حققت المديونية الأردنية رقما قياسيا جديدا باقترابها من حاجز 12 مليار دولار نهاية عام 2007، بزيادة بلغت نحو 16% عن المستوى الذي انتهت عليه عام 2006، لتضيف أرقامها عبئا جديدا على الاقتصاد الأردني.
وكشفت وثائق رسمية حصلت الجزيرة نت على نسخة منها أن المديونية الأردنية بلغت مع نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 8.473 مليارات دينار (11.950 مليار دولار)، منها 5.187 مليارات دينار (نحو 7.315 مليارات دولار) مديونية خارجية، إضافة إلى 3.286 مليارات دينار (نحو 4.635 مليارات دولار) مديونية داخلية.
وزادت المديونية الأردنية في عام 2007 بنسبة 16% عن مثيلتها في عام 2006 والذي سجلت المديونية فيه 7.350 مليارات دينار أردني (10.366 مليار دولار).
وفيما تمكن الأردن من ضبط مديونيته الخارجية التي سجلت ارتفاعا طفيفا بلغ 2.2%، إلا أن المديونية الداخلية ارتفعت بنسبة 52%، حيث قفزت من 2.163 مليار دينار عام 2007 إلى 3.286 مليارات دينار.
ويشير تقرير وزارة المالية عن المديونية لشهر سبتمبر/أيلول إلى أن المديونية لا تشكل خطرا نظرا لكون قروضها من النوع الطويل الأجل، حيث يمتد سداد بعض القروض لعام 2042، فيما يبلغ حجم الديون المستحقة الدفع العام الجاري نحو 440 مليون دينار، منها نحو تسعين مليون دينار يسعى الأردن لإعادة جدولتها.
ودخلت الحكومة الأردنية في مفاوضات منذ سنوات مع دول نادي باريس بهدف مبادلة بعض الديون باستثمارات ومنح، حيث وقعت اتفاقيات في هذا الصدد في عام 2007 مع عدة دول منها بريطانيا وألمانيا.
غير أن المحلل الاقتصادي غسان معمر يرى أن الخطط الحكومية لمعالجة المديونية "ليست مجدية".
وقال للجزيرة نت "إذا حللنا الخارطة الاقتصادية للأردن فإننا سنجد أن هناك مشكلات أكثر إلحاحا وأولوية من معالجة المديونية الخارجية" وتابع "التخطيط القائم على أن المديونية العامة أولوية للدولة غير دقيق ويلحق الأذى بالمنظومة الاقتصادية
ولفت معمر إلى أن الحكومة مطالبة بتغيير نهج التعامل مع المديونية، وربط أرقامها بالأوضاع السياسية السائدة في المنطقة "كون المملكة تدفع فاتورة اقتصادية باهظة نتيجة مواقفها السياسية والأوضاع المضطربة في منطقة الشرق الأوسط".
ورأى معمر أن احتلال العراق كلف الأردن "ثمنا اقتصاديا باهظا"، فيما وقفت الدول التي احتلت العراق وتسببت بشكل مباشر بالأزمة الاقتصادية في البلاد "موقف المتفرج وتخلت عن الأردن".
ورأى معمر أن دول نادي باريس مطالبة بأن تكون أكثر تسامحا مع الأردن، وحمل الدبلوماسية الأردنية جزءا كبيرا من مسؤولية الأزمة الاقتصادية ومنها تفاقم مشكلة المديونية، وقال إن الولايات المتحدة التي قادت العالم لشطب الديون التي كانت مستحقة على العراق بعد احتلاله لم تمنح الأردن الكثير نتيجة موقفه من احتلال العراق عام 2003.
وكانت واشنطن قدمت للأردن 952 مليون دولار عام 2003 مساعدات اقتصادية نتيجة الخسائر التي لحقت بالأردن نتيجة احتلال العراق.
وتبرز قضية ربط الدينار الأردني بالدولار واحدة من أبرز المشكلات التي تساهم في زيادة المديونية الخارجية، حيث كشف تقرير لوزارة المالية الأردنية أن فروق عملات اليورو والين الياباني وعملات أخرى مع الدولار ساهمت في زيادة الأعباء على المديونية بقيمة 230 مليون دينار (312 مليون دولار) حتى سبتمبر/أيلول الماضي وبنسبة 20% من الزيادة المتحققة على المديونية العامة، فيما أثر هذا الربط على المديونية عام 2006 بنحو 195 مليون دينار (270 مليون دولار).
واستغرب معمر إصرار الحكومات الأردنية على الاستمرار بسياسة ربط الدينار بالدولار، وقال إن واشنطن مستفيدة من انخفاض سعر عملتها بزيادة صادراتها للعالم، متسائلا عن الفائدة التي يجنيها الأردن الذي يظهر الميزان التجاري له اختلالا كبيرا لصالح المستوردات على حساب الصادرات