السلام عليكم ورحمة الله...
سأبدأ باختصار، ولكن أذكركم بأنها أول قصصي التي أعرضها إليكم، لذا أنا في أشد الحاجة لانتقاداتكم وملاحظاتكم...
بسم الله أبدأ(ملاحظة: القصة في منتهى الخيال
):
================================================
أمومة!!
آه يا لشدة الحر!! ابني: "هل تشعر بالعطش؟"
يجيب الطفل الصغير بصوت هزيل يكاد صوته لا يخرج من شدة العطش: "أكاد أموت عطشا يا أمي"...
في هذا الحين سقطت دمعة حائرة حزينة من عين الأم حزنا على صغيرها الذي لم يبلغ الشهرين، ثم تعاود البكاء... تهمس الأم في نفسها: "أين نحن الآن؟" فما أن يسمع الطفل هذه الهمسة إلا ويكاد أن يصعق بعد أن كانت أمه تمنيه بمعرفتها لطريق العودة ثم يصرخ: "هل نحن تائهون؟؟!"
تنظر الأم إلى ابنها نظرة اليائس البائس! ثم تهز رأسها لأسفل... وفي تلك اللحظة ترفع الأم رأسها فتجد تلّة خضراء تستدلّ بها عادة على طريق العودة فتصرخ والفرجة تغمر قلبها: "عرفت الطريق!!" وتملأ الفرحة قلب الأم ليس لأنها نجت بل لأنها شاهدت الفرحة ترتسم على وجه صغيرها. ويعود الأمل من جديد، وطفقا يعدوان فرحا خلف الأمل الكامن وراء هذه التلّة الخضراء وفجأة تسقط الأم من قمة الأمل إلى وهدة الألم، تسقط في حفرة عميقة ويأتي من بعيد أنينها .
ينظر الطفل في دهشة من الأمر هل يقفز خلفها حيث الموت المحتم فلا ماء هناك ولا طعام، أم يعود إلى البيت ويتناسى هذه المأساة؟؟!يتردد الطفل بين تذكر الموت في السقوط وبين صرخات الأم "ارحل يا بني سأعود إليك"، إلا أن رقة قلب الطفل وحبه لأمه غلبت على حبه للحياة فقفز خلفها!!
بكت الأم بكاء يفطر القلب ليس على حالها بل على حال ابنها.. كيف تطعمه وتسقيه؟؟! وبعد لحظات بدأت الأم بالصراخ، ليس صراخ انقطاع الأمل بل إنه صراخ آخر... صراخ المخاض!!!
تلد الأم توأمين(أحدهما ذكر أسود، والأخرى أنثى بيضاء غاية في الجمال)... لتزيد المعاناة!
لحظات...لحظات...لحظات ويبكي الطفل الصغير عطشا وجوعا، بينما يبدأ التوأمان بالأنين فهما يريدان اللبن..
تداركت الأم الموقف وبدأت تطعم أبناءها الثلاثة بلبن ثديها وهي متيقنة في هذه اللحظة أن الحليب مصيره الفناء كما أن مصيرهم الموت فتذرف الدموع... يسأل الابن: "أخبرتيني قبل أن أقفز إليك بأنك ستعودين إليّ فما سبيلك للخروج؟؟" تتجاهل الأم السؤال لأنها لا تستطيع الإجابة..
وبعد ساعات يفنى الحليب، ويتضور الأبناء جوعا ويئنّون مرة أخرى.
تفكر الأم في طريقة للحصول على الطعام فتخطر ببالها فكرة غريبة من نوعها، إلا أن هذه الطريقة هي السبيل الوحيد للنجاة ، فكرت في أن تأكل أحد أبنائها!!!لعلها تستطيع أن تحتفظ بحياة الآخرين!
ولكن السؤال الآن من سيكون الضحية؟؟
فكرت في أن تأكل أكبر أبنائها إلا أنها تذكرت تضحيته وحبه لها بأن قفز معها، وتذكرت الأيام السعيدة معه وكيف أرضعته صغيرا، وكيف كانت تلاعبه وتضحك معه، تتذكر صراخه يوم كان صغيرا، صراخه بين الأزقّة، فوق التلال ... كيف يتجرأ قلبها أن تأكل فلذة كبدها؟؟ ثم تقول وهي في حالة من الانهيار: "ياااه ما أقسى الحياة، ما أصعبها" وتذرف دموعها...
