بسم الله الرحمن الرحيم

تساؤلات وإجابات مهمه - الحلقة الثانية



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد


استكمالاً لما بدأناه من عرض لردود مختصرة على بعض التساؤلات التي طرحت من هنا وهناك ، نعرض اليوم الحلقة الثانية بعدما عرضنا الحلقة الأولى والتي كانت بعنوان (هل استُدرج المجاهدون إلى معركة غير متكافئة ؟ ) .

وحلقة اليوم هي إجابة على تساؤل يقول :

( إذا ترتب على الجهاد رد من العدو ؟ )

إليك الإجابة عن هذا التساؤل :

أولا : لقد خرج النبي r يوم بدر يريد عير قريش ، إذاً لقد كان هدفه ضربة للعدو عسكرية واقتصادية ولنتأمل هذه الغزوة :

فلقد كان من المحتمل بل من شبه المؤكد أن النبي r حين يغير على قافلة قريش التجارية أنه سيكون ردها عنيفاً قاسياً لأنها لا تحتمل المساس بتجارتها واقتصادها 0

ويؤيد ذلك الواقع حيث استنفرت قريش قوتها ورجالها للذود عن تلك القافلة وخرجت بخيلها وخيلائها لتؤدب من هموا بذلك ، مع هذا كله ومع أن النبي r يدرك ذلك فهل اعتبره مانعاً من تنفيذ تلك العملية ؟! .

بل إن غزوة أحد ما هي _ في الحقيقة _ إلا رد فعل من قريش على غزوة بدر وقد كانوا ينوون اجتياح المدينة ، وحصلت المصيبة في هذه الغزوة عل المسلمين فهل نزل العتاب من السماء على تعجل المسلمين في بدر وجرهم العدو إليهم ؟! أم أن العتاب كان على معصية القائد والتعجل إلى الدنيا ؟! .

وإذا كان المسلمون انتصروا في بدر فإنهم لم يكونوا يقطعون بهذه النتيجة فلو كانوا أصيبوا فهل كان ذلك ليغير الحكم في أصل خروجهم للعير بمعنى أن يقال : إنهم إذاً جروا قريشا لمعركة لا يكافئونهم فيها وأثاروها عليهم وتعجلوا في ذلك ؟! والشيء نفسه يقال في غزوة حنين و تبوك وكذلك مؤتة .

ثانيا : إن هذا المنطق وهو خشية أن يجر عمل من أعمال الجهاد ردة فعل عنيفة من العدو قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تعطيل كثير من مظاهر الجهاد بل حتى الجهاد بالكلمة والقلم والنصح والبيان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 0

فما من عملٍ من تلك الأعمال التي لا يحبها الكافرون أو الجاهلون والمعرضون إلا ويقابلها ردة فعل منهم تتفاوت شدةً وضعفاً ، وإذا علم العدو الكافر أو المخالف الجاهل أن هذا الحس وهو خشية ردة الفعل يسيطر على أهل الحق فإنه سيشيع الإرهاب الفكري وبث الرعب ويشجع على ترسيخ هذا الإحساس حتى يبني له سياجاً دفاعياً لا يكلفه سوى حملات إعلامية إضافة إلى بعض التأديبات التي تؤكد أن ردة فعله قوية .

ومن أخذ بهذا المنطق المشار إليه يلزمه أن لا يؤيد أي عمل في فلسطين لأن ردة الفعل اليهودية عنيفة والأمثلة كثيرة تقع كل يوم فما من عملية للمجاهدين في الأرض المقدسة يقتل فيها يهودي واحد أو يجرح إلا ويقابلها قصف عنيف ربما يسقط به عشرات وتضييق على العمّال الفلسطينين وغير ذلك .

وهكذا كل عمل من هذا القبيل ، ولئن كان هذا المثال (فلسطين) يناقش به الإسلاميون فإنه حجة أيضاً على القوميين فما من عمل من أعمال المقاومة (المشروعة)كما يسمونها إلا وهي من جنس أعمال الحادي عشر بل ولا ترقى أن تكون مثلها من حيث المكاسب .

وكذلك الحال في الجهاد القائم في أفغانستان من الثلة المؤمنة ضد قوى الكفر ومن تحالف معهم فإنها مقاومة مشروعة على وفق جميع القوانين ، وبمثال فلسطين يناقش كل من يؤيد قضية فلسطين من الحكومات التي تزايد عليها فما يجوز في حق اليهود ويشرع ويؤيد ويدعم فأولى به من وراء يهود وهو رأس الأفعى اليهودية الغاشمة .

ثالثاً : لمَ نقيس الأمور بنتائجها الآنية الظاهرة ؟! .

لمَ نقيس الأمور بنتائجها الآنية الظاهرة وإنما الميزان القسط هو تقييم أصل العمل إن كان مستوفياً للشروط وليس يضيره بعد ذلك أن لا يحقق الهدف منه .

إن القياس بالنتائج فحسب ليس من شأن المؤمنين الذين يعلمون أن النتائج بيد الله تعالى وما على العبد إلا أن يجتهد ويتحرى ومن ذلك الاستفادة والاعتبار من التجارب السابقة والمشاورة بين أهل الخبرة في ذلك ثم يعزم ويتوكل على الله تعالى كما قال سبحانه } وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين { .

فإذا أخذ المؤمن بذلك فإنه قد اجتهد فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ، وأما أن يقال بعد ذلك إن عملك حين لم يؤد النتيجة المطلوبة أو ترتب عليه مفسدة معينة فهو خطأ في أصله وتعجل فإن هذا خلل في التقييم والميزان والله تعالى يقول } وإذا قلتم فاعدلوا{ ويقول } وزنوا بالقسطاس المستقيم { ويقول } ولا تبخسوا الناس أشياءهم { .

والله تعالى قال لنبيه الذي يتنزل عليه الوحي r } إن عليك إلا البلاغ { وقال : } إن أنت إلا نذير { وقال } وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب { قال الطبري رحمه الله 13/ 172يقول تعالى ذكره لنبيه محمد r وإما نرينك يا محمد في حياتك بعض الذي نعد هؤلاء المشركين بالله من العقاب على كفرهم أو نتوفينك قبل أن نريك ذلك فإنما عليك أن تنتهي إلى طاعة ربك فيما أمرك به من تبليغهم رسالته ا.هـ

وقال سبحانه : } إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء { ، والآيات في أن العبد ليس عليه إلا ما أمر به وليس عليه النتيجة كثيرة .

وفي الصحيحين عن النبي r ( ورأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد ) فهل يا ترى مثل هؤلاء الأنبياء عليهم السلام يمكن أن يخطر على بال مسلم أنهم قصروا في الأخذ بالأسباب في دعوتهم ؟! حاشاهم وربي من ذلك .

وإذا هزم المسلم وانكسر وابتلي بقتل أو كلم أو أسر فهذا هو شأن الجهاد ولا ينبعي أن يعد ذلك من خطأ الأصل ما دام مبنيا على أسس صحيحة .

والله تعالى يقول : } ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهدآء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين { .

فذلك كله من حِكم الجهاد ومن مراد الله تعالى فيه فما لنا نختزل كل ذلك في النصر الأرضي العاجل؟!

وهذه الآيات من سورة آل عمران لنا معها وقفات إن شاء الله لعظم ما فيها من المعاني التي قد نغفل عنها .

وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي r قال : ( ما من غازية تغزوا في سبيل الله فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم وما من غازية تهزم وتصاب إلا تم أجورهم ) .

ولعل البعض حين سمع ببعض الأخبار من قتل بعض المجاهدين أو أسرهم أو حتى تعرض بعض العوائل للأذى والقصف والتشريد أصابه من الأسف والحزن ما قد أنساه بعض تلك المعاني المشار إليها وربما أوقعه ذلك في الوقيعة فيمن لا سبيل له عليه .

نعم إن القلب ليتقطع أسى وألما حين يبلغ المسلم خبر إصابة لأخيه أو أخته وإن دقت ، لكن لا ينبغي بحال أن ننسى ما في هذه الآيات والأحاديث من البيان الجلي للمعاني العالية التي علينا أن نتعلق بها وأن ما يصيب هؤلاء هو بإذن الله من الاصطفاء واتخاذ الشهداء أو الابتلاء الذي تمحص به الذنوب وترفع به الدرجات ويعتز به الإسلام .

وقد كان النساء يجاهدن مع رسول الله r مع احتمال أسرهن وقتلهن وفي صحيح مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه قصة أسر امرأة من المسلمين .

ونبشر المسلمين أن نساء المجاهدين هن بأنفسهن مجاهدات محتسبات قد تربين على احتمال كل احتمال بعد الاستعانة بالله تعالى ونسأل الله أن يحفظهن وأن يربط على قلوبهن وأن ينزل عليهن السكينة وأن يزيدهن قوة وثباتا واحتسابا وأجرا كريما .

وهكذا كل من ينفر للجهاد عليه أن يربي نفسه ويوطنها على احتمال المتغيرات وأن يجعل في حسابه جميع التوقعات وأن يكون لديه من مدد الإيمان والتوكل وشيء من العلم ما يثبته في الملمات .

ومن النماذج التي تذكر في هذا الصدد : إحدى الأخوات العربيات في قندهار تعزم على زوجها وتستحلفه بالله أن إذا دخل في عملية استشهادية أن يصحبها معه لتعينه على الجهاد وتنال الشهادة معه في سبيل الله ، فيكتب الله أن تقع قذيفة من قذائف راعية السلام وحامية حقوق الإنسان فتقتلهما جميعا جمعهما الله في منازل الشهداء آمين .

وإذا كان هذا شأن المؤمنين فإن من صفات غيرهم أنهم تستخفهم النتائج ليلقوا باللآئمة على الأعمال التي أنتجتها والعاملين فيها 0

كما في قوله تعالى } يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزىً لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحي ويميت والله بما تعملون بصير { وقوله } الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرأوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين { وقوله جل ذكره } وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيداً ، ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً { .

من كسب المعركة ؟

على ضؤ ما تقدم بيانه في الحلقة الماضية وعل فرض أن هجوم الحادي عشر كان من المجاهدين فإن ذلك الهجوم الذي نفذ في أمريكا بالمنظور العسكري كسب للمبادرة في المعركة وهذا مهم لدى العسكريين وربما كان سبباً للانتصار في نظرهم ، وهي حقاً مبادرة أربكت أمريكا بجميع أجهزتها وهدّت من معنويات شعبها وأورثتهم رعباً وهلعاً .

وألجأتهم لاستعجال الخطط العسكرية والرد قبل استكمال التخطيط والتجهيز وقبل التهيئة الشعبية والسياسية الكافية وقبل رصد التوقعات المحتملة وغير ذلك ، هذه واحدة .

الثانية : أن ذاك الهجوم هو كسب للمعركة قبل خوضها بمعنى أن أمريكا غاية ما ستفعله هو القضاء على من كان في أفغانستان من طالبان والعرب وذلك لا يوازي بحال ما حصل لها من كوارث وهزائم سياسية واقتصادية وأمنية جراء هجوم الحادي عشر 0

مع أن القضاء على من كان في أفغانستان لن يقضي على عداوة أمريكا في نفوس المسلمين ومنهم من يبيع نفسه لله من أجل حربها بل كلما أوغلت في تنفيذ حملتها العسكرية وما يتبعها من حملات مخابراتية وملاحقات مالية ضاعف ذلك من أعدائها وعِدائها وأجّج من عداوتها في النفوس 0

علماً أن المجاهدين يرون أن تأجيج عداوة أمريكا في نفوس المسلمين والدعوة إلى جهادها وبغضها والسعي إلى الإضرار بها يعد مربحاً يستحق التضحية من أجله ، لأنه سيكون سبباً ولو بعد حين لجهاد أمريكا جهاداً شاملاً

الثالثة : أن هجوم الحادي عشر نجح في جر أمريكا إلى الأرض المطلوبة للمعركة حيث يحسنها المجاهدون ويجهلها الأمريكيون ، وكل الخيارات المطروحة لأرض المعركة لا يمكن أن تكون أنسب من أفغانستان .

ونجح الهجوم أيضاً في تحديد زمن المعركة .

ونجح في إخراج أمريكا من الحرب المستترة والمتوارية ودعم هذا وذاك إلى خوضها المعركة بنفسها وظهورها للناس مسلمهم وكافرهم وهذا له آثاره من حيث إثارة عداوتها في نفوس المسلمين وكراهيتها وإذكاء روح الجهاد في قلوبهم مما قد لا يظهر في حروبها على المسلمين في أنواع أخرى وظهورها أيضاً أمام العالم كله بغطرستها وكبرياءها وهي تلاحق مجموعة من الناس في الجبال ثم لا تستطيع الآن لو هزمت ـ نسأل الله ذلك ـ أن تخفي هزيمتها وهي التي تقود المعركة بنفسها 0

وإنا لنطمع أن ينطبق على أمريكا هذه الآيات البينات الشافيات من سورة براءة والتي ختمت بالوعد بالنصر عليهم

يقول الله جل ذكره :
} كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين ،كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون ، اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون ، لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون ، وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ، ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ، ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ، أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون { .

1- } كيف يكون للمشركين عهد { فهؤلاء الكفار ولا سيما أمريكا ذات المكر الكُبّار كيف يمكن أن يكون لها عهد وهي الناقضة الناكثة كما قال سبحانه } إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون ، الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون { .

2- } كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمة { وهكذا أمر أمريكا ومن معها من الغرب الصليبي الحاقد إن يظهروا على المسلمين وينتصروا عليهم فو الله لن يرقبوا فيهم إلاً ولا ذمة والإلّ قيل هو اسم لله تعالى وقيل معناه العهد وقيل معناه القرابة ورجح ابن جرير رحمه الله أنه شامل لذلك كله 0

وكذلك أمريكا لا تؤمن بالله تعالى ولا تراقبه ولا تراقب حرماته حتى على شريعتهم المحرفة ولا هي تراقب عهداً للمسلمين ولا أقرب الأقربين إليها .

فأمريكا إن ظهرت والله وانتصرت لا قدر الله فوالله لن تراقب اتفاقاتها حتى مع الدول الصديقة ولن تراعي خدماتهم إياها بل ولا اعتذاراتهم فما بالهم لا يفقهون ذلك ؟! وما لهم في نصرتها يسارعون ؟! وعلى حتفهم يتعجلون ؟! .

3- } يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون { لقد تظاهرت أمريكا بأنها لا تحارب الإسلام وتظاهرت بأنها تحترم الإسلام ، وهكذا دول الغرب لكن قلوبهم تأبى ذلك أشد الإباء ، وهم أرباب الفسق والفجور0

4- } اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم سآء ما كانوا يعملون { ، قال الطبري رحمه الله في تفسيره 1/ 86 : يقول جل ثناؤه ابتاع هؤلاء المشركون الذين أمركم الله أيها المؤمنون بقتلهم حيث وجدتموهم بتركهم اتباع ما احتج الله به عليهم من حججه يسيرا من العوض قليلا من عرض الدنيا ا.هـ

وهكذا أعرضت أمريكا عن منهج الله وتلاعبت حتى بالنصرانية مع تحريفها فما كانت النصرانية مهما حرفوها لتقر الإلحاد والجرائم والشذوذ ( في أمريكا فقط أكثر من عشرين مليون شاذ جنسيا انظر التبيان في كفر من أعان الأمريكان للشيخ ناصر الفهد فقد جمع أمثلة كثيرة من فساد أمريكا وإفسادها موثقا ) .

