الأهرام يمنع مقالا لفهمي هويدي يدعو لمراجعة الذات
(الشبكة الإسلامية)
مراسل القاهرة
فوجئ قراء الأهرام بغياب مقال فهمي هويدي الأسبوعي الذي ينشر يوم الثلاثاء وتوقع القراء أن يكون المقال قد تعرض بالكشف عن مناطق حساسة في الواقع العربي ، اعتُبرت في الأهرام خطوطا حمراء في النقد .
والمدهش أن الأهرام منع نشر المقال في مصر لكنه لم يمنع في بعض الصحف العربية التي تشتري حق نشره في نفس التوقيت مع الأهرام .
ويحمل المقال الممنوع عنوان ( تفكير في مراجعةالذات ) وهو يدعو ثلاث جهات الي مراجعة تفكيرهم وهي : الأنظمة المسؤولة عن ادارة المجتمعات العربية ، ودعاة المشروع الاسلامي بمختلف فصائلهم ، ثم واضعو السياسات في المجتمعات الغربية .
وفيما يخص الأنظمة العربية قال " علي المعنيين بادارة المجتمعات الغربية الاجابة علي السؤال : لماذا أصبحت بعض تلك المجتمعات طاردة لبعض ابنائها الذين أصبحوا في الوقت عربا أفغانا أو ألبانا أو غير ذلك ولم يعودوا عربا عربا؟ ويمضي متسائلا : لماذا فضلت تلك الالوف المؤلفة من الشباب العربي أن تتنشر في بلاد الدنيا، تعاني من أهوالها وتغامر بالانخراط في أنشطة العنف والارهاب ولم تفكر في العودة الي أوطانها ؟
ولماذا لم يعد بعضهم الا مخفورا ، أو في تابوت خشبي ؟ ويحمل هويدي الأنظمة العربية مسؤولية هؤلاء الشباب لأنها لم تتمكن من استغلال طاقاتهم ، وتستخرج أفضل ماعندهم 0
وبلغة متوددة منطقية يقول "اننا اذ نأخذ علي امريكا استعلاءها واستكبارها علي المراجعة ونقد الذات ، فأننا لا نستطيع أن نطالبها بذلك ، او نلومها علي تقاعسها ؛ ما لم نطالب الأنظمة العربية باجراء تلك المراجعة ومن ثم مراجعة القصور أو الثغرات .
ويمضي هويدي في مقاله الممنوع فيقول " التطرف لم يجد له موطئ قدم ، ولم يثبت له حضور ، ولم يتحدد علي خرائطنا ؛ الا في أجواء الفراغ ، الذي نشأ عن حجب الاعتدال ؛ ذلك أن للناس أشواقا ايمانية لا بد وأن تلبي ، والمجتمع بخير ما نهضت بتلك المهمة استجاباته الطبيعية والمعتدلة ، امااذا صودرت تلك الاستجابات أو قمعت فسوف تلبي تلك الأشواق استجابات أخري تتحرك في الخفاء وتتعامل مع مرحلة القمع بالفكر المتحدي الذي يناسبها "
وفيما يخص نظرة واضعي السياسات في العواصم الغربية للإسلام يقول " ثمة شئ غلط في المسلمين ، وفي الثقافة الاسلامية السائدة وربما في الاسلام ذاته .. فِِكََر عبر عنها أغلب المثقفين والسياسيين الغربيين - خصوصا في أمريكا - وهذا الغلط في الثقافة العربية هو الذي أنتج المجموعة الانتحارية التي قامت بالهجوم علي نيويورك وواشنطن 00وتصحيح الغلط في نظرهم يكون بتجفيف ينابيع الثقافة الاسلامية ، وذلك برصد الأموال كما حدث في باكستان التي رصد لتغيير مناهج التعليم الديني فيها 100 مليون دولار ، وبالتدخل لضبط مناهج الثقافة الاسلامية ، وتقليل ساعاتها . ويشير هويدي الي سيادة فكرة وجود الخطأ في الثقافة الاسلامية لدي معظم الغربيين لذا لا بد من ضرورة تحديث الاسلام . ويشرح فكرة الغرب بصدد الاسلام علي النحوالتالي: طالما أن الذين قاموا بالهجوم علي الأهداف الأمريكية من الأصوليين المسلمين ، والأصولية - في مفهومهم - معادية للحداثة ، ولما كان من غير الممكن التراجع عن الحداثة واعادة عملية التاريخ الي الوراء فثمة حل وحيد للاشكال هو أن يتم تحديث الاسلام ذاته ؛ الامر الذي يحل العقدة ، ويفض الاشتباك 00
ويرد هويدي علي هذا المنطق الغربي فيقول " هو منطق مسكون بالتبسيط المخل ، ويعبر عن درجة عالية من سوء التقدير والفهم 00 ويقول" اسوأ مافي المنطق الغربي هو قصور النظر الذي لايري المشكلة والغلط الافي الجانب المتعلق بالمسلمين وحدهم 0
ويرى المقال الممنوع أن إضعاف التدين لا يحل مشكلة التطرف الذي هو - في شق منه - أحد ثمار ذلك الاضعاف "ويزيد الأمر وضوحا فيقول " الغاء الجهاد من المناهج الدراسية مثلا لن يحذفه من العقل الاسلامي ، ولكن وضعه في اطاره الصحيح هو الكفيل بالحيلولة دون اساءة فهمه أو توظيفه " .
وفيما يخص مسؤولية المراجعة بالنسبة لفصائل التيار الاسلامي أشار المقال بوجه خاص الي تراجع الاهتمام بالقيم الأخلاقية والحضارية في المشروع الاسلامي ، والتركيز علي الجانب السياسي الذي يركز علي التغيير من أعلي ، دون أن يفكر في تغيير المجتمع . ويقول في هذا السياق : " والذين شغلوا بالعمل السياسي ، ووقعوا في خطيئة استهداف تغيير السلطة قبل تغيير المجتمع ، ارتكبوا خطأ آخر ، هو أنهم تعلقوا بالهدف النهائي في عملية غير حميدة ، ولم يحسنوا فهم نهج التدرج والأهداف المرحلية .
ويشير المقال الممنوع الي خطر يعاني منه الاسلاميون ، هو تقديم الولاء للجماعة علي الولاء للقيمة ، والحرص علي التخندق مع النظراء والأشباه ،ومفاصلة المجتمع وعدم توسيع القيم المشتركة مع الآخرين واعتبار مصلحة الأمة لا الجماعات أو التنظيمات 0
الأحد : 13 / 1 / 2002
((وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَّا كَسَبَت وَهُم لاَ يُظلَمُونَ))