السلام عليكم أخي ابراهيم:
القول بأن لا كفر إلا بعد إيمان..قول صحيح.. لكن إذا فُهم فهما سديدًا..
************************
يقول الله تبارك وتعالى :
{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ،وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }الأعراف
يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم، شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو. كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه، قال تعالى: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } [الروم:30]
وفي الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة -وفي رواية: على هذه الملة -فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء"
وفي صحيح مسلم، عن عياض بن حمــار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله [تعالى] إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم، عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم"
وقال الإمام أبو جعفر بن جرير، رحمه الله: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني السري بن يحيى: أن الحسن بن أبي الحسن حدثهم، عن الأسود بن سريع من بني سعد، قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع غزوات، قال: فتناول القوم الذرية بعد ما قتلوا المقاتلة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاشتد عليه، ثم قال: "ما بال أقوام يتناولون الذرية؟" قال رجل: يا رسول الله، أليسوا أبناء المشركين؟ فقال: "إن خياركم أبناء المشركين! ألا إنها ليست نسمة تولد إلا ولدت على الفطرة، فما تزال عليها حتى يبين عنها لسانها، فأبواها يهودانها أو ينصرانها".
قال الحسن: والله لقد قال الله في كتابه: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ] }
وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا جرير -يعني ابن حازم -عن كلثوم بن جابر عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم، عليه السلام، بنعمان. يعني عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها بين يديه، ثم كلمهم قبلا قال: { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } إلى قوله: { الْمُبْطِلُونَ } أنظر تفسير ابن كثير
إذا فالأصل أن البشر قد آمنوا سلفا بالرب الإله المعبود الواحد الأحد الصمد وهذه هي الفطرة ثم يأتي بعد ذلك الكفر وهو إما الشرك أو النصرانية المحرفة المشركة أو اليهودية المختلقة أو المجوسية السيئة .
فهؤلاء الذين لم يسلموا أصلا وترعرعوا بين أظهر أهلهم غير المسلمين وشبوا على ذلك فهم كفار لأنهم اعتنقوا ديانة غير ديانة التوحيد فلا ينتظر منهم أن يؤمنوا ثم يحكم عليهم أنهم كفار لأنهم كفروا هم في الأصل الأول مؤمنين ثم تغيروا بفعل التربية وتركوا الفطرة التي فطر الناس عليها ..
:{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }الأعراف
إنها قضية الفطرة والعقيدة يعرضها السياق القرآني في صورة مشهد - على طريقة القرآن الغالبة - وإنه لمشهد فريد . . مشهد الذرية المكنونة في عالم الغيب السحيق ، المستكنة في ظهور بني آدم قبل أن تظهر إلى العالم المشهود ، تؤخذ في قبضة الخالق المربي ، فيسألها : { ألست بربكم؟ } . . فتعترف له - سبحانه - بالربوبية؛ وتقر له - سبحانه - بالعبودية؛ وتشهد له - سبحانه - بالوحدانية؛ وهي منثورة كالذر؛ مجموعة في قبضة الخالق العظيم!
أخرج ابن جرير وغيره - بإسناده - عن ابن عباس قال : « مسح ربك ظهر آدم ، فخرجت كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة . . فأخذ مواثيقهم ، وأشهدهم على أنفسهم : { ألست بربكم؟ قالوا : بلى } . . وروي مرفوعاً وموقوفاً على ابن عباس . وقال ابن كثير : إن الموقوف أكثر وأثبت . .
فأما كيف كان هذا المشهد؟ وكيف أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم؟ وكيف خاطبهم : { ألست بربكم } وكيف أجابوا : { بلى شهدنا } ؟ . . فالجواب عليه : أن كيفيات فعل الله - سبحانه - غيب كذاته . ولا يملك الإدراك البشري أن يدرك كيفيات أفعال الله ما دام أنه لا يملك أن يدرك ذات الله . إذ أن تصور الكيفية فرع عن تصور الماهية .
المصدر في ظلال القرآن
******************************
كل اِمرإ غير مسلم فهو كافر..لأنه آمن من قبل يوم الميثاق..و وُلد على هاته الفطرة فكفر بمجتمعه أو عن مشيئته..
فأما من لم تبلغه الدعوة فالله سبحانه و تعالى يقول :''' و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا '''...فأولئك يمتحنهم الله يوم القيامة بما لا يعلمه إلا هو..و الله أعلم.