} فصدوا عن سبيله { فإنها لا تريد إسلاما إلا أمريكيا يتماشى مع مصالحها ومن ظن أن الحرية في الدعوة إلى الإسلام في أمريكا تدل على عدم صدها عن سبيل الله فقد حصر الصد في صورة واحدة وإنما الصد الحقيقي حين تحارب بكل ما تستطيع بمكرها وحلفائها وسلاحها كل تمكين إسلامي وما مثال البوسنة إلا من هذا الباب والأمثلة كثيرة .

5- } لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمةً وأولئك هم المعتدون { قال ابن جرير رحمه الله : يقول تعالى ذكره لا يتقي هؤلاء المشركون الذين أمرتكم أيها المؤمنون بقتلهم حيث وجدتموهم في قتل مؤمن لو قدورا عليه إلا ولا ذمة يقول فلا تبقوا عليهم أيها المؤمنون كما لا يبقون عليكم لو ظهروا عليكم } وألئك هم المعتدون { يقول المتجاوزون فيكم إلى ما ليس لهم بالظلم والاعتداء ا.هـ

وهكذا أمريكا كما تقدم في عدم مراعاتها العهود والمواثيق والاتفاقات والذمم ، وهم دائماً في قائمة المتصدرين للاعتداء } وألئك هم المعتدون { 0

6- } فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون { ، هكذا المؤمنون والمجاهدون يفرحون بمن يسلم من أي دولة أو وطن أو عرق ويعتبرونه أخاً لهم وكم جاهد في مواطن كثيرة مسلمون أمريكيون وحتى في هذه الحرب ولا زالوا ولله الحمد ، فليست قضية المجاهدين انتقامية ولا انتقائية وليسوا طلاب سلطة أو حظوظ نفس كما يزعمون ، هل من يطلب الدنيا يطلقها ويشتري الموت ؟ ! .

إن المجاهدين يجتهدون أن يكون عملهم لله خالصاً لرفعة الدين وإعزاز أهله وليكون الدين كله لله ولتكون كلمة الله هي العليا 0

فلو تحقق لهم ذلك بغير جهاد لرضوا ويجب أن يرضوا ويفرحوا 0

وإذا دخل كافر في الإسلام أدخلوه في قلوبهم وفدوه بأرواحهم 0

7- } وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون { ، هنا أمر من الله تعالى بمقاتلة الناكثين للعهد ومناجزتهم وقد قدمنا كثيراً ما يثبت نكث أمريكا للعهود لو كان لها عهود .

} وطعنوا في دينكم { ما أشد ما يطعنون في الإسلام ، وأظهر الله ذلك على ألسنتهم فإن وسائل إعلامهم الآن تنضح بالحقد والطعن الجليّ على الإسلام وأهله .

} فقاتلوا أئمة الكفر { وأي إمام للكفر أعظم من أمريكا ؟! .

} إنهم لا أيمان لهم { فو الله لا أيمان لأمريكا أي لا عهود 0

} لعلهم ينتهون { فو الله لن ينتهوا إلا بالجهاد وحينها يكف الله بأسهم ويضعف باطلهم وفكرهم وتخوى قواهم عجّل الله ذلك بمنه وكرمه 0

8- } ألا تقاتلون قوماً نكثوا { فالنكث من أمريكا ظاهر كما تقدم ثم هم قد بدأونا بالقتال في مواطن كثيرة ومن أقدمها فلسطين 0

} أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين { فهذا استنكار من الله تعالى على المؤمنين كيف يخشون الكـفار ؟! .

