتقـال المرض إلى الأجزاء الأخرى من جسده .

وهي معالجة ناجحة في بعض الأحيان ومستقاة من الطب النبوي ولا زال معمولاً بها حتى الوقت الحاضر إذا يلجأ الطبيب أحيانا لبتـر عضو المريض عند إصابته ببعض الأمراض كالغر غرينا على سبيل المثال .


وفي هذا الاطار ينبغي أن ننظر إلى ما أضافه الطب الإسلامي (أو إلى مدى تقدم العلوم الطبية في العهد الإسلامي).



ولقد نشأ الطب الإسلامي مع قدوم الرسول صلى الله عليه و
سلم في الربع الأول من القرن السابع الميلادي، ولقد شدد النبي كثيرا على النظافة والوقاية والاعتدال والتقشف والتغذي على الأطعمة الطبيعية والأعشاب.


ويمكن استخلاص الطب النبوي وما جاء به من مبادئ الحفاظ على الصحة من مجموعات الأحاديث النبوية الشريفة.


اطباء بنوا صرح الطب
........................


1. أبو بكر محمد بن زكريا الرازي (865- 925 م) بلا شك واحد من أعظم أطباء التاريخ، وقد كتب العديد من المؤلفات الطبية التي تميزت بالأصالة والبراعة،، أضاف إلى المكتبة العربية مائتي كتاب أكثر من نصفها في مجال الطب، وزاول مهنة الطب لأكثر من- خمسة وثلاثين عاما، ومع ذلك فقد وجد في وقته متسعا لتأليف مجلدات ضخمة، نذكر منها على سبيل المثال " كتاب المنصوري " الذي يتألف من عشرة مجلدات عن الطب اليوناني. واستغرق تجمع المادة العلمية لكتاب " الحاوي " ما يربو على الخمسة عشر عاما. ولا غرو، فهو موسوعة علمية شاملة عن الطب يتألف من عشرين مجلدا.


وكان واحدا من تسعة مؤلفات أخرى هي كل حصيلة مكتبة كلية الطب بجامعة باريس في القرن الثامن عشر، ولقد أضاف الكثير من علمه وفنه إلى طب العيون والولادة والنساء. بينما تناولت مؤلفاته الأخرى يعض الأمراض الشائعة في الشرق كحصيات الكلي والمرارة، كما كتب دراسة عن أمراض الأطفال، وكانت أول دراسة من نوعها في مجال طب الأطفال، وله كتاب بارز عن الجدري والحصبة يعتبر من أقدم المؤلفات الأصلية التي ميزت بين هذين المرضين.



ولقد جاء وصف الرازي لهذين المرضين جامعا مانعا حتى لا يكاد المحدثون يجدون ما يضيفونه إليه.

وكان الرازي أول من اكتشف فائدة الكحول للأغراض الطبية، فقد استعمل المسلمون العقاقير المخدرة في عملياتهم الجراحية، كما كان أول من يصف عملية إزالة المياه الزرقاء والفعل المنعكس لحدقة العين عند سقوط الضوء عليها.


والرازي هو أيضا أول من بدأ في استخدام الحيوانات (القردة) في تجاربه الطبية. والمفهوم الحديث للجهاز الهضمي يقوم على أساس ملاحظات ذكرها الرازي في مؤلفاته عندما وصف وجود مواد حمضية في المعدة.


وكان هذا الإنتاج الثقافي الإسلامي الغزير الذي كتب أغلبه باللغة العربية يتقدم على أي إنتاج آخر معاصر له، فقد تفوقت المدن العربية على كل منافسيها طوال القرن العاشر الميلادي.



