هل أنت منهم؟؟
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر على جبل يقال له: جمدان, فقال: سيروا هذا جمدان, سبق المفرِدون. قالوا و من المفردوين يا رسول الله؟ قال الذاكرون الله كثيرا و الذاكرات
و قصة الحديث أنه بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم مع ركب اذ سبق بعض الركب و تخلف بعضهم فنبه النبي صلى الله عليه و سلم على أن السابقين على الحقيقة هم الذين يديمون ذكر الله عز و جل و يولعون به حتى لا يكاد يفارقهم
و المراد بالمفردين الانفراد بكثرة الذكر دون الانفراد الحسي
و من هذا المعنى قول عمر بن عبد العزيز ليلة عرفة بعرفة عند قرب الافاضة: ليس السابق اليوم من سبق بعيره و انما السابق من غفر له
فهل نحن من السابقين المفردين الذاكرين؟؟
قال الله تعالى: "يأيها الذين أمنوا اذكروا الله ذكرا كثير و سبحوه بكرة و أصيلا"
وقال سبحانه: "و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون"
و قال عز و جل: "و الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات أعد الله لهم مغفرة و أجرا عظيما"
و قال تعالى: "الذين يذكرون الله قيما و قعودا و على جنوبهم"
وقال الحسن: أحب عباد الله الى الله أكثرهم له ذكرا و أتقاهم قلبا
مع المحبين
قال فتح الموصلي: المحب لله لا يغفل عن ذكر الله طرفة عين
قال ذو النون: من أشغل قلبه و لسانه بالذكر قذف الله في قلبه نور الاشتياق اليه
و قال الربيع بن أنس عن بعض أصحابه: علامة حب الله كثرة ذكره فانك لن تحب شيئا الا أكثرت ذكره
و ذلك أن المحب لا يغيب اسم محبوبه عن قلبه فلو كلف أن ينسى ذكره لما قدر و لو كلف ان يكف عن ذكره بلسانه لما صبر
ألم ترى الى قول الشاعر
كيف ينسى المحب ذكر حبيب....اسمه في فؤاده مكتوب
و قال أخر:
يراد من القلب نسيانكم..... و تأبي الطباع على الناقل
و كلما قويت المعرفة صار الذكر بجري على لسان الذاكر من غير كلفة
و لذا يلهم أهل الجنة التسبيح كما يلهمون النفس و تصير لا اله الا الله لهم كالماء البارد لأهل الدنيا
و اذا سمع المحب ذكر اسم حبيبه من غيره زاد طربه و تضاعف قلقه
اذا ذكر المحبوب عند حبيبه.......ترنح نشوان و حن طروب
و قال اخر
اذا سمعت باسم الحبيب تقعقعت.... مفاصلها من هول ما تتذكر
قال النبي صلى الله عليه و سلم لابن مسعود اقرأ على القران. قال أقرأ عليك و عليك أنزل؟ قال اني أحب أن أسمعه من غيري, فقرأ عليه ففاضت عيناه
و اعلم أن ذكر المحبين على خلاف ذكر الغافلين!
عيونهم تفيض من الدمع و قلوبهم وجلة
قال تعالى: انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم
و من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه
و الذكر لذة قلوب العارفين المحبين
قال تعالى: الذين أمنوا و تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب
قال مال بن دينار: ما تلذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز و جل
كان أبو مسلم كثير الذكر فراه بعض الناس فأنكر حاله فقال لأصحابه: أمجنون صاحبكم" فسمعه أبو مسلم فقال: لا يا أخي و لكن هذا دواء الجنون!
المحبون يستوحشون من كل شاغل يشغل عن الذكر فلا شيء حب اليهم منن الخلوة بحبيبهم
قيل لمحمد بن النضر: أما تستوحش وحدك؟ قال كيف أستوحش و هو يقول أنا جليس من ذكرني ((هذا خبر عن كعب الأحبار و أولى منه ما جاء في الحديث "و انا معه حيث يذكرني"))
و اذا قوي حال المحب و معرفته لم يشغله هن الذكر بالقلب و اللسان شاغل, فهو بين الخلق بجسمه و قلبه معلق بالمحل الأعلى
جسمي معي غير أن روحي عندكم........ فالجسم في غربة و الروح في وطن
و قال غيره
و لقد جعلتك في الفؤاد محدثي.... و أبحت حسمي من أراد جلوسي
فالجسم مني للجليس مؤانسٌ ....و حبيب قلبي في الفؤاد أنيسي
و هذه حالة الرسل و الصديقين
فتراهم يذكرون الله في حال الخوف و الحروب و مواطن الغفلة و السوق و في كل أحوالهم
جاء في صحيح مسلم عن عاشئة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكر الله على كل أحيانه
............................
و صدق ذو النون اذ قال: ما طابت الدنيا الا بذكره و لا طابت الاخرة الا بعفوه و لا طابت الجنة الا برؤيته
...........................
فاللهم أعنا على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك
اللهم انا نسألك لذة النظر الى وجهك الكريم
اللهم اجعلنا من الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على اله و صحبه و سلم
مختصر من شرح ابن رجب رحمه الله على الأربعين النووية
جزاكَ اللهُ خيرا ً
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحْـــــمَـدْ
