لا بأس !
" بل هو بأس ! "
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله الا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد ، تكثر التساؤلات و التأملات في واقع المسلمين اليوم. فلا يوجد من يُنكر أن أمتنا قد هوت - خلال القرنين الأخيرين - في هوة عميقة ، لم تخرج منها حتى اليوم !
لا دينا تمسكنا به ، ولا دنيا تربعنا على عرشها ! إنما - فقط - نستهلك و نجلب كل جديد ، بصرف النظر عن هذا الجديد ! ونلتهم كل ما جاء من وراء البحار ، لباسا كان أو كتابا أو فكرا أو عيدا أو عقيدة.. لا يهمنا. وليس عندنا جهاز "فلترة" أو مرجعا نلتزم به حتى الموت ، ونهرع إليه كلما استشكل علينا أمر أو طرأ علينا طارئ لا نعرف حكمه !
"لا بأس" أصبح هو الحكم "الجوكير" اليوم ! لا بأس في سماع المعازف ، لا بأس في مصافحة النساء ، لا بأس في حلق اللحية ، لا بأس في معانقة "كوندوليزا رايس" ، لا بأس في إظهار شعيرات من رأس المرأة بل لا بأس من نزع الحجاب أحيانا ، لا بأس من نتف الحواجب ، لا بأس من وضع الزينة و الرائحة الفواحة ، أليس الله جميلا و يحب الجمال ؟ لا بأس في اختلاط الجنسين بالجامعة السعودية ، فهي تسعى للحداثة كباقي الدول ! لا بأس في تأجيل التحقيق في جرائم إسرائيل بغزة.. لا بأس ، لا بأس ، لا بأس ! يا أخي كل شيء يُعصرن ، فلماذا لا يُعصرن الإسلام ؟
"يجب تجديد علوم الإسلام طبقا للواقع" قالها - مؤخرا - أمين عام الرابطة المحمدية لعلماء المغرب في برنامج "الشريعة و الحياة" بقناة الجزيرة. كلام جميل و يبدو منطقيا ، تستسيغه العقول و تستريح له النفوس. لكن ما لم أفهمه أنا هو كيف طاب لأمثال هؤلاء أن يرموا وراء ظهورهم أجيال العلماء و رجال الدين ، ورثة الأنبياء ممن شهدت الأمة و أجمعت على صدقهم - والله حسيبهم - مع تعاقبهم واختلاف أزمنتهم عن زمان النبي العدنان ، كيف يجرؤ كل شخص حصل على شهادة بسيطة من جامعة بسيطة من جامعات اليوم على هذا "الاجتهاد" المتهور في أمور لم يتنازل عنها شيوخ الإسلام ، وقد درسوا على كتبهم ؟
أنا لا أتكلم عن الفتاوى البسيطة التي تخص أمورا جديدة تستدعي الاجتهاد ، وما أقلها. ولا أقصد قضايا كانت ولا تزال محل خلاف ، وإنما أقصد بحديثي سننا ثابتة لم تتزحزح منذ خروجها من فم النبي الشريف ، أو دلّ عليها فعله أو تقريره - صلى الله عليه وسلم - وكيف يأتي بعض "علماء الدين" اليوم ويدعوننا مباشرة أو كناية إلى التنازل عن هذه المبادئ والأفكار التي أسسها رسول هذا الدين ، بأبي هو وأمي ؟
كيف يجرؤون ؟ سبحان الله ! ألا يخشون يوما تشخص فيه الأبصار ؟ ألم يروا أنهم يقفون أمام كلام النبي و يُضلّون الناس عن اتباعه ؟
ما المشكل من إعفاء اللحية اليوم ؟ فبغض النظر عن كونها سنة قولية و فعلية و تقريرية معا ، ترى - مثلا - مخرجين غربيين و مغنيي روك و غيرهم يطلقون لحاهم ، ألا نطلق نحن لحانا وقد أمرنا نبينا بذلك ؟ كيف ندّعي حبه إذن ؟ وأي حماقة و سخافة في جعل عبارة "الحب في القلب" شماعة نعلق عليها ضعفنا و عجزنا و نفاقنا ! فكل شيء أصبح في القلب اليوم: اللحية و التقصير و الحجاب و السواك و الجهاد ! يجب أن يدخل القلب وحده الجنة إذن !
ثم نتنازل لصالح ماذا ؟ لصالحهم ؟ كي يرضوا عنا ؟ أم لصالح دنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، ولو كانت ذا قيمة كما نتصور لما سُقي كافر شربة ماء ! فلنتق الله و لنعمل في دنيانا بكل طاقاتنا ، لكن عندما يصطدم الواقع بالدين.. عندما يرفض الