2 – لو حدث من بعض الجنود خطأ أو حتى من أحد القادة، فإن ثبت عليهم الخطأ باجتهادهم، فإن الخطأ من طبيعة البشر وهم في وضع حرب تكالبت عليهم الأمم – وكما يُطلق في بعض المصلحات كأنهم يعملون بقانون الطوارئ – وحربهم لا تسمح بتأخير اتخاذ القرارات، ولا يُقارن وضعهم بما يسمّى بقوانين الطوارئ بل أشد وأحلك، فهل تُهّول أخطاؤهم إن حدثت ويُترك أعداؤهم والمتاجرين الأدعياء ويُسكت عنهم ! أو هل تُقارن أخطاؤهم بإجرام أعدائهم، وهل تُذكر عيوبهم وتُوجه السهام ضدهم وتُترك أخطاء عدوهم الأكبر والأعظم الأمريكي ومن حالفه ويُسلم من السهام – التي انتكست علينا - !!
لقد خرج ثمانية من المجاهدين في سَريّة لإحدى المهمات التي وكّلهم بها قائدهم، وفي الطريق تأخر اثنان منهم لأحد الأسباب، وأكمل باقي الستة مسيرتهم لمهمتهم، وكان قائدهم هو سيدي عبد الله بن جحش رضي الله عنه، ثم مرت قافلة لقريش وظنّوا أنهم في اليوم الأخير من جمادى الآخر، وقد دخل اليوم الأول من شهر الله المحرم " رجب " ولم يعلموا بذلك، فاجتهدت السرية وقتلت عمرو بن الحضرمي وأَسَرَت اثنان وفَرّ الرابع وغَنمت العير، فعادوا بما لديهم من غنيمة وأسرى، فبدأت قريش بتشويه المجاهدين في دولة الإسلام الأولى بل كل المسلمين فيها بل قائدهم حيث قالوا: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام !! وسفكوا فيه الدم !! وأخذوا فيه الأموال !! وأسروا فيه الرجال !! ..
فلما قدِم المجاهدون إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال لهم: " ما أمرتُكم بقتالٍ فِي الشَّهْرِ الحَرامِ " !! فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئاً، فسُقط في أيدي المجاهدين، وظنّوا أنهم قد هَلَكوا !! وعنّفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا !!
فماذا كان الضابط الشرعي في مثل هذا الخطأ أو ما شابهه من اجتهاد، حينما أخطأ المجاهدون، وعاتبهم رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلّم - ولم يَقبل فعلهم، وعيّرهم به الكفار والمنافقون ؟؟
لقد جاء التوجيه الرباني من فوق سبع سماوات يُعلمنا ويُوجهنا ويُربّينا بمنهجٍ حسنٍ شامل، فحين تأتي الاتهامات من العدو الصائل أو من الصحوات المرتدة أو الجبهات والفصائل – التجارية - المؤسِسة للجبهات المرتدة أو الجبهات المختلطة بالوطنية المنتنة أو الأحزاب الواضعة أيديها بأيدي المحتل أو بعض المشايخ والدعاة، اتهامات ربما يكون فعلاً لها أصل في الحدوث، فيتهمون دولة الإسلام ( لينتقصوا ) منها ثم تكون ( مآلات ) أفعالهم وأقوالهم طوام على المجاهدين، من استحلال لدمائهم وأموالهم وأعراضهم، يأتي التوجيه الرباني ليحسم هذه المسألة وأمثالها.
فأنزل الله تعالى قرآن يُتلى إلى قيام الساعة، يقول رب العالمين فيه: " يَسْألونَك عَن الشّهرِ الحَرامِ قتالٍ فِيه ؟ قُل قِتالٌ فِيه كَبيرٌ " .
نعم، إن فعلهم خطأ كبير لا يُقرّون عليه .. ولكن .. !! عند إكمال الآية نجد التوجيه بمقارنة وذكر أفعال العدو وإجرامه في حق المؤمنين: " وصَدٌّ عَن سَبيلِ اللهِ ! وكُفرٌ بِه ! والمَسجِدِ الحَرامِ وإخْراجُ أهلِه مِنهُ أكبَرُ عِند اللهِ !! والفِتنَةُ أَكبَرُ مِنَ القَتل !! ولا يَزالونَ يُقاتِلونَكُم حتى يَردّوكُم عَن دينِكُم إن استَطاعُوا.. " ..
الله أكبر ..
إن ثبت أنهم فعلاً أخطئوا فهل نترك كل أخطاء وطوام خصومهم ونتعلق بخطأ إخواننا الذين اجتهدوا فأخطئوا !!
يَرمون دولة العراق الإسلامية بالتشدد والتكفير والغلو واستحلال الدماء المعصومة وباقي تهمهم التي أساسها أصلاً باطل بنوا عليه أحكامهم الجائرة وهي أصلاً تنطبق على خصومها باستحلالهم لدمائهم وقتالهم لهم ووقوفهم مع العدو وغيرها من موبقاتهم، ولا عجب من بث افتراءاتهم، فهم يريدون تحكيم الشرع في كل أمور حياتهم، ونتيجة طبيعية أن تتكالب عليهم الأمم ضد دعوة الأنبياء والمرسلين لتوحيد الله في كل شؤون الحياة بمنهج شامل كامل، وماذا ننتظر من أعدائهم ممن وقف مع المحتل ليصفوهم به إن لم يصفوهم بهكذا أوصاف !!
فالله جل جلاله قد أرشدنا وعلّمنا أن نقطع الطريق على الكفرة والمنافقين من توظيف الحدث لصالحهم، والتنفير من المسلمين والمجاهدين، وأرشدنا إلى نصرة أهل الحق .. فبعدما ذكر أن القتال في الشهر الحرام كبيرة أتبعه في الآية نفسها بالتشنيع على الكفار وما يقومون به من العدوان والصد عن سبيل الله مما هو في جُرمه وشناعته أكبر وأشد من خطأ المجاهدين، بما يقوم به الكفار من صد الناس عن سبيل الله وكفرهم بالله وإخراج المسلمين من المسجد الحرام – والمحافظات العراقية الواحدة تلو الأخرى الآن – والشرك بالله أكبر عند الله من القتل الذي قام به المجاهدون في الشهر الحرام وعيّروهم به !! وجعلوه سبباً للانتقاص منهم والتحريض ضدهم وصدهم عن سبيل الله ..
يقول الشيخ السعدي – رحمه الله –: " ولمّا كانت هذه الآية نازلة بسبب ما حصل لسرية عبد الله بن جحش وقتلهم عمرو بن الحضرمي وأخذهم أموالهم وكان ذلك – على ما قيل – في شهر رجب، عيّرهم المشركون بالقتال في الأشهر الحُرُم ! وكانوا في تعييرهم ظالمين، إذ فيهم من القبائح ما بعضه أعظم مما عيّروا به المسلمين، قال تعالى في بيان ما فيهم: " وصدٌّ عن سبيل الله " أي: صد المشركين من يريد الإيمان بالله وبرسوله وفتنتُهم مَن آمن به، وسعيُهم في ردهم عن دينهم، وكفرُهم الحاصل في الشهر الحرام والبلد الحرام !! الذي هو بمجرده كافٍ في الشر ! فكيف وقد كان - أي فعل المشركين – في شهر حرام وبلد حرام !! .
" وإخراج أهله " أي: أهل المسجد الحرام وهم النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وأصحابه لأنهم أحقّ به من المشركين... فهذه الأمور كل واحد منها " أكبَر مِن القَتل " في الشهر الحرام ! فكيف وقد اجتمعت فيهم – أي في المشركين - ، فعُلم أنهم فَسَقة ظَلَمة في تعييرهم المؤمنين ، ثم أخبر – تعالى – أنهم لن يزالوا يقاتلوا المؤمنين وليس غرضهم في أموالهم وقتلهم إنما غرضهم أن يرجعوهم عن دينهم ويكونوا كفاراً بعد إيمانهم ، حتى يكونوا من أصحاب السعير .. ".
وسيراً على هذه الضابط وهذا المنهج، فقد سُمّي قتال ( المشركين المحاربين ) في الشهر الحرام كبيراً، فكيف بمن يقتل ( مسلماً مجاهداً ) من دولة الإسلام !! أو يبرر لقتله – بما لا يوجب قلته أصلاً - بأن يبهته بقوله أنه من أهل الغلو أو التكفير والجهل !! ولأدنى شبهة ترِد إليه !!!
إن ما حدث من اتهامات من شتى الجهات في بداية الأمر ثم تطور الأمر إلى محاربة الفصائل التجارية المقاومة مع الصحوات مع الشرطة المرتدة لدولة الإسلام وجنودها لهي - بدون أدنى شك - من أهم عوامل تأخر وتعثّر المشروع الجهادي ( في هذه المرحلة ) - حسب ما أراه -، هذه الاتهامات وترويجها كانت سبباً في استمرار لمآسي مسلمي العراق، ومن جهة أخرى يصب ما فعله أولئك المجرمون الحمقى في مصلحة الكافر المعتدي والمنافق المتربص، حيث يفرحون بها ويوظفونها لهم أحسن توظيف في حربهم على الإسلام والمسلمين في العراق وغير العراق ..
أما أن يُفرد مجاهدو دولة العراق الإسلامية بالنقد والرمي بالتهم بالغلو والاستعلاء وحب الرئاسة والجهل واستحلال الدماء المعصومة وغيرها بسبب شبهات وكذبات وهوى وظنون ! ويُترك الكفار المعتدون والمنافقون الخائنون والأدعياء لا يُذكر مكرهم وفضائحهم وعدوانهم وإجرامهم وصدهم عن سبيل الله !!! فهذا الظلم بعينه ! فهو من جانب : منهج جائر متعدّي ينظر بعين واحدة !! ومن جانب آخر: يُسهل الطريق على الكفرة الغزاة والمنافقين معهم في الشماتة بالمجاهدين وحملة راية الدين، ثم ضربهم والتنكيل بهم، والله المستعان على ما يصفون..
يقول سيد قطب – رحمه الله – تعليقاً على الآية السابقة والتي تنطبق على ما نلاقيه في دولة الإسلام وخصومها وأعدائها من الذين وقفوا مع المحتل ضدها من أحزاب وفصائل تجارية مقاومة وشرطة ومن الذين أفتوا ضدها بغباء وحمق فضلّوا وأضلّوا، فسُفِكت دماء المجاهدين الأطهار في دولة الإسلام وانتهكت أعراضهم وأصيبوا بالجراحات العظيمة بسببهم، فيقول – سيد قطب - واصفاً قول الكفار والمنافقين لسَرية سيدي عبد الله بن جحش رضي الله عنه والتي في القصة الآنفة وما رموهم فيها من نقائص:
" لقد كانت كلمات حق يُراد بها باطل، مُجرد ستار يحتمون خلفه لتشويه موقف الجماعة المسلمة، وإظهارها بمظهر المُعتدي، وهم المعتدون ابتداءً !! وهم الذين انتهكوا حرمة الشهر الحرام .. هؤلاء قومٌ طغاةٌ بغاةٌ معتدون ! لا يقيمون للمقدسات وزناً ولا يَتحَرّجون أمام الحُرُمات ، ويدوسون كل ما تواضع المجتمع على احترامه من خلقٍ ودين ، يقِفون دون الحق فيصدون الناس عنه ويفتِنون المؤمنين ويؤذونهم أشد الإيذاء ! ويُخرجونهم من البلد الحرام ! الذي يأمن فيه كل حي حتى الهوام .. ثم بعد ذلك كله يتسترون وراء الشهر الحرام ! ويقيمون الدنيا ويقعدونها باسم المحرمات والمقدسات !! ويرفعون أصواتهم: أنظروا ها هو ذا محمد ومن معه ينتهكون حرمة الشهر الحرام !! .. " ..
إن مجاهدي دولة الإسلام ليسوا معصومين، يُصيبون ويُخطئون، كما قال تعالى عن فعل مجاهدي سرية سيدي عبد الله بن جحش - رضي الله عنه - " قُل قِتالٌ فِيهِ كَبيرٌ "، ولكن الخطأ الأكبر أن يُهدر جهادهم وبلاؤهم وابتلاؤهم في سبيل الله وتنكيلهم في أعداء الله، وتُهوّل أخطاؤهم التي حتى إلى الآن لم تَثبُت أصلاً !! بل الذي ثبت أن مروجي هذه التهم هم أوْلى بها من غيرهم وقد فضَحوا أنفسهم بأنفسهم كما حدث مع جيش المجاهدين وحماس العراق والجيش الإسلامي العميل وغيرهم من فصائل تجارية مقاومة وجبهات التغييرات الوطنية التي أعلنت أنها تريد الحكم بالقوانين الوضعية أي الحكم بغير ما أنزل الله !!!
إن المنهج الرباني والضابط الشرعي يعلمنا أن نقِف دائماً مع فريق المؤمنين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " والمؤمن عليه أن يعادي في الله ويوالي في الله، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظَلَمَه، فإن الظلم لا يَقطع الموالاة الإيمانية " ..
بل يرشدنا ربنا إلى أكثر من هذا الفعل للتعامل به مع المجاهدين الصادقين كما في القصة السابقة وفي سياق الآيات وكما قال المفسرون بأن الله سبحانه وتعالى قد ( طيّب ) قلوب أولئك المجاهدين المخطئين في سَريّة سيدي عبد الله بن جحش رضي الله عنه في الآية التي بعد الآيات السابقة بقوله تعالى: " إنّ الذينَ آمَنوا وهاجَرُوا وجاهَدوا في سَبِيلِ اللهِ أولئِك يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ واللهُ غفورٌ رَحِيم " .. وهكذا يكون التعامل مع الخطأ إن وقع من المجاهدين الصادقين الساعين لتحكيم شريعة سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، بحيث يُنكر عليهم خطؤهم – إن ثبت – ولا يُقرّون عليه ، وفي الوقت نفسه لا يُنسى لهم جهادهم وتضحياتهم وبلاؤهم الحسن وهجرتهم لأهليهم وأوطانهم لنصرة الدين ..
وبهذا يُقطع الطريق على الكفار والمنافقين من أن تتم فرحتهم بأخطاء المجاهدين التي ثبت منها والتي لم يثبت وبُهتوا بها، بأن تُذكر فضائح الكفار ومعاونيهم وصدهم عن سبيل الله وعندئذ لا يستطيعون استغلال الحدث في صالحهم ضد المسلمين..
وفي الوقت نفسه يُمدح المجاهدون - بعد الإنكار عليهم أخطائهم - بذكر مناقبهم ونصرتهم والوقوف بجانبهم والذي له بالغ الأثر في جهادهم وقتالهم لأعداء الله، بل وأكثر من ذلك جاء التوجيه الرباني يعلّمنا أن ( نُطيّب ) قلوب المجاهدين أيضاً – الذين شُتِموا وافتُري عليهم - بعد أن نبين لهم خطأهم، لكي لا تبقى شريعتنا - ومن يذب عنها - وحيدةً بل تبقى نقيةً صافيةً ( كما كانت سابقاً ) – في خير القرون - ليحافظ عليها المجاهدون ( الصادقون ) في دولة الإسلام من الأهواء والانحرافات ..
وإذا الـحـبيــب أتى بـذنــبٍ واحــدٍ ***** جــاءت محاســنه بألـف شـفيـــعٍ
والحمد لله على كل حال ..
3 – إن ثبت الخطأ على بعض الجنود أو حتى بعض القادة وإن عظُم خطؤهم، " فكل ابن آدم خطّاء "، فلا يُنقِص ذلك من قدر الدولة كلها ومنهجها وجهاد أفرادها وتضحياتهم واستشهادهم، بل يُنكَر على المخطئ خطؤه وإن عظُم، ولا يكون خطؤه سبباً في بُغضه أو معاداته أو التحريض عليه والتشهير به بل تبقى منزلته وتبقى نصرته ..
بل يكون إنكارنا بضوابط شرعية وتبقى نصرتنا لهم من غير خذلان لهم فضلاً عن معاونة أعداء الله عليهم ..
قام سيدي المجاهد أسامة بن زيد رضي الله عنهما وهو في قتال وجهاد بقتل المشرك الذي نطق بالشهادة، بحُجّة أنه قالها متعوّذاً من القتل ! فعاتبه النبي الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم – عتاباً شديداً جداً، ومع ذلك .. بقي هو ( حبُّ ) رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - !!
وبقيت مكانته عند الرسول لم تتغير ! بل حتى أنه أمّره قُبيل وفاته على الجيش المعروف بجيش " أسامة " وأمر ووصّى بإنفاذ جيشه، بل وجعل معه تحت إمرته سيدي أبو بكر الصديق وسيدي عمر بن الخطاب رضي الله عنهما !!
ولم يُعاديه أو يُبغضه أو يشهّر به ويُحرّض عليه، حاشاه عليه وعلى آله الصلاة والسلام ..
فهذا هو الضابط الشرعي عندنا في التعامل مع أخطاء المجاهدين الصادقين وإن عظُم خطؤهم، فتبقى مكانتهم ويُعالج الخطأ ويُبين ويُعطى كل ذي حقٍ حقه..
وقد قام القائد المجاهد سيدي خالد بن الوليد رضي الله عنه بقتل من أظهر الإسلام من بني جذيمة حينما فهم كلامهم خطأً ! فغضب الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – من فعله بل تبرأ من فعله أمام الله عز وجل ! ولكنه ومع ذلك لم يتبرأ منه، بل لقد أبقاه في قيادة الجيش والعمليات الجهادية المتتالية ، بل بقي في قيادة الجيش إلى عهد سيدي أبو بكر الصديق ثم في عهد سيدي عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ..
فمع عظيم خطئه إلا أنه لا يُلغي مكانته ولا جهاده، فكيف بمن شهّر وحرّض وأظهر العداء بسبب أخطاء ومآخذ على دولة كاملة، دولة الإسلام والمسلمين !!
لقد آن الأوان – بعد سقوط الأدعياء من تجّار الحروب من فصائل تجارية مقاومة ومشايخ وافتضاح أمرهم – أن لا تأخذنا في الله لومة لائم فيهم ، فقد أظهروا لدولة العراق الإسلامية العداء وشهّروا بها وافتروا عليها وطالبوا بحلّها وأعانوا العدو على إضعافها، وكانوا سبباً في استباحة دماء مجاهديها وأعراضهم وأعراض المسلمين !! فحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل .. حسبنا الله عليهم ونعم الوكيل ..
يقول الشيخ بن جبرين في أمثالهم الذين أفسدوا ذات البين بين المؤمنين والتي هي الحالقة، وصرفوا الجماهير المسلمة عن إخوانهم في دولة لإسلام وافتروا عليهم:
" أقِلّوا عليهم لا أبا لأبيكمو ***** من اللّوم أو سُدّوا المكان الذي سَدُّوا
متى سددتم ما سدوه؟! متى عملتم مثل أعمالهم؟! متى نفعتم مثل نفعهم؟! متى أثّرتم مثل تأثيرهم؟!
ويحكم ألا تكفون سوءكم، وشركم، وضرركم عن إخوانكم الذين يعتقدون مثل ما تعتقدون، ويدعون إلى الخير، ويدعون إلى الله تعالى؟!
أنتم كالذين قال فيهم أحد العلماء:
متى كنتمو أهلاً لكل فضيلة ***** متى كنتمو حرباً لمن حاد أو كفر
متى دستمو رأس العدو بفيلق ***** وقنبلة أو مدفع يقطع الأثر
تعيبون أشياخاً كراماً أعزةً ***** جهابذةً، نور البصيرة والبصر
فهم بركاتٌ للبلاد وأهلها ***** بهم يدفع اللهُ البلايا عن البشر "
أين هم من هدي القرآن العظيم وهدي الأنبياء والمرسلين وسيد الخلق محمد الأمين – صلى الله عليه وآله وسلّم -، أين هم من الضوابط الشرعية وأين تلك الفصائل التجارية المقاومة التي تدّعي إتباعها للشرع وهي ترى من يسعى لتحكيم الشرع فتحاربه ولا تلتزم بدين ولا خلق، فحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل ..
يكفي أن من افترى وشهّر وعادى دولة الإسلام أن الله جل في علاه قد فضحه وأسقطه من أعين العقلاء ! ولم يبقَ – حسب ما أرى – أي ممن حارب الدولة الإسلامية سواء حزب أو فصيل تجاري مقاوم أو جماعة أو هيئة أو منظمة أو شيخ إلا وقد سقط وصغر شأنه .. والعاقبة دائماً وأبداً للمتقين ..
" إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَن الذِينَ آمَنُوا " ..
" وَكَفى بِاللهِ وَلِياً وَكَفى بِاللِه نَصِيراً " ..
لقد سقطوا في شرّ أعمالهم ولسنا شامتين فيهم والعياذ بالله، ولكنها ( السُنن ) ..
فهذا نهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، يعادونهم أشد العداء حتى وصف الله تعالى ما يلاقونه بقوله: " حَتّى إِذا اسْتَيْئَسَ الرُسُل ! وظَنّوا أنّهُم قَد كُذِبُوا ! جاءَهُم نَصْرُنا، فنُجّيَ مَن نَشاء، ولا يُرَدُّ بَأسُنا عَن القَومِ المُجرِمِين " ..
حتى يصل الأنبياء إلى مرحلية " استَيْئَسَ " وهي من صيغ المبالغة من هول ما يصادمهم به أعداؤهم، ولكن بعدها يأتي النصر المؤزر فيُنجّي الله من يشاء ويصُبّ بأسه على القوم المجرمين الذين يَصدون عن دعوة الأنبياء لتوحيد الله جل جلاله ولتحكيم شرعه في الحياة كلها ..
والحمد لله ثم الحمد لله ..
:: أيّهما الأحَقُّ بِالأمْن ؟؟ دَوْلَة العِراق الإسْلامِية أَم خُصُومها !! ::
كل الشعوب والأمم والدول وفي كل الأزمنة تسعى لتحقيق الأمن عندها، وإن العالم بقيادة أمريكا أصبح اليوم أقل أمناً، والحزب الديمقراطي الذي يزعم في برنامجه حفظ الأمن أكثر غيره والذي سيأخذ تركه مُهلكة من سابِقه المهزوم، سيحلم بعدها بالأمن أكثر مما يحلمون به الآن ..
ووالله لنجعلنّهم أتعس شعوب الأرض وأكثرها فقداً للأمن بعون العزيز الجبّار !!
إن العالم الغربي بقيادة أمريكا في حربنا كان يعيش في رفاهية وسعة وبحبوحة من التقدم المادي، وقمة التطور في شتى مجالات الحياة، لكنه اليوم يعيش في الحضيض بفقد الأمن، ويعيش حالة من الخوف والرعب والقلق ويسيطر ذلك على جميع نواحي الحياة عندهم ..
فلم تحقق لهم الرفاهية الأمن، فالأمن لا يأتي من غير الإيمان وهما متلازمان ..
يقول الحق تبارك وتعالى: " وَلَو أَنَّ أَهْلّ القُرى آمَنُوا واتَّقَوا لَفَتَحْنا عَلَيْهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأرْضِ وَلكِن كَذّبُوا فَأَخَذْناهُم بِما كانُوا يَكْسِبُون " ، ويقول أيضاً: " وَأَلَّو اسْتَقامُوا عَلى الطَّرِيقةِ لأَسْقيْناهُم ماءً غَدَقاً " ، فلا أمن ولا رخاء ولا سعادة ولا طمأنينة إلا بالإيمان بالله وحده وتحكيم شرعه ..
ويقول الحق تبارك وتعالى يصف أسباب إرسال الخوف على الأمم " وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَت آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأتِيها رِزْقُها رَغَداً مِن كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَت بِأَنْعُم اللهِ فَأَذاقَها اللهُ لِباسَ الخَوْفِ وَالجُوعِ بِما كانُوا يَصْنَعُون " ..
لقد تداعت الأمم على دولة العراق الإسلامية كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، الدول عظمى، الاستخبارات العالمية، المنظمات الدولية ومراكز البحوث، أجهزة الإعلام العالمية كلها - باستثناء أهل الخير والصلاح في شبكات الإنترنت الجهادية -، أحدث الطائرات الحربية، الأقمار الصناعية، صواريخ قنابل دبابات، دول الجوار، الصحوات والجيش والشرطة، مشايخ وفصائل تجارية مقاومة، وغيرها الكثير الكثير رموها بقوس واحدة وحسبنا الله ونعم الوكيل ..
بمقاييس الدنيا الدنية الصرفة لا يمكن أن تصمد هذه الدولة الإسلامية ولا أسبوع واحد أمام كل أولئك المجرمين، وليس لها أي أمن ولا أمان !!
ولكنها باقية !!
يقول ربي تبارك وتعالى: " الذِينَ قَالَ لَهُم الناسُ إنّ النّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم !! فَزادَهُم إيماناً وَقالُوا حَسْبُنا اللهُ ونِعمَ الوَكِيل " ..
نعم .. زادهم إيماناً ولم يزدهم خوفاً ولا هلعاً ..
إن العلاقة بين الأمن والإيمان جاءت واضحة جلية في كتاب الله عز وجل خالق كل شيء، وفي سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم معلّم البشرية جمعاء ..
فبداية طمأنينة القلب لن يحصل عليها أعداء الله بل يحصل عليها الذين آمنوا وحدهم ولو استعان الأدعياء – التجّار - بكل من يستطيعونه فلن يحقق لهم ذلك، يقول ربي سبحانه: " الذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكرِ اللهِ ، أَلا بِذِكرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوب " ..
ويحصل انشراح الصدر وزوال الضيق لمن أسلم وجهه لله وحده لا وطنية ولا قومية ولا حزبية بل إسلامية " أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِن رَبِّهِ "، أما الطرف الآخر المحارب لدعوة الأنبياء والرسل " فَوَيْلٌ لِلقاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِن ذِكرِ اللهِ ، أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ " ..
ويُنزل الله جل جلاله السكينة على قلوبهم فيزول القلق ويزدادوا إيماناً وعبادة لله وابتعاداً عن المعاصي " هُوَ الذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤمِنِينَ لِيَزدادوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِم " ..
فينعموا بالأمن والطمأنينة، فإن ثبتت دولتهم وحكموا بما أنزل الله وحده من غير إي قوانين وضعية فهنالك الأمن الذي لن يوجد عند غيرهم في الأرض كلها بإذن الله العزيز الحكيم ..
يقول الحق تبارك وتعالى: " الذِينَ آمَنُوا وَلَم يَلْبِسُوا إِيمانَهُم بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُم الأَمْنُ وَهُم مُهْتَدُون " ..
فماذا يخيفنا من أعدائنا الحقراء الأذلاء !! أهو الاعتقال والسجن والتعذيب والتحقيق !! خسئوا وخابوا بل يزيدنا قوة وثباتاً على الدين ما دمنا ننصر دين الله ابتغاء مرضاته ..
أم يخيفنا القتل والتشريد والمطاردة !! وما أحلى الأذية في سبيل نصرة دين الله جل جلاله ..
فنحن في أمن لن يحصل عليه الأمريكان وحلفاؤهم ومن يسير في مشروعهم ..
فمن أحق بالأمن هل دولة الإسلام أم خصومها ؟!!
يقول ربي سبحانه: " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " ..
فهذه الحياة التي يشعر بها قادة وجنود دولة العراق الإسلامية وسيشعر بها – بإذن الله - كل من هو تحت سلطانها أدام الله عزها ..
أما أعداء دولة الإسلام من الأمريكان ومن والاهم وسار في ركبهم فهم أبعد الناس عن الأمن والطمأنينة والسكينة، يقول ربي سبحانه: " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا "، ويقول: " وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ " ..
أما الصحوات والفصائل التجارية المقاومة ومن أفتى لهم فهم بعيدون عن الراحة والطمأنينة أيضاً، ففرق بين من يبتغي رضا الله وبين من يريد أن يرضي أطراف متعددة !!
يقول الرسول الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم -: " مَن التَمَسَ رِضا الله بِسَخَطِ الناسِ ، رَضِي اللهُ عَنه ،وأَرضى عَنه النّاس، وَمَن التَمَس رِضا النّاس ِبِسَخَطِِ الله ، سَخِطَ اللهُ عَليهِ ، وَأسْخَطَ عَلَيْهِ النّاس " ..
فمن يرضى الله عنه لا يشعر بالخوف ولا بفقدان الأمن ..
وإني - أنا العبد الفقير إلى الله المُعتز بدينه - أُشهِد الله وأُشهِد حملة عَرشِه وملائكته وجميع خلقه إني راضٍ عن دولة العراق الإسلامية وقادتها وجنودها وجهادها ..
فدولة الإسلام أحق بالأمن من خصومها أعداء الله تبارك وتعالى، أما وقد قامت الحرب بين الفسطاطين، فنحن قد ازددنا امانا وعدونا ازداد رعباً وخوفاً وعدم طمأنينة !!
وأضرب مثالاً على الفرق بيننا وبينهم، فبعد أحداث الثلاثاء الرائع المبارك بضرب أمريكا بأربع طائرات، عاشت أمريكا إلى يومنا هذا في رعب وخوف وهلع لم تنتهي ولن ينتهي بإذن الله، ولمن يعرف من يعمل في مجال الطيران أن يسأله ما الذي تغيّر في الإجراءات منذ تلك الأحداث المباركة فسيجد عجباً عجاباً !!
وفي مثالنا هنا تشير إحدى الدراسات الأمريكية – والتي يخفون الكثير من الحقيقة فيها كعادة المنهزمين في الكذب – لحساب " الجمعية الأمريكية للطب النفسي " إلى أن ما بين ستة جنود من بين كل عشرة ذهبوا للعراق وأفغانستان يعانون من " ضغوط نفسية مؤلمة "، وهؤلاء الذين ذهبوا للعلاج – بحسب الدراسة – وأن معظم من يعاني من تلك الضغوط يحاول إخفاؤها وبعضهم لم يذهب للعلاج خوفاً من الفضيحة فلم يصنّف ضمن الستة من بين كل عشرة علوج حمقى منهزمون حاولوا محاربتكم يا دولة الإسلام ..
يقول الله سبحانه وتعالى: " سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ " ..
ويقول أيضاً: " وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ، فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا " ..
فمهما حاربوكم فانتم في أمن وهم في رعب وخوف ووجل، يقول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -: "أُعطِيتُ خَمساً لَم يُعطَها أَحدٌ قَبلِي ، نُصِرتُ بِالرُّعب مَسِيرةَ شَهرٍ ، وَجُعِلَت الأرضُ لِي مَسْجِداً وَطَهُوراً .. " ،،
قال بعض شُرّاح الحديث بأن هذا ليس خاصاً بالنبي وحده بل له ولأمته، حيث قال في الحديث " وجُعِلت الأرض لي مسجداً " وهذا الحُكم له ولأمته، وعليه فما قبله مثله أي " نُصِرت بالرّعب " أي له ولأمته إنما كانت الخصوصية بأنه لم يُعطها أحد من الأمم قبله ..
وقد ورد الحديث عند الدارمي بلفظ " ويرعب مِنّا عَدونا مَسِيرَةَ شَهر " ..
وقال السندي في حاشيته على سنن النسائي: " وقد بقي أثر هذه الخاصة في خلفاء أمته ماداموا على حاله " ..
وهذا ما نراه ونلمسه في أعداء دولة الإسلام ..
فاحكموا بشرع الله عز وجل وحده لا شريك له، يقول ربي سبحانه: " الذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُم بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُم الأَمْنُ وَهُم مُهْتَدُون " .. حين نزلت هذه الآية شقّ على الصحابة ما فيها فقالوا " وأيّنا لم يظلِم نفسه " !!
وهم أفضل الناس بعد الأنبياء والرسل وقد خافوا إلا يكون لهم هذا الأمن !! أينا لم يعصِ الله ! أينا لم يرتكب خطيئةً أو ذنباً ! ولكن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – طمأنهم بقوله: " لَيْسَ ذلِك ! وَإِنَّما هُوَ كَما قالَ العَبْدُ الصالِح " يا بُنَيّ لا تُشْرِك باللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلمٌ عَظِيمٌ " .. " ..
فمن ترك الشرك ولم يخلط توحيده به فله الأمن في الدنيا والآخرة ..
وأقول لكل خصوم دولة الإسلام من أمريكا وحلفائها والفصائل التجارية المقاومة التي تسهّل عليها مهمتها والصحوات المرتدة وكل من يقف في وجهها ، ما قال ربي جل في علاه: " فَأَيُّ الفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمنِ إِن كُنْتُم تَعْلَمُون !! الذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُم بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُم الأَمْنُ وَهُم مُهْتَدُون "
إنكم لا تفقدون العزة التي نشعر بها، فالإنسان لا يفقد أبداً شيئاً لم يحصل عليه ..
ويا دولة الإسلام وجنودها .. اثبتوا على دين الله ولا تُداهنوا فيه ولا تتنازلوا عنه، عضوا عليه بالنواجذ، وعلامات تأيد الله عز وجل لكم عديدة، بسبب نصرتكم له ولدينه ولنبيه، وإن عدوّكم لم نعلم أنه يخشى من شيء كخشيته منكم " لأنْتُم أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِنَ اللهِ " ، وهم لا يشتكون ويخافون إلا منكم أنتم دون غيركم من الفصائل، وهذا تأييد من الله عز وجل وعلامة لكم أيها المؤمنون المجاهدون لكي لا تكلّوا أو تملّوا أو تهنوا أو تحزنوا، يقول الرب سبحانه : " إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلى المَلائِكَةِ أَنِّى مَعَكُم فَثَبِّتُوا الذينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الذِينَ كَفَرُواالرُّعْبَ " ، وقد ألقى في قلوب أعدائكم الرعب منكم ، وأيدكم بتأييد من عنده ..
ربما لا تستسيغ عقول الغرب وطواغيت الشرق وبعض المغرر بهم والمتفيقهين بأن ثلّة مؤمنة قد أنشأت دولة إسلامية تستطيع أن تقود العراق وتحكمه، وأنا أقول بل تستطيع هذه الدولة في بضع سنين بإذن الله أن تقود العالم الإسلامي كله، وذلك بتمسّكها بمنهج رباني على هدي نبوي شريف، يجعل القائمين عليها أكفّاء لهذه المهمة وأكثر منها، وتفكّروا معي .. هل يُمكن لطفل غلام أن يقود جملاً ؟! إلا إن كان الغلام يحمل من الوعي ما يفقده الجمل !! .
:: كَـلِــمَةٌ أَخِـيرَةٌ ::
ماذا يفعل الإنسان الحُر الذي تتحشرج فيه الأنفاس الأخيرة بالأغلال التي عليه من جاهلية معاصرة تقيّده وهو يرى بزوغ فجر على الأفق بإقامة دولة للإسلام ..
عادت له حياته بمجرد سماعه بها وبرجالاتها الذين باعوا أنفسهم لقيامها لتحرير الناس بتوحيد الله وعبادته وحده وتحكيم ما ارتضاه للناس مما شرعَهُ لهم ومما هو أعلم بما يصلح لهم ..
ماذا يفعل وهو يرى من يعيد له أنفاسه وحياته وقد تآمر عليه القريب الذي يتجهمنا والعدو الذي تملّك أمرنا ..
ماذا يفعل هذا الإنسان وهو يفزع لخلو الساحة من المخلصين إلا من قلة قليلة قابضــــــة على الجمر..
ماذا يفعل وهو يرى أدعياء الجهاد وهم يتآمرون على هذا الأمل الذي يكاد يعيد له الحياة..
إنه لا يملك إلا أن يستجمع قواه ليقف وقفة شامخة ويصرخ متفائلاً باستعادة حياته قائلاً: إن دولة الإسلام باقيــــــــة..
فإلى إخواني المؤمنين الكرام خصوم دولة العراق الإسلامية مِن مَن زلّت قدمه في ( بعض ) الخصومة أو تناقل بعض الافتراءات والإشاعات أو سمح بها وأشرف عليها ولم ينكرها وشكك في إخوانه أقول:
لقد علِم الناس صدق منهج دولة الإسلام، وعلِموا أن قادتها وجنودها هم أكثر من افتُري عليهم وعُودوا، وشارك في الافتراءات عليهم جهات عديدة جداً، وقد سقط الكثير من أدعياء الجهاد المتاجرين به وبدؤوا يفضحون أنفسهم بأنفسهم، " وَلا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيئ إِلا بِأَهلِه "، ولقد تمايزت الصفوف جيداً " لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَن حَيَّ عَن بَيِّنَة "، فأقول لكم كلمة وجيزة جداً، أذكركم بقول ربي الرحيم الودود: " يا أَيُّها الذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً . عَسى رَبُّكُم أَن يُكَفِّرَ عَنْكُم سَيِّئاتِكُم وَيُدْخِلَكُم جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأَنْهارُ . يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالذِينَ آمَنُوا مَعَه، نُورُهُم يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِم وَبِأَيْمانِهِم .. " ، أسأل الله تعالى بمنة وجوده وكرمه أن يجعلنا ممن لا يخزيهم ويجعلنا مع ( النبي ) - صلى الله عليه وآله وسلم - والذين آمنوا معه، و أن لا يحرمنا النور معهم ..
تدبّروا قليلاً بالظلم الذي وقع على إخوانكم في دولة الإسلام، أتعلمون الضيق والكرب والبلاء الذي أصيبوا به ! أتعلمون مقدار الهم والغم الذي عاشوه !
أتعلمون الدماء الزكية التي أُريقت ظلماً وعُدواناً والأعراض التي انتُهِكت !
أقول لكم جميعاً: استغفروا الله وتوبوا إليه .. واعلموا بأن صدورنا مفتوحة لكم .. ونحن في شوق إليكم يعلم الله، فنحن منكم وأنتم منا، ومن منا لا يُخطئ ، والأمر لم يتجاوز قنطرته ..
وضَعُوا نصب أعينكم قول ربي سبحانه: " وَِإن تَتَوَلَّوا يَسْتَبْدِل قَوْماً غَيْرَكُم ، ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُم " ..
وإلى إخواني وأحبابي قادة وجنود دولة العراق الإسلامية الشامخة ومناصريها ومحبيها أقول:
اثبتوا فإنكم على الحق .. اثبتوا فإنكم على الحق .. اثبتوا فإنكم على الحق المبين ..
وإياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تبدّلوا أو تغيّروا هذا الدين أو تداهنوا فيه، تمسّكوا بحبل الله المتين وكونوا أرحم المسلمين بالمسلمين، وأشدهم على الكفار والمنافقين ..
تمسّكوا بشريعة النبي الكريم سيدنا وحبيبنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – وعضّوا عليها بالنواجذ، فلا خيار عندكم سواها، ولا تحكّموا غيرها أو تشركوها بما هو دونها، فهي تعلو ولا يُعلى عليها أبداً ..
وكلها أياماً معدودات .. ثم نلقى الأحبة .. محمداً وآله وصحبه ..
لقد وعدنا النبي الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم - بلقياه عند الحوض فقال:" أَلا إِنَّ مَوْعِدَكُم حَوْضِي، عَرضُهُ وَطُولُهُ واحِدٌ وهُوَ كَما بَين أَيلَة ومَكّة، وهو مَسِيرة شَهر فيه مثل النُجوم أبارِيق، شَرابُه أشدُّ بياضاً مِن الفِضة، مَن شَرِب منه مَشْرَباَ لَم يَظْمَأ بَعْدَهُ أبداً ".
ولقد اشتاق إلينا أفضل الخلق وأكملهم وهو أشرف الأنبياء والمرسلين .. نعم لقد اشتاق إلينا وإلى رؤيتنا .. فقال قُبَيل وفاته:" وَددتُ أُنّي لَقَيِتُ إِخْوانِي .. " ..
فهل نستحق كل هذا الشرف العظيم .. يشتاق إلينا ويعِدنا للقياه عند الحوض .. ويصفنا بإخوانه ..
ألم يهدينا الله به .. ألم ينقذنا الله به .. ألم يرحمنا الله به .. ألم يكرمنا الله به ..
فداه أبي وأمي ونفسي وكل الأقربين ..
ولتثكلنا أمهاتنا إن لم ننصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..
فيا إخواني وأحبابي، أُحذركم وأحذر نفسي – الظالمة المذنبة المقصرة - من أن نُخالف أمر نبينا وحبيبنا وقرة أعيننا صلى الله عليه وآله وسلم، أو أن نُبدّل دينه وشرعه، أو أن نُسوّد وجهه !!!
أو نُحكّم غير شريعة الله عز وجل فيما نملك .. فإن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - قد قال: " أَلا وَإنّي فَرطُكم عَلى الحَوْضِ أَنظُرُكُم، وإني مُكاثِرٌ بِكُم الأُمَم ، فَلا تُسَوِّدُوا وَجْهِي !! أَلا وَقَد رَأَيْتُمُونِي وَسَمِعْتُم مِنِّي، وَسَتُسأَلُونَ عَنِّي، فَمَن كَذَبَ عَليَّ فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النّارِ، أَلا وَإِنِي مُسْتَنقِذٌ رِجالاً أََو إِنَاثا وَمُسْتَنقذ مِنِّي آخَرُون فَأقُولُ: يا رَبِّ أَصْحابِي ! فَيُقالُ: إِنَّكَ لا تَدْرِي ما أَحْدَثُوا بَعْدَك " ..
ثم يقول لمن أَحدَثَ بعده أو غيّر أو بدّل: " سُحْقَاً سُحْقَاً لِمَن بَدّلَ بَعْدِي " ..
فإياكم أن تبدّلوا أو تتنازلوا عما أنتم فيه من الحقّ، واجعلوا نصب أعينكم رضا الله عز وجل وحده لا شريك له، فإن رضي عنكم فلا يسخط عليكم .. وذلك هو فوز الدنيا والآخرة .. ذلك هو الفوز المُبين ..
أقول ما قرأتُم وأستغفر الله لي ولقادة وجنود دولة العز الشامخة " دولة العراق الإسلامية " ولشيخنا أبي عمر البغدادي.. ولوالديَّ وللمؤمنين والمؤمنات ..
كتبه / أسد الجهاد2
رأس حربة المجاهدين
الاثنين 11 / شعبان / 1429 هـ
الموافق 11 / آب-أغسطس 200