تأملات...
ليس هناك أوقات للكتابة،تُجبر فيها ذهنك على الإبداع، هناك فقط لحظات تأمل و تدبر و خواطر تشتاق معها إلى حمل قلمك الأسود الرفيع بحبره السالس الداكن،
و إلى ورقتك و كُتيبك المعهود، تنسى الناس من حولك و تنسى نفسك و كل العوالم المادية في الكون..
هناك شخص ما غيرك بداخلك يتسم بالحكمة و الإتزان، إلا أنه لا قلما يتكلم،
فتجد قرينه الآخر لا يكاد يصمت للحظة، يُحدثك عن سفاسف الأمور و يشغلك عن إبصار لُب المعاني و تتحسس طبيعة الحقائق..
أجمل اللحظات.. هي الصامتة منها، و أرْوح الرفاق.. الوحدة، و أعذب الكلمات.. الصادقة منها، و أنفع ما تعلمته هو ما دوَّنته..
و لو تأملتَ في المال و بريقه، لاحتقرته لقِلة منفعته، فهو يطلب الزيادة و لا يكتفي بقِلته، إنه فانٍ لا يُجمع إلا بشق الأنفس، لكنه ينصرف كَلَمْح البصر، فمن قدسه خابت أمانيه و ظنونه به،
و من جرى خلفه هلك دونه أو حِراسة له، فأنتَ إما تجري لتحصيله و تعداده و إما تحرسه و تخشى عليه.
و لو تأملتَ في جمال الخَلْق، لرأيت له إنعكاسًا على الخُلق في أغلب أحواله، فالجمال في الإنسان يؤدي به إلى الذكاء، فلاطالما عُرف أصحاب الجمال بالذكاء،
و لو الإجتماعيَ منه، فالشعوب الجميلة مطمئنة و ذكية، كالخُضرة في الطبيعة تُغذي البصر، و كالزٌُرقة في البحر تُحرك الفكر، و كتموج النهر في خريره يُناجي القلب،
بمعنى أن الحواس إذا عاشت راضية، رَضِي بذلك العقل، فالنقاء و الريح الطيبة و الفِراش المُهذب و الثوبُ الخفيف، يُحرك العقل و الفكر، و الحال بعكسه...