فلمَ نخاف من أمريكا ونخشاها وقد كانت قريش في قوتها وعزتها وإمامتها للعرب واتباعهم إياها وغير ذلك بما يمكن تشبيهه الآن بأمريكا ومع ذلك يقول الله تعالى } أتخشونهم{ ؟! .

وهذا الإنكار يجري على الدول وعلى الشعوب الإسلامية كيلا تخشى هذا الكافر 0

قال تعالى } فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين { قال ابن جرير : فالله أولى أن تخافوا عقوبته بترككم جهادهم ، وتحذروا سخطه عليكم من هؤلاء المشركين الذين لا يملكون لكم ضراً ولا نفعاً إلا بإذن الله ، اهـ

9- } قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليكم ويشف صدور قوم مؤمنين { ، قال ابن جرير 10/ 90 : } يعذبهم الله بأيديكم{ يقول يقتلهم الله بأيديكم } ويخزهم { يقول ويذلهم بالأسر والقهر } وينصركم عليهم { فيعطيكم الظفر عليهم والغلبة } ويشف صدور قوم مؤمنين { يقول ويبرىء داء صدور قوم مؤمنين بالله ورسوله بقتل هؤلاء المشركين بأيديكم وإذلالكم وقهركم إياهم وذلك الداء هو ما كان في قلوبهم عليهم من الموجدة بما كانوا ينالونهم به من الأذى والمكروه ا.هـ

وهكذا والله أمريكا لئن قاتلناها مخلصين آخذين بما أمرنا الله تعالى ليعذبنها بأيدينا ويخزها وينصرنا عليها ويشف صدور قوم مؤمنين قد ذاقوا من ظلمها وتسلطها وكبريائها ما ذاقوه .

10- } ويذهب غيظ قلوبهم .....{ إن جمرة الغيظ في قلوب المؤمنين لا تنطفئ حتى تنطفئ جذوة الصلف الأمريكي وتخمد نارهم 0

11- } أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون { ، قال الطبري 10/ 92 : يقول تعالى ذكره للمؤمنين الذين أمرهم بقتال هؤلاء المشركين الذين نقضوا عهدهم الذي بينهم وبينه بقوله } قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم { الآية حاضا على جهادهم } أم حسبتم { أيها المؤمنون أن يترككم الله بغير محنة يمتحنكم بها وبغير اختبار يختبركم به فيعرف الصادق منكم في دينه من الكاذب فيه } ولما يعلم الله الذين جاهدوا { يقول أحسبتم أن تتركوا بغير اختبار يعرف به أهل ولايته المجاهدين منكم في سبيله من المضيعين أمر الله في ذلك المفرطين } ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله { يقول ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم والذين لم يتخذوا من دون الله ولا من دون رسوله ولا من دون المؤمنين وليجة هو الشيء يدخل في آخر غيره يقال منه ولج فلان في كذا يلجه فهو وليجة وإنما عنى بها في هذا الموضع البطانة من المشركين نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من عدوهم من المشركين أولياء يفشون إليهم أسرارهم } والله خبير بما تعملون { يقول والله ذو خبرة بما تعملون من اتخاذكم من دون الله ودون رسوله والمؤمنين به أولياء وبطانة بعد ما قد نهاكم عنه لا يخفى ذلك عليه ولا غيره من أعمالكم والله مجازيكم على ذلك إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا ..

ثم روى بسنده عن ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله } أم حسبتم أن تتركوا إلى قوله وليجة { قال : أبى أن يعدهم دون التمحيص وقرأ } أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم { وقرأ } أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم .. الآيات كلها { أخبرهم أن لا يتركهم حتى يمحصهم ويختبرهم وقرأ } الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون { لا يختبرون } ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين { أبى الله إلا أن يمحص ا.هـ

الحلقة القادمة (المجاهدون وقصة أبي بصير)
بر والنصر .
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ...
[ مركز الدراسات والبحوث الإسلامية - المركز الإعلامي للإمارة الإسلامية في أفغانستان ]