سوء الخاتمة
أعاذنا الله منها
لقد قطع خوف الخاتمة ظهور المتقين و كأن المستيئسين الظالمين قد أخذوا توقيعا بالأمان
يا آمنا مع قبح الفعل منه اهل ... أتاك توقيع أمن أنت تملكه؟
جمعت شيئين أمنا و اتباع هوى ... هذا و احداهما في المرء تهلكه
و المحسنون على درب المخاوف قد ... ساروا و ذلك درب لست تسلكه
فرطت في الزرع وقت البذر من سفه... فكيف عند حصاد الناس تدركه؟
هذا و أعجب شيء فيك زهدك في... دار البقاء بعيش سوف تتركه
من السفيه اذا بالله؟ أنت أم الــ ... ــمغبون في البيع غبنا سوف تدركه؟
لسوء الخاتبة أسباب و طرق و أبواب أعظمها الانكباب على الدنيا و الاعراض عن الاخرة و الاقدام و الجرأة على معاصي الله عز و جل
**** و ربما غلب على الانسان ضرب من الخطيئة و نوع من المعصية و جانب من الاعراض***
فملك قلبه و سبى عقله و أطفأ نوره و أرسل حجبه فلم تنفع فيه تذكرة و لا نجعت موعظة فربما جاءه الموت على ذلك فسمع النداء من مكان بعيد فلم يتبين المراد و لا علم ما أراد و ان كرر عليه الداعي و أعاد
سوء الخاتمة لبعض العشاق
(1)
قيل لرجل قل لما حضره الموت قل لا اله الا الله
فجعل يقول
يا رب قائلة يوما و قد تعبت ... أين الطريق الى حمام منجاب؟
و هذا الكلام له قصة
و ذلك أن رجلا كان واقفا بازاء داره و كان بابها يشبه باب الحمام
فمرت به جارية لها منظر فقال: اين الطريق الى حمام منجاب؟

فقال: هذا حمام منجاب

فدخلت الدار و دخل وراءها
فلما رأت نفسها في داره و علمت انه قد خدعها

أظهرت له البشرى و الفرح باجتماعها معه

و قالت له: يصلح ان يكون معنا ما يطيب به عيشنا و تقر به عيوننا

فقال لها: الساعة أتيك بكل ما تريدين و تشتهين

و خرج و تركها في الدار و لم يغلقها فأخذ ما يصلح و رجع
فوجدها قد خرجت و ذهبت

و لم تخنه في شيء
فهام الرجل بها و أكثر الذكر لها

و جعل يمشي في الطريق و الأزقة

و يقول:
يا رب قائلة يوما و قد تعبت ... أين الطريق الى حمام منجاب؟
فبينما هو يوما يقول ذلك و اذا بجارية أجابته من طاق:
هلا جعلت سريعا اذ ظفرت بها...حرزا على الدار أو قفلا على الباب؟
فازداد هيمانه و اشتد هيجابه و لم يزل على ذلك حتى كان هذا البيت اخر كلامه من الدنيا
(2)
تعلق رجل شخصا فاشتد كلفه به و تمكن حبه من قلبه حتى وقع ألم به و لزم الفراش بسببه 
و تمنع ذلك الرجل عليه و اشتد نفاره عنه

فلم تزل الوسائط يمشون بينهما حتى وعده بأن يعوده
فأخبره بذلك الناس ففرح و اشتد فرحه و انجلى غمه

و جعل ينتظر للميعاد الذي ضرب له
فبينما هو كذلك اذ جاءه الساعي بينهما
فقال: انه وصل معي الى بعض الطريق و رجع و رغبت اليه و كلمته فقال انه ذكرني و فرح بي و لا ادخل مدخل الريبة و لا أعرض نفسي لموضع التهم, فعاودته فأبي و انصرف

فلما سمع البائس أسقط في يده

و عاد الى اشد مما كان به

و بدت عليه علائم الموت
فجعل يقول في تلك الحالة
يا سلم يا راحة العليل...و يا شفا المدنف النحيل
رضاك اشهى الى فؤادي...من رحمة الخالق الجليل!!!!!!!!!!!!
فقلت له: يا فلان اتق الله
قال: قد كان
فقمت عنه فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت

سبحان الله كم شاهد الناس من هذا عبرا و الذي يخفى عليهم من احوال المحتضرين أعظم و أعظم
فاذا كان العبد حال حضور ذهنه و قوته و كمال ادراكه قد تمكن منه الشيطان
فاستعمله في المعاصي
و أغفل قلبه عن ذكر الله
و عطل لسانه عن ذكره
و جوارحه عن طاعته
فكيف الظن عند سقوط قواه و اشتغال قلبه و نفسه بما هو فيه من الم النزاع!!!
و الشيطان في ذلك الوقت أقوى ما يكون عليه فيحشد كل قوته و جميع ما يقدر عليه لينال مه فرصته
و هو أضعف ما يكون و هو في تلك الحال
فمن ترى يسلم من ذلك!!!
قال تعالى:
يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الاخرة و يضل الله الظالمين و يفعل الله ما يشاء
سوء الخاتمة لا تكون لمن استقام ظاهره و صلح باطنه ما سمع بهذا و لا علم بهذا و لله الحمد و انما تكون لمن له فساد في الاصل أو اصرار على الكبائر و اقدام على العظائم فربما غلب ذلك عليه حتى يزل به الموت قبل التوبة قيأخذه قبل اصلاح الطوية و يصطلم قبل الانابة فيظفر به الشيطان عند تلك الصدمة و يختطفه عند تلك الدهشة و العياذ بالله
**فعياذا بالله من سوء العاقبة و شؤم الخاتمة**
يتابع ان شاء الله 