قسوة الوداع بين الألم والرجاء ...
على أنغام الشوق ترقص آهاتي
لتعزف على أوتار الألم كلماتي
وتصوغ من حسرات القلب ألحاني
وتنسج من خيوط الحب خاطرتي
وتجعلها رسالة مزدانة برياحين العذاب إلى!....
من ملكت قلبي
و تيمت فؤادي
وأشغلت جوارحي
ونفسي
وكلي بأجمعي بحبها
بينما كنت أتأمّل القمر الواقف في السماء
لاح أمام ناظرَيّ من بين بريق النجوم طيف من خيالك
وبت أسترجع من عمري لحظاتٍ مريرة
لطالما عشت ذكراها من قبل
وحلّقت بي الذكرى إلى أعالي السماء
لأرقد في نوم ٍ عميق
ينقلني إلى شاطئ الأحلام
شاطئ ٍ بجوار النجوم...
جلست بينها
وأخذت أقصّ عليها بعضا ً من ذكريات
تخصّ فترة من العمر مضت
إلى أن حملتني تلك الذكريات لذكرىً أليمة غصّ بها جسدي...
و ارتعدت بتذكرها أوصالي ...
و صحوت من رقادي ..
فإذا بأنسام الصباح تلاعب وجنتيّ
وحفيف الأشجار يتخبط قريباً من أذنيّ
و أشباح ٍ لعصافير تتراقص أمام عينيّ
ذهبت مسرعة ً إلى مكتبي
أمسكت بقلمي
واستحضرت أوراقي
وشرعت أبحث بين ثنايا فؤادي
وأستخرج من بين طيات قلبي
كلمات قلائل
تليق بحلمي الذي طاف بي في تلك الليلة
اعترتني أثناء ذلك رغبة في البكاء
لكني آثرت الاحتفاظ بدموعي في مكمن آلامي
وأخذت أرصف أحرفي
وأجاور بين كلماتي
وبعد أن فرغت
عدت إلى نافذتي الصغيرة
اقتربت منها
انتابتني لسعة ٌباردة
أحاطت بجوارحي وكياني
واسترقت لنفسها طريقا ًإلى أعماقي
وأخذت تخفف عني حرقتي
وتحط من لهيب شوقي
إلى أن انطفأت ناري
وعثرت بين الرماد
على باقة كلمات
أخرجتها مع زفيري
ونثرتها في الهواء
وأودعتها في أمانة النسيم العليل
علّه يحملها إليك
ويحمل إليك تلك الكلمات التي لم تكن سوى!...
رجائي الوحيد لك..
لا تلوميني إن كنت قد أسأت إليك...
وأسمعيني كلمة العفو من شفتيك ...
وأريني الابتسامة على خديك ...
والرضا مشعا ًً من عينيك ...
ولكن ...
لومي ما يؤلمني من فراقك ...
ويحرقني شوقاً ً لرؤيتك ...
ويحطم قلبي توقاً لأسمعك...
ترى!...
هل من قلب في جوفك يسمعني؟..
بل هل من عين في وجهك تبصرني؟..
كيف لا تريني وأنا دوما ً أراك أمام عيني..
أركض مسرعة ً أبتغي الاقتراب منك
أسابق الزمن كي أصل إليك
أبذل قصارى جهدي
أصرف كل طاقتي
أركض
ثم أركض
وكل ذلك
بغية الوصول إليك
وبعد أن أصل
"
أحدق بك
"
أتأملك
"
وأقول بنفسي
"
نعم
"
نعم إنها أنت
"
هاهي يداي تمتد لتلامس يداك
هاهو قلبي يخفق
هاهي أطرافي ترتعش
نعم إنها أنت
آه ما أحلى عيناك
آه ما أعذب لقياك
آه
ثم آه
ثم آه
تلك هي راحتي الصغيرة لم يبقى بينها وبين راحتيك إلا القليل ...
"
نعم إنها تقترب لتلامس راحتك المملوءة بالحنان
النابع من بين جنبيك
إنها تمتد لتلاقي قلبا ً لم تشهد قبله قلباً قد وسعها
أو وسع آلامها وأحزانها
"
"
"
"
"
"
"
فجأة
"
"
"
"
"
أرى نفسي تنوح!.!
أسمع قلبي يصرخ!
إنها روحي تتألم!
وأضلعي تنتحب!
"
ماذا حصل؟!...
"
"
"
"
وأصرخ صراخ المستغيث
صراخا ً لا يسمعه سوى جسدي الضعيف
صراخا ً لا تسمعه سوى جوارحي المتألمة
لما تبعدين؟!.
لما كلما اقتربت تبعدين
لما تختفين
أين أنت؟!..
إنها نقاط سوداء
يتخللها نقاط من ملامحك
آآآآآآآآآآآه لقد تلاشى خيالك من أمام عيني
"
"
وأكتشف الحقيقة المرّة
وأحاول النسيان
أحاول الهروب من واقعي!..
لألتجأ إلى نفسي
لأطرح عليها أسألتي
"
هل كل هذا كان خيال؟!
هل كل هذا أوهام؟!
أين هي
أين هي الآن؟!
هل مازالت أمامي
ولم أعد أراها من غمرة أفراحي
أم هل هي الآن بعيدة؟!
أم أنها لم تكن أمامي
وكنت أصوغ أحلامي
ابتسامتها
نظرتها
راحتها
رؤيتها
أو كلها أنغام
أو كلها أحلام
هل كان هذا حلما ؟ً
ويحا ًله من حلم
أم هل كان لحنا ً؟
فما أثقله من لحن
لقد كان عذابا ً
ناراً
سواعا ً
ألماً
حرقةً
شوقاً
سقما ً
مرضا ً
نعم كل تلك الأشياء اجتمعت لتشكل جسدي
كلها اجتمعت لتمثل حرقتي
كلها اجتمعت لتصوغ قصتي
نعم
كل ذلك قد كان
وبكل ما تحمله الكلمة من معنى
حنيناً... بعد وداع