• 0
  • مالي خلق
  • أتهاوش
  • متضايق
  • مريض
  • مستانس
  • مستغرب
  • مشتط
  • أسولف
  • مغرم
  • معصب
  • منحرج
  • آكل
  • ابكي
  • ارقص
  • اصلي
  • استهبل
  • اضحك
  • اضحك  2
  • تعجبني
  • بضبطلك
  • رايق
  • زعلان
  • عبقري
  • نايم
  • طبيعي
  • كشخة
  • النتائج 1 إلى 4 من 4

    الموضوع: رحلة الايمان من التقليد الى البرهان

    1. #1
      التسجيل
      06-03-2008
      المشاركات
      81
      المواضيع
      20
      شكر / اعجاب مشاركة

      رحلة الايمان من التقليد الى البرهان


      رحلة الايمان من التقليد الى البرهان/ الحلقة (1)
      د. فخري مشكور

      في ليلة شتائية قارصة البرد كان عماد جالساً يشاهد التلفزيون عندما جاء والده متأخراً ليخبره بأنه يريد ان يفتح معه حديثاً جدياً.
      ذهبا معاً الى الغرفة الهادئة المجاورة ليجري بينهما الحديث التالي:
      - اتعلم يا ولدي لماذا طلبت الجلوس معك في هذه الليلة؟
      - لا يا والدي, ولكني أأنس بحديثك أو بالحديث معك.
      - لقد كنت منذ مرة اعد لهذا اللقاء بل لسلسة لقاءات, هذا اولها.
      - منذ متى؟
      - منذ بلوغك سن الرشد قبل عام تقريباً... لقد كنت مشغولاً باعداد برنامج خاص لك.
      - وأي برنامج هذا؟ وما علاقة الامر بالبلوغ؟
      - البلوغ هو الحد الفاصل يا ولدي بين الطفولة والرجولة, بين اللعب والجد, بين الحرية المطلقة والتكليف الذي هو المسؤولية. وبرنامجي هو الدخول معك في سلسلة أحاديث حول الدين, حول العقيدة, حول الايمان حول الحياة والانسان والمجتمع والكون, وأشياء أخرى كثيرة, لابد من أن تكون عنها نظرة صائبة, وتحدد منها موقفاً عقلياً أولاً, ثم موقفاً عملياً يتناسب مع المرحلة, التي دخلت فيها وهي مرحلة البلوغ والتكليف, أو سن الرشد.
      - شكراً يا والدي على هذه الثقة التي تمنحها لي.
      - هذه الثقة يا ولدي هي قبل ذلك ثقة الله بك, فلو لم يجدك أهلاً للتكليف لما كلفك. ان التكليف هو تكريم, فالله تعالى قد كرمك اذ كلفك, الا ترى ان الله تعالى لم يكلف غير الانسان من مخلوقاته؟
      - فعلاً يا والدي, كلامك هذا جعلني اشعر بالفخر, ةزاد من حبي لله تعالى. لأنه كلفني. أرجوا أن أكون عبداً صالحاً يحب الله ويطيعه.
      - أحسنت يا ولدي! فالعبد الصالح يحب الله ويطيعه. والحب والطاعة أمران متلازمان. والشاعر يقول: "ان المحب لمن يحب مطيع".
      - يبدو لي يا ابي ان الذين يعصون الله انما يفعلون ذلك, لأن قلوبهم خاوية من حبه سبحانه.
      - بالضبط, بل ان بعض ضعاف الايمان لا يستشعرون حب الله. وان ادوا واجباتهم الدينية فأنهم يؤدونها بدون رغبة, واذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى.
      - لقد قرأت أمس في القرأن:
      "ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"
      - وماذا تستوحي من هذه الاية؟
      - استوحي منها ان بين المؤمن وربه حباً متبادلا.
      - والحب يدعو للطاعة, وتحمل المشاق من أجل الحبيب أليس كذلك؟
      - لقد أعجبني الدعاء الذي قرأته أمي البارحة في الصحيفة السجادية, وأنا الان احاول أن أحفظه.
      - أي دعاء يا ولدي؟
      - الدعاء الذي جاء فيه: (أسألك حبك وحب من يحبك, وحب كل عمل يوصلني الى قربك, وأن تكون أحب الي مما سواك, وأن تجعل حبي اياك قائداً الى رضوانك, وشوقي اليك ذائداً عن عصيانك).
      - هذا الدعاء ايضاً يلقي ضوءاً على العلاقة بين الحب والطاعة.
      - ولكن يا أبي, كيف يمكن أن نوجد حب الله في قلوبنا؟
      - الجواب بسيط.. بمعرفته, اذا عرفت الله حق معرفته, أحببته حباً جما.
      - فالخطوة الاولى اذن هي نعرفة الله.
      - (أول الدين معرفته) كما في نهج البلاغة.
      - معلافة الله اول الدين, ومعلافة الله مقدمة لحبه, اذن معرفة الله مقدمة للدين ومقدمة لحبه. هذه معادلة رياضية يا والدي أو ما يشبه المعادلة الرياضية.
      - كيف؟
      - في الرياضيات توجد عملية الاستعاضة في التعامل مع المعادلات.
      - نعم, نعم ذكرتني بالاستعاضة.
      عندما نطبقها هنا نقول:
      المعرفة = الدين
      المعرفة = الحب
      بالاستعاضة يصبح الدين هو الحب أليس كذلك يا أبي؟
      - وهذا عين الذي قاله الامام الصادق.
      - وماذا قال؟!
      - قال (وهو الدين الا الحب)؟ والحب اجمل شيء في الدنيا يا ولدي!
      - الله اكبر... لقد أصبحت يا أبي تتحدث بلغة الشباب.
      - لغة المراهقين.. أليس كذلك؟
      - لقد ترددت خجلا – يا أبي – أن أقول لك ذلك.
      - نعم, تحدثت معك بلغة المراهقين, فقد أمرنا رسول الله أن نكلم الناس على قدر عقولهم, والله تعالى أرسل كل رسول بلسان قومه, فلماذا لا أتحدث مع المراهقين بلغتهم؟
      - فعلا يا ابي, فما لم يسمع الانسان حديثاً بلغته, فأنه لا يفهمه ولا يتفاعل معه. لقد أهداني أحد المعلمين كتاباً دينياً, عانيت اشد المعاناة في قراءته, ثم تركته, لأنه كان يتحدث بلغة شيوخ عاشوا عصراً سابقاً, لا علاقة له بما نعيشه نحن اليوم.
      - وهذا هو السبب في اعراض بعض الشباب عن الدين, لانهم لا يجدون من يعرض لهم الدين باللغة التي يفهومنها. ففي عصرنا هذا, عصر الكمبيوتر والانترنت, لا يمكن لأن نقدم الاسلام من خلال الطبعات الحجرية للكتب الكلامية.
      - ما أجمل حديثك يا أبي! لقد ازددت حباً لك, وازددت حباً وشكراً لله الذي اعطاني هكذا اب.
      - وأنا ازددت حباً لله الذي اعطاني هكذا ولد.
      - الحمد لله.
      - له الحمد والشكر
      - لقد ابتعدنا يا ابي عن الموضوع.
      - بل قد وصلنا الى صلب الموضوع. وصلنا الى الحب, فحبي لك, وحبي لله هو الذي دفعني للحديث معك حول الدين والحياة والله والانسان والدنيا والاخرة.. أريد ان اقوم معك بمراجعة شاملة لكل الافكار المتعلقة بالدين, وذلك بعد بلوغك سن الرشد.
      - ولكنك يا أبي علمتنا فيما مضى من السنين جل أمور ديننا, وشرحت لنا الكثير من مسائل العقيدة, وبينت لنا أصول الدين وفروعه, ورسمت لنا طريق الهداية. فهل ترى في ايماني نقصاً؟ أم في سلوكي اعوجاجاً؟
      - المسألة ليست مسألة نقص في الايمان, أو اعوجاج في السلوك يا ولدي... انها شيء اخر مختلف تماماً, وخطير جداً واني اريدك ان تهيء نفسك, وتجمع شجاعتك, لتطلع عليه من دون أن تصاب بصدمة.
      - خيراً يا ابي, ما هو هذا الامر الخطير الذي ينبغي أن اعرفه بعد بلوغي سن الرشد؟!
      - أردت يا ولدي أن أقول لك: ان كل الذي تعلمته مني حول الدين كان خطأ.
      - ماذا تقول؟َ!
      - كما قلت لك, كل ما سمعته مني حول الدين كان خطأ في خطأ.
      - أبي... ماذا... ماذا تقول؟َ! أي جانب من الدين؟ خطأ؟ الأحكام؟ العقيدة؟ الأخلاق؟! أرجوك... أفصح يا ابي.
      - أقصد ان اساس الدين.. العقيدة, الايمان بالله, الاخرة, الانبياء والرسل... كل ما تعلمته في شؤون العقيدة كان خطأ.
      - استغفر الله يا ابي.. ماذا دهاك؟ عفواً يا ابي عفواً اذا اسأت الادب. كيف يكون الايمان بالله واليوم الاخر والكتب والرسل خطأ؟ انني لا اصدق ما أسمع.
      - سأجيبك عن سؤالك غداً.
      - أرجوك يا ابي افصح عن قصدك, لقد ألقيت بذرة الشك في عقلي, فكيف تتركني هكذا؟ كيف سأصلي اذن وأنا في شك؟
      - ومن طلب منك أن تصلي؟
      - ألست أنت الذي طلبت مني أن أقيم الصلاة وأصبر عليها؟
      - ان صلاتك هذه باطلة؟
      - باطلة؟! سبحان الله.. اذن هل أترك الصلاة؟
      - ذلك لك ان شئت صليت, وان شئت تركت الصلاة.
      - عجيب... انني أكاد أجن, ابي يأمرني بترك الصلاة.. أبي الذي علمني الصلاة يأمرني بتركها!
      - لم امرك بتركها يا ولدي, قلت لك: ذلك لك ان شئت صليت وان شئت تركت.
      - وهذا ايضاً أمر عجيب.. ألم تعلمنا أن الصلاة عمود الدين, وأن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة هو الصلاة, وأن الله تعالى يقول: (وأقم الصلاة لذكري؟)
      - قلت لك: ان كل ما تعلمته مني قبل البلوغ كان خطأ.
      - حرام عليك هذا الكلام يا أبي!
      - وما معنى حرام؟
      - معنى حرام؟! معناه أن ذلك لا يرضي الله.
      - الله!؟ ومن هو الله؟
      - يا الهي.. سأجن. سأجن.!!
      - لا تجن.. ولماذا تجن؟ سألتك سؤلاً أجب عنه أو قل: لا اعرف.
      - انك تسألني: ومن هو الله؟
      - وما العيب في هذا السؤال؟
      - أرجوك يا والدي.. ما الذي حصل؟ أصحيح أنك أنت الذي تتحدث بهذا الحديث؟ أنت أبي تقول هذا الكلام؟.
      - نعم, أنا أبوك أقول هذا الكلام. وان لم أقله فلست بأبيك.
      - يا الهي: ماذا جرى يا أبي؟!
      - غداً سنكمل الحديث, قم لتنام, أستودعك الله, تصبح على خير.
      *التكملة في الحلقة القادمة





      كل المأسي ضياع الدين مصدرها....فقوم البيت بالإسلام يستقم
      هو الاساس فإن أحكمته إنضمت....لك الحياة و إن تجاوزت تنعدم



    2. #2
      التسجيل
      06-03-2008
      المشاركات
      81
      المواضيع
      20
      شكر / اعجاب مشاركة

      : رحلة الايمان من التقليد الى البرهان ج2


      [COLOR="Red"]عنوان الحلقة..صمت وتأمل ووجوم.
      [/COLOR


      ]ترك الوالد ابنه حائراً من هول الصدمة,وانسحب الى غرفة نومه حيث أمه جالسة تنتظر نتيجة اللقاء,سألها مبتسماً,يبدوأنك سمعت الحديث ,أليس كذلك؟
      أجابته: نعم,ولكن,هل سيتحمل هذه الصدمة؟
      أجاب الأب: أظنه كذلك,كما تحملها أخوه من قبل.
      أطلقت الأم آهة متصلة بدعاء :"اللهمأهده بهديك,واستخلصه لطاعتك,واجعله من جندك".
      ثم خاطب الأب :"تذكرت الموقف من أخيه عندما بلغ سنالرشد,يومها كنت قلقة جداً,قلت لك: إنك تمارس لعبة خطرة قد تؤدي بالولد الى الانحراف,فطمأنتني الى النتيجة,وشرحت لي ضرورة تلك العملية,وها نحن الآن نشاهد النتيجة ,لقد أصبح في اوروبا علماً من أعلام الهداية الى الله,لم تنجسه الجاهلية بأنجاسها ,ولم تلبسه من مدلهمات ثيابها.
      أطرق الأب قليلاً ,ثم قال:
      لو تركناه على تدينه التقليدي,وعقيدته الموروثة,وصلاتهالمكتسبة من البيت ومن تقاليد المجتمع,فإنه قد ينحرف إذا واجه تيارات فكرية مخالفة ,أو تقاليد مجتمع مختلفة,أو عادات بيئية أخرى.
      حدقت الام صوب غرفة ولدها وتنهدت,وقالت :"لهفي عليك يا ولدي كيف ستنقضي عليك هذه الليلة؟!".
      رمقها الأب بنظرة ذات مغزى,وهو يقول :"كيف انقضت الليالي على إبراهيم,وهو يرى ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين,الى أن وجّه وجهه للذي فطر السماواتوالأرض حنيفاً مسلماًوما كان من المشركين".
      أما الابن المراهق,فبعد أن أغلق أبوه الباب ظل متجمداً بلا حراك,ثم شعر بدوار,فألقى بنفسه على السرير ,ودارت في ذهنه خواظر عديدة متلاحقة ومتضاربة,ولم يستطع أنيتبين ماذاحدث ولاكيف يواجهه.
      أحس للحظة أن رأسه يريد أن ينفجر,لكنه سرعان ماتمثلت أمامه صورةأمه,وهي تجلس في مصلاها مستقبلة عند الشدائد ,رافعة يديها بالدعاء,مكررة بصوت شجي.
      "الهي من لي غيرك أسأله كشف ضري والنظر في أمري؟".
      وباستجابة سريعة الى إيحاء تلك الصورة,نهض من مكانه,وتوجه على عجل الى صنبور الماء ليسبغ الوضوء ويعود الى غرفته,ليتوجه نحو القبلة ويصلي ركعتين ,اعتراه خلالهما شعور بالخشوع المشوب بالخوف والقلق,كما راحت تساوره أفكار متناقضة,وترن في أذنيه الكلمات التي سمعها من أبيه.
      "كل ماتعلمته من الدين قبل البلوغ كان خطأ".
      توقف أثناء صلاته وكاد يقطعها,لكنه واصل جهده في استحضار فكره فيما يقرأ.
      فقد كان أبوه يعلمه على التوجه في الصلاة,والانتباه الى معاني مايقرأه من ذكر أثناءها.
      نعم,كادت تقطع سلسلة أفكاره جملة أبيه.
      "ومن هو الله؟"
      يهتز ويضطرب لكنه يتمالك نفسه حتى يصل الى القنوت,يرفع يديه وتنطلق منه الكلمات بقوة وحرارة.
      "يادليل المتحيرين,ياهادي المضلين,ياأرحم الراحمين,يا هو اقراب الي من حبل الوريد,أنقذني من حيرتي"
      يتوقف لحظات,وأفكاره تتقاطع مع بعضها,وقلبه يخفق بشدة ثم يسكن,فجأة تعتريه حالة من الاطمئنان,عندما تنطبع في ذهنهصورة لوحة يقرأها كثيراً في المسجد.
      (وإذا سألت عبادك عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون).





      كل المأسي ضياع الدين مصدرها....فقوم البيت بالإسلام يستقم
      هو الاساس فإن أحكمته إنضمت....لك الحياة و إن تجاوزت تنعدم



    3. #3
      التسجيل
      06-03-2008
      المشاركات
      81
      المواضيع
      20
      شكر / اعجاب مشاركة

      رحلة الايمان من التقليد الى البرهان/ح(3)