2. أبو علي حسين بن عبد الله بن حسن بن علي بدأ سينا (985-1037 م) المؤلف المعروف لكتاب " القانون في الطب " المؤسس الحقيقي للمذهب اليوناني الحربي في الطب وأضاف إلى العلوم الطبية الشيء الكثير. وقد كتب في الطب ثمانية رسائل طويلة، تناولت إحداث حالات المغص التي كان أخصائيا في علاجها. وأصبح " القانون " بمحتواه الموسوعي الكتاب المدرسي المقرر على طلبة الطب في أوربا، وظل كذلك حتى القرن السابع عشر، وقال عنه الدكتور أوسلر " لقد كان إنجيل الطب، وكان أضخم من أي مؤلف طبي آخر ". ويشهد على انتشاره العريض أن طبعه قد أعيد خمسين مرة في النصف الأخير من القرنين الخامس والسادس عشر. وقد عرف ابن سينا الطب بأنه " علم تعرف منه أحوال بدن الإنسان، من جهة ما يصح ويزول عنها، لتحفظ صحة حاصلة، وتسترد زائلة ".


ويعتبر هذا التعريف حتى يومنا هذا تعريفا جامعا مانعا لم يطرح أحد تعريفا أفضل منه.
ولا شك أن الفضل يرجع لابن ـ سينا والرازي في) ارتقاء الطب إلى ذروته. وما زالت صور هذين الطبيبين العظيمين تزين جدار البهو الكبير لكلية الطب بجامعة باريس حتى الآن.


وقد تجلت عظمة ابن سينا كلمات السير وليام هارفي عندما قال: " اذهبوا إلى المنابع الرئيسية للمعرفة، واقرؤوا أرسطو جالينوس وابن سينا ". واكتشفوا العرب أيضأ عدة طرق معينة في إجراء العمليات الجراحية، أصبحت فيما بعد الأساس الذي قام عليه فن الجراحة الحديث.


3. أبو القاسم الزهراوي (936 م) الطبيب الخاص للخليفة عبد الرحمن القرطبي- وقد ألف الزهراوي كتابا في الجراحة أسماه " كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف " وصف فيه العديد من الآلات الجراحية التي ابتكرها واستعملها في إجراء عملياته. ويقع كتاب التصريف في ثلاثين مجلدا ويعتبر من أعظم إنجازات ذلك العصر.
وظل النشاط الفكري الإسلامي طوال القرنين السادس والسابع الهجري (الثاني عشر والثالث عشر الميلادي) على قوته وأهميته.


ابن رشد وابن طفيل وابن زهر وكلهم فلاسفة وأطباء.



إن اكتشاف الدورة الدموية كما نعرفها اليوم ينسب إلى هارفي، إلا أن حقيقة الأمر هي أن هذا الاكتشاف قد تم قبل هارفي بثلاثة قرون على يد ابن النفيس (1200- 1288 م) أكبر عالم فسيولوجي في العصور الوسطى.



وكان أثر الطب العربي عميقا في كل أنحاء القارة الأوربية وبخاصة في فرنسا، وكانت المؤلفات العربية هي العمود الفقري للدراسات الطبية في ذلك الحين.


فقد ظلت المؤلفات الطبية الإسلامية تمثل حجر الزاوية في، دراسة الطب حتى القرن السابع عشر، وقد تأثر رو جر بيكون كثيرا بابن الهيثم والزهراوي، وعلى ذلك يكون الإسلام قد ظل شامخا كقوة عالمية قرابة الألف عام وهو ما لم يحدث لأي حضارة أخرى.



حال الطب الإسلامي في الحاضر وأسباب ركوده.
............................................................


إن العلم والمعرفة بما في ذلك الطب ليس حكرا على أمة واحدة. فأي أمة تتبع الأحكام الثابتة للقرآن والتي تصلح لكل زمان ومكان لا بد وأن تحرز تقدما سواء كانت هذه الأمة من بين المسلمين أومن غيرهم. إن ما جعل الطب الحديث يتبوأ مكانة أعلى هو أنه أصبح يقوم على الملاحظة العميقة الدقيقة التي تؤدي إلى طرح نظريات يقبلها العقل وتؤيدها التجارب المستمرة مع الاستعانة بالفروع المختلفة للعلوم والهندسة.


وهناك دائما فرصة للإضافة وإدخال تحسينات أدق. فقد أدخل اينشتاين كثيرا من التعديلات على قوانين نيوتن. وحديثا اكتشف العلماء أن القوى التي تحكم الكون هي ثلاثة فقط وليست أربعة كما كنا نعتقد دائما.


لا شك في أن الطب الحديث قد نهض على أكتاف ذلك الصرح المهيب الذي وضع أساسه أعلام فن الشفاء في العصور الوسطى. ومع مغيب شمس الإمبراطورية الإسلامية تاركة الساحة لمارد القوى الاستعمارية الأوروبية , فقد سكنت ريح هذ ا النشاط وخمدت حركته وبدأ يتنقل تدريجيا نحو الغرب. وما زال الطب القديم الذي يسود البلاد الإسلامية (ومعظم بلدان العالم الثالث) يستخدم الأعشاب والنباتات الطبية والمنتجات المستخلصة من أصل حيواني في صنع العقاقير لعلاج مختلف الأمراض.



وقد كانت أوربا تفعل الشيء نفسه في مطلع هذا القرن، إلا أنها تحولت منذ بضع عشرات من السنين إلى العقاقـير المصطنعة من مواد كيميائية، لبساطة تركيب جزئيات هذه المواد والتيقن التام من نسب هذه التركيبات، وما يتبع ذلك من قابلية هذه العقاقير لاختبارها على حيوانات التجارب، للتأكد من خلوها من أي آثار جانبية، كما يسهل إحكام الرقابة على نوعية هذه العقاقير. وهناك قبل كل شيء دافع أهم، وهو الأرباح الطائلة التي تأتي من إنتاج هذه العقاقير والمنتجات الدوائية في مصانع ضخمة على نطاق واسع. لذلك فعلى الرغم من الشوط البعيد الذي قطعه علم الشفاء العظيم على طريق التقدم العلمي والتكنولوجي إلا أنه قد تحول بهذه الاتجاهات الصناعية من عمل جليل يقصد به خدمة البشرية إلى عمل اقتصادي مادة صرف يقصد به- جنى الأرباح.



إن الوظيفة الأساسية للطب هي تهيئة الفرصة للشفاء من الأمراض والتخفيف من آلام البشر. وينبغي على أي حكومة أن تضع نصب عينيها كواجب وطني توفير العلاج لمواطنيها، إما بتكاليف يطيقها الفرد إذا تكفل بها عن نفسه أو عن أسرته، وإما على نفقة الدولة في حدود إمكانياتها. وما من شك في أن الطب الحديث مشتملأ كلى الجراحة قد أحرز تقدما ضخما" يستحق كل الإعجاب إلا أنه بالرغم من كل هذا التقدم، فقد غابت عن هذا الطب تلك اللمسة الإنسانية الرقيقة التي كانت صفة مشتركة بينه وبين الطب الإسلامي الذي قام على أكتافه.


ونجد اليوم أن هذا الطب الحديث بكل ما له من مستشفيات كاملة التجهيز، ومعاهد أبحاث متقدمة، ومراكز علاجية بديعة، وشركات أدوية متعددة الجنسيات ذات رؤوس أموال تعدى بالملايين، قد صار بعيدا عن متناول الرجل العادي الفقير الذي هو أمس الحاجة إليه،
بينما يهتم بالقطاعات المترفة من المجتمع حتى في البلاد المتقدمة، فما بالك بما آل إليه حال بلدان العالم الثالث الفقيرة.



وهنا لابد من ان نطرح سؤالا مهما


كيف نوفر العلاج لكل طبقات المجتمع
..........................................

في الماضي كان أساتذة الطب الكبار يستخدمون الأعشاب، والنباتات الطبية والمعادن والمنتجات المستخلصة من أصل حيواني للتخفيف من آلام المرضى، وهذه المنتجات كلها تتوفر محليا أو يمكن زراعتها في القرى حيث الناس في أشد الحاجة إليها، ولا يتطلب الحصول عليها الإنفاق من الأرصدة المحدودة للعملة الصعبة، والذي يحدث بالفعل حتى يومنا هذا أن أعدادا لا بأس بها من الناس ما زالت تلجأ إلى الطبيب الذي يمارس الطب القديم، بدلا من الذهاب إلى الدكتور الذي يمارس الطب الحديث، ويتم الشفاء للكثيرين منهم بالفعل.


ويكمن تفوق الطب الحديث في طريقة تشخيصه للمرض وتحديد درجة حدته، حيث يستعين بفروع العلم الأخرى ويستخدم أجهزة في غاية الدقة إلى جانب، إجراء التحليلات المختبرية.


بينما لا يزال الطب العربي يعتمد على الطريقة التجريبية التي تقتصر على الفحص بالعين المجردة. وأصبح لزاما على الطبيب أن يطبق الطرق الحديثة التي يتبعها دكتور الطب الحديث إذا كان يريد أن يضارعه في مستواه، ويجب عليه أن يدرس الكيمياء والكيمياء الحيوية، وعلم الميكروبات الحيوية وعلم الأمراض إلى غير ذلك من العلوم الضرورية لمهنته.



كما ينبغي عليه أن يسعى لطلب العون من المتخصصين في العلوم الأخرى كما يفعل الدكتور. وأضعف الإيمان أن يدرس كل ما درسه من يزاول الطب الحديث ، حتى يكون في وضع يسمح له بشرح وتفسير نظريات الطب العربي الذي يمارسه أو يقوم بإجراء البحوث اللازمة لشرح هذه النظريات. وعلينا أن نتذكر أن الرازي وابن سينا قد درسا كل فروع العلم التي كانت معروفة آنذاك وكانا يطبقان ما درساه فيما يزاولانه. والواقع أنهما لم يكتفيا بإتقان ما درساه بل أضافا إليه الكثير من ابتكاراتهما وتجاربهما.


الصعوبات التي واجهها الطبيب في الماضي
...................................................

ذكر أرسطو في كتابه السياسة:


إن الطبيب كان يسمح له بتغيير العلاج المقرر، إذا لم يلاحظ تحسنا في حالة المريض على هذا العلاج ، في مدى أربعة أيام .


فإذا توفي المريض، بسبب هذا العلاج المخالف لما جاء في الكتاب المقدس ، فإن الطبيب يدفع رأسه ثمنا لجرأته على نصيحة حياة مواطن في سبيل أمل خاطىء.


عند الأشوريين:


وكان الطبيب الآشوري إذا أخطأ أو لم ينجح في علاج مريض يلتمس لنفسه العذر من الإرادة العليا للآلهة، ويدل ذلك بوضوح على أنه يسأل عن خطئه.


عند البابلبين :


إن البابليين كانوا يتميزون بالتشديد في معاملة أطبائهم حتى أنه لم يكن يخلو من الخطر على الطبيب الآشوري، أن يبدي رأيا في مرض أو يحاول له علاجا ويؤيد ذلك النصوص الواردة في شريعة حمورابي.

ولا عجب من هذا التشدد أن يقول هيردوت ، بعد ثمانية عشر قرنا من ذلك التاريخ إنه لم يكن هناك أطباء في بابل .


عند الإغريق :



أما عند الإغريق : فقد كانت الجزاءات التي توقع على الأطباء إما أن تكون أدبية أو مادية، فقد كتب أفلاطون :

"إن الطبيب يجب أن يخلى من كل مسئولية إذا مات المريض رغم إرادته.

وروى بلونارك كيف أن الاسكندر الأكبر، أمر بصلب الطبيب غلوكبس في الإسكندرية لأنه ترك صديقه أفستيون وكان قد أصيب بالحمى فنصحه بالصوم عن الطعام، بيد أن أفستيون خالف نصيحة الطبيب وجلس إلى المائدة ، وأكل وشرب حتى شبع فمات .
هذا الفعل يدل بلا ريب على اتجاه التفكير في هذا العصر بيد أن أفلاطون كان يشكو من عدم الرقابة على الأطباء فيقول :

"إن الأطباء يأخذون أجرهم سواء شفوا المرضى أو قتلوهم ".



دمتم سالمـــــــــــــيــــــــــن ^_^