ثم بدأت تفكر بأن تأكل أحد التوأمين!!فكرت بأن تأكل الأنثى البيضاء، فإذا بها تتذكر بأن هذه الابنة لم تكن كالأكبر، فالأكبر قد جاب الأرض طولا وعرضا وعاش بين دهاليزها، الطفلة لم تزل في بداية الطريق، أفلا تستحق الحياة؟؟! هل تحرمها من الغد؟؟
فنظرت إلى الأسود الذكر فإذا بنظرة الطفل البريء تملأ عينيه، بل يرد نظرة الأم بنظرة الخوف وكأنه يستعطفها ويناجي الأمومة في قلبها ، تحجم الأم عن هذه الفكرة، فكم تألمت الأم شهورا لتمنحهما الحياة وبعد ساعات فقط من ولادتهما تقتلهما بنفسها!! تصرخ مرة أخرى: "آآآه يا حياة..ما أقساك!!" فتعود في التفكير من جديد وتحتار؟ من ستختار من ستختار ؟؟؟؟؟ ...
الابن الأكبر الذي طالما ضحى من أجلها ؟ أم أحد التوأمين اللذين ما زالا لم يتعرفا على معنى الحياة ولم يشاهدا نعيمها بل عانقا بؤسها من أول يوم لهما في الحياة !!!
وما هي إلا لحظات حتى يسكت الابن الأكبر... تتفاجأ الأم وتنطلق مسرعة إليه فتجده قد مات!! فتبكي وتئن ويتفطر قلبها حزنا على ابنها، وتئن ثم تهوي على التراب.... والأن يسود صمت طويل ثم تقفز إلى خاطرها فكرة حسبتها خيط النجاة .. أن تأكل ابنها الأكبر الميّت علّ أكله يدرّ لبنا في ثديها لتطعم التوأمين، ولكن قلبها يرق فكيف لها أن تأكل ابنها؟؟ هو ميّت لكنه مهما كان ابنها ولن يطاوعها قلبها أن تفعل، بل كيف لها أن ترى أسنانها تنهش لحمه وتنثر دمه بعد أن كانت تبكي لو رأته يسقط على الأرض أو تشيكه شوكة في قدمه والآن تأكله!!لا لا لن يكون ذلك أبداً حتى ولو كان الثمن حياة الآخرين، فتقرر أن لا تأكله بل تضمّه ضمة الأم الثكلى ثم تودّعه إلى الأبد..
الحر يشتد شيئا فشيئا.. فإذا بالتوأمين في تلك اللحظات الصعبة يبدآن بالشهيق والتنفس المتتالي السريع.. إنها سكرات الموت!! فالمرض لم يرأف بحالهم وحال الأم المسكينة، ماذا تفعل الأم، لا حيلة باليد وما هي إلا لحظات حتى يسكت التوأمان!! ليس لأنهما هدآ هدوءاً مؤقتا.. بل هدوءاً إلى الأبد!!
لتبقى الأم بمفردها تبكي في أحد أركان تلك الحفرة اللعينة لا تنتظر إلا شيئا واحداً ((الموت!!) لعله يطفئ حزنها، عجبا كيف للموت بعد أن حرمها أبناءها وسقاها من الحزن أطنانا سيطفئ لهيب حزنها!! الآن هي تفكر في الموت، والموت فقط ولكن كيف؟ فيستقر فكرها أن تضم أبناءها الصغار بجانب بعضهم ثم تستلقي بينهم وتضمهم إلى حضنها الدافئ ويتسلّل الموت إليها كما يتسلل اللص ليسرق روحها ويتركها بين أحضان أطفالها، فإن كانت الحياة لم تستطع أن تجمع بينهم فقد استطاع (((الموت )))أن يفعل...
أتمنى أن تنال إعجابكم، فهذه أولى قصصي التي أعرضها إليكم...