      عنوان الحلقة/ في الليلة التالية.. الدليل الوجداني
      * كيف حالك يا ولدي؟
      * والله يا ابي لا اخفيك.. لست على ما يرام. لم يبق لي حال.
      * لماذا؟ هل تشكو من مرض؟
      * يا ليتني كنت مريضاً!
      * لا سمح الله يا ولدي, ما الذي حصل؟
      * تسألني ما الذي حصل؟ أنا الذي سألتك هذا السؤال الليلة البارحة.
      * لم يحصل الا خير.
      * أي خير هذا؟ لقد ألقيتني في بحر الشك, فقذفتني الامواج بعيداً عن الساحل, لا سباحة تنفعني, ولا مركب ينقذني!
      * الحمد لله.. الحمد لله. هذا ما كنت اريده.
      * لماذا يا ابي فعلت ذلك؟ قل لي بالله عليك
      * سأخبرك, ولكن قل لي اولاً بعد ان قذفت بك الامواج بعيداً عن الساحل حيث لا سباحة تنفعك, ولا مركب ينقذك, الى اين وصلت؟
      * لقد شعرت بضعفي وانقطاع السبل بي, ولم ار من ينفعني وصرت ابحث عن قوة مطلقة تستطيع ان تمد لي يد العون وتنقذني من هذا البحر المتلاطم الى ساحل الامان, وفجأة احسست ان هذه القوة الى جانبي فناديت من اعماقي "يا رب العالمين" واذا بالطمأنينة تنزل علي, ويغمرني روح اليقين, فتبددت عني الشكوك وعدت الى ما يشبه اليقين لقد خرجت من بحر الشك الى ساحل الايمان.
      * ما شاء الله, ما شاء الله, الله اكبر يا ولدي, والحمد لله, هذا بالضبط ما كنت اريده لك, لقد اردتك ان تجد الله بنفسك, وان تجده بعد البحث عنه, وان تعاني في هذا البحث, لكي تعرف قيمة ما تجد. لقد اردت لك ان تطوي رحلة القلب من الشك الى الايمان, لكي تؤمن بربك الذي وجدته, لا بالرب الذي سمعت عنه في احاديث ابيك, واين الايمان من هذا؟!
      * صدقت يا ابي, لقد امتلأ قلبي اطمئناناً بعد تلك المعاناة, وانا الان اشعر بالفرق بين اماني السابق وايماني الجديد, الذي جاء بعد هذه التجربة الوجدانية.
      * ان هذه التجربة تسمى بالدليل الوجداني على وجود الله, وهو دليل ليس عقلياً, وليس قائماً على التحليل المنطقي والاستدلال الكلامي, بل هو دليل الفطرة الخام, الفطرة البسيطة, المجردة, التي تتجه بطبيعتها نحو الله بعد ان تنفض عنها الركام الذي يغطيها.
      * زدني يا ابي.
      * الفطرة البشرية يا ولدي تؤمن بطبيعتها بالله سبحانه وتعالى, ولا تسأل الفطرة عن دليل. أرأيت كيف يتجه العطشان نحو الماء؟ فلو استوقفته وهو يرفع الكأس الى فمه لتسأله: "ما الدليل على ان ما تشربه هو الماء؟" فبماذا يجيبك؟
      * اذن لماذا لا يؤمن جميع الناس بالله اذا كانت الفطرة دليلهم؟
      * العين يا ولدي ترى, ولكنها لا تستطيع الرؤية اذا وضعت عليها عصابة سميكة, والاذن تسمع, ولكنها تعجز عن السمع اذا وضعت فيها اصبعك.. والفطرة كذلك تتجه الى الله, ولكنها ينبغي ان تكون حرة طليقة لا تقيدها شهوات الدنيا, ولا تغطيها شياطين الجن والانس.
      * نعم يا ابي واصل حديثك الشيق.
      * الدليل الوجداني على وجود الله يقول: ان الفطرة قد تتعطل اذا الف الانسان الحياة في مجتمع ضال يتوارث الضلال جيلاً بعد جيل. اقرأ في القران:
      (فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون)
      واقرأ ايضاً عن توارث الضلال:
      (انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مهتدون)
      والفطرة تتبلد اذا استغرق الانسان في شهوات الدنيا ولذاتها, اقرأ قوله تعالى:
      (فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات)
      وينعى القران على الكافرين كونهم يأكلون التراث اكلاً لما ويحبون المال حباً جما.
      وتشير سورة اخرى الى ان حب المال قد يغطي الفطرة لفترة تستمر حتى اخر العمر (الهاكم التكاثر, حتى زرتم المقابر)
      * اذن, الشهوات يا ابي هي التي تقتل الفطرة.
      * لا تقتلها.. بل تعطلها فالفطرة لا تموت.
      * وكيف السبيل لاعادة (تفعيل الفطرة)؟
      * السبيل هو الصدمة.
      * وهي التجربة التي اردتني ان اخوضها يا ابي.. اليس كذلك؟
      * بلى يا ولدي
      * احسنت يا ابي.
      * وانت يا ولدي, احسنت عندما اجترت التجربة بنجاح, ولم اكن قلقاً عليك, لانني كنت واثقاً من سلامة فطرتك... الا اني لا اكتمك ان امك كانت قلقة..
      * اكانت امي تعلم بذلك؟
      * نعم, كنت قد اطلعتها على الخطة لكي لا تفسدها علي, اقصد لكي تعينني عليها.
      * ... اه... لكي لا تفسد عليك الخطة... تقصد لكي تعينك عليها... هل هاتان الجملتان تعبران عن معنى واحد؟
      * يا ولدي.. يا ولدي: انها أم, كلها شفقة وعطف على ابنها, ولك يكن من السهل عليها ان تراك بهذا الحالة دون ان تفشي السر.
      * حسناً يا ابي حسناً.. لنعد الى الحديث عن الدليل الوجداني على الله او دليل الفطرة. عندي سؤال.
      * تفضل.
      * من علمك ان تفعل بي ما فعلته البارحة, لكي توقظ فطرتي من سباتها, وتجعلني اعيش التجربة الوجدانية بنفسي؟
      * من علمني؟ اليس العلم او التعليم نعمة؟
      * بلى.
      * وما بكم من نعمة فمن الله.
      * الحمد لله.
      * اليس التعليم جاءني بعد ان لم أكن أعلم.
      * بلى.
      * علم الانسان ما لم يعلم.
      * إذن الله تعالى هو الذي علمك كيف تستيقظ الفطرة من سباتها على اثر الصدمة, ولكن كيف علمك الله ذلك؟
      * (ما فرطنا في الكتاب من شيء) (ان هذا القران يهدي للتي هي اقوم)
      * اه... الان عرفت... من ايات في سورة مكية على ما اظن, تتحدث عن تجربة الابحار في ظروف جوية جيدة, ثم تصل السفينة الى وسط البحر, فتهب العواصف, ويهيج البحر, وتتلاطم الامواج, ويفزع الركاب, ويبحثون عمن ينجيهم من الموت المحقق الذي احاط بهم, وعندها يتوجهون الى الله تعالى, فينجيهم منها ومن كل كرب...
      * سبحان الله.. انها نفس التجربة التي عشتها امس الاول, ولكن في بحر الشك لا في بحر الماء.
      * لم أشأ أن ألقيك في بحر الماء, فلم أكن مأموراً بذلك.
      * وهل يعقل ان تؤمر بذلك؟
      * ولماذا لا يعقل؟
      * ايعقل ان يؤمر اب بالقاء ابنه في البحر؟
      * فاذا أمرت أم أن تلقي بابنها في البحر, ماذا تقول؟
      * لا اصدق.
      * لقد نسيت القران..
      * اه.. نعم.. نعم... (وأوحينا الى ام موسى ان ارضعيه)
      * (فاذا خفقت عليه فالقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني)
      (انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين) انه ابتلاء عظيم لهذه الام الصابرة!
      وربك يبتلي كل انسان على قدر طاقته اذ لابد من الابتلاء في الدنيا, فسورة الملك تبين لنا ان الهدف من خلق الانسان في الدنيا هو ابتلاؤه. (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملاً) ولا تتصور يا ولدي ان الابتلاء بمعنى البلاء او المصيبة او ما شابه, فان الابتلاء هو الاختبار, والله تعالى يختبر الانسان في حالات مختلفة, لاحظ الايات الشريفة:
      (وبلوناهم بالحسنات والسيئات)
      (ونبلوكم بالشر والخير فتنة)
      (فأما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي اكرمن, وأما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن)
      والله تعالى يبتلي عبده بكل الاحوال. يعطيه ليرى ماذا يصنع, ويمنعه ليرى ماذا يصنع.
      وأشد الناس بلاء هم الانبياء ثم الاولياء.
      نعم يا ولدي, لأنهم اعظم قدرة على تحمل البلاء. ولكن القاعدة التي يجب ان لا تغيب عن بالك هي ان من المستحيل ان يبتلي الله الانسان فوق طاقته, فالله تعالى عادل ورحيم, ولا يكلف نفساً إلا وسعها.
      * ولكنا يا أبي نجد أناساً يعانون من بلاء شديد, ويقولون: إنهم لا يطيقونه.
      * مستحيل, يا ولدي, لا يكلف الله نفساً الا وسعها, هؤلاء لم يكتشفوا طاقاتهم الحقيقية في الصبر على البلاء, ارجع بذاكرتك الى الامس, هل كنت تتصور نفسك قادراً على تحمل الشك, الذي ألم بك عندما أصبتك بصدمة هزت كل مسلماتك الدينية؟
      * صحيح يا أبي لم أكن أتصور أنني أتحملها, وخيل لي أني سوف اكفر او أجن.
      * ولكنك لم تكفر ولم تجن.. لقد كنت قادراً على تحمل ذلك الابتلاء, ولكنك كنت تجهل مقدار طاقتك, فعرفك الله بها, وهكذا كل من يتصور ان بلاءه فوق الطاقة.
      احياناً أسرح في الخيال وأنا اقرأ القران, عندما أمر على قصة ابراهيم عليه السلام وقد امره الله بذبح ابنه, فقام من نومه وقص الرؤيا على ولده اسماعيل, الذي وافق على الامرفوراً وقال:
      (يا ابنت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين)
      وأهتز خشوعاً لهذا التسليم لله سبحانه وتعالى, خصوصاً عندما يمسك ابراهيم بالسكين, وابنه مطروح بين يديه..
      يا أبي ان بدني يقشعر, وانا اتصور هذا المنظر.. الابن مطروح على الارض, والاب جالس عند رأسه يمسك السكين بيده اليمنى, ورأس ابنه بيده اليسرى, والابن مستسلم للاب الذي يمرر السكين على رقبة فلذة كبده فلا تجرحه, فيتصور انها تمر برفق نابع من عطف ابوي, فيزيد من قوته على السكين, لكي تذبح الولد ولكنها لا تفعل.. الله اكبر.. الله اكبر يا ابي ان جسمي يرتعد وأنا أحدث بهذا الحديث..
      * وانا كذلك, وانا استمع اليك يا ولدي, الا ترى صوتي قد تهدج والدموع فاضت من عيني, وأنا أتصور قصة العشق المقدس هذا.. وكيف تصارع حبان عظيمان فانتصر الحب الاكبر (حب الله وطاعته) على الحب الصغير (حب الوالد للولد عند ابراهيم, وحب الحياة عند اسماعيل)!
      ما اعظم صبر ابراهيم واسماعيل على هذا البلاء, وصدق الله العظيم اذ يقول: (ولنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو اخباركم)
      لقد ابتلى الانبياء بأكثر من ذلك يا ولدي, ابتلاهم الله بازواج يؤذينهم, وأبناء يعقونهم, وعشيرة تقاطعهم, ولكنهم ثبتوا وصبروا. لكي يوفيهم الله اجر الصابرين, انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب.
      * كم اتمنى يا أبي لو كنت أعيش في زمن الانبياء, لكي اؤمن بهم واجاهد معهم, وأستشهد في سبيل الله بين ايديهم.. ولكن مع الاسف انها امنية لن تتحقق!
      * ولماذا لا تتحقق يا ولدي؟
      * وكيف تتحقق يا ابي, وتفصلنا عن زمانهم قرون طويلة؟
      * يا بني ان الله تعالى يقول: "ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً"
      * فالطريق سهل اذن, طاعة الله ورسوله.
      * وبذلك تتحقق امنيتك, فلا تقنط يا بني, ثم هناك مسألة اخرى, ألست تحبهم؟
      * بلى يا ابي.
      * اذن فستحشر معهم, فان المرء مع من يحب.
      * طبعاً لا مجرد الحب السطحي؟
      * طبعاً, الحب الحقيقي الذي يؤدي الى الاتباع.
      * ها قد عدت يا والدي الى الحديث عن الحب.
      * وهل الدين الا الحب؟ قم يا ولدي الى فراشك, نم مبكراً, لئلا تفوتك صلاة الصبح. استودعك الله.
      * تصبح على خير يا أبي.





      كل المأسي ضياع الدين مصدرها....فقوم البيت بالإسلام يستقم
      هو الاساس فإن أحكمته إنضمت....لك الحياة و إن تجاوزت تنعدم



    4. #4
      الصورة الرمزية Sun Girl
      Sun Girl غير متصل Łђẗ ốF Ł!FΞ
      0
       
      التسجيل
      24-07-2008
      الدولة
      In ThE yEllOw SuN
      المشاركات
      864
      المواضيع
      40
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: رحلة الايمان من التقليد الى البرهان

      مشكورة أختي على القصة الحلوة
      !..Break A Leg

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •