بقلم المولوي ثناء الله أحمدي

تحدثنا كتب السير أن المشركين خرجوا بجيشهم في غزوة بدر لحماية قافلتهم ، فلما أفلتت القافلة من أيدي المسلمين أراد بعضهم أن يرجع بالجيش من حيث جاء ، لأنه خرج لهدف محدد وقد تحقق الهدف ، وسلمت القافلة ، لكن أبا جهل على رأس طائفة من الطائشين قال : والله لا نرجع حتى نقيم ثلاثاً فننحر الجزر ، وتعزف علينا القيان ، وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبداً

لكنهم كانوا كالشاة التي تبحث في الأرض بظلفها حتى أخرجت السكين الني كان فيها حتفها . ونزل قول الله تعالى : {ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله}

وقام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الغزوة يناجي ربه ويستغيث به ويقول : اللهم هذه قريش قد خرجت بفخرها وخيلائها تحادك وتكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض

واليوم يستدير الزمان كهيئته يومئذ ، ويخرج الطائشون الجدد بقيادة أبي جهل الأمريكي ، باحثين بأقدامهم عن سكين فنائهم في وديان أفغانستان السحيقة ، وفوق قممها الشامخة ، للحفاظ على البقية الباقية من ماء الوجه ، في تعامٍ فاضح عن عبر التاريخ ودروسه التي تلقاها الإنجليز والروس على أيدي الأفغان ، وتقلع الطائرات الأمريكية والإنجليزية بفخرها وخيلائها تحارب الإمارة الإسلامية في أفغانستان ، وتبارز طلبة العلوم الدينية الذين رفع الله بهم رؤوس المسلمين ، وكأني بهم مجندلين في صحارى أفغانستان تحوم على جثثهم الغربان ، وتقتات منها النسور

وتضيف الإدارة الأمريكية بذلك جرحاً جديداً إلى الشعب الأمريكي بإلقاء طائفة من أبنائه إلى التهلكة ، ورميهم داخل الشباك الأفغانية ، وإن غداً لناظره قريب

لقد التف الشعب الأفغاني – إلا من شذ – حول إمارته ، لأنه رأى أنها حققت له كثيراً مما كان يتمناه ، فقد اختفت في ظلها تلك العصابات التي طالما أقضت مضاجع السكان ، وحرمتهم نعمة الأمن لسنوات طويلة

وتمكنت حركة طالبان من بسط نفوذها على 95% من أراضي أفغانستان ، وتبع ذلك توحيد معظم القيادات الميدانية السابقة ، وتوج ذلك ببيعة الملا محمد عمر أميراً للمؤمنين

واختفت المحاكم الوضعية ، وانفردت الشريعة الإسلامية بالسيادة دون منازع ، لأول مرة في تاريخ المسلمين الحديث ،

وظهرت على الخارطة لأول مرة كذلك إمارة إسلامية ، حققت آمال الكثيرين الذين ما فتئوا يدعون في صلواتهم أن يبرم الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة أمر رشد ، يعز فيه أهل طاعته ، ويذل فيه أهل معصيته ، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهى فيه عن المنكر وقامت الدولة التي كان ينتظرها المشتاقون ، لتلم شعثهم ، وتجمع شملهم ، ويشعرون بالانتماء الصادق إليها دون ازدواجية أو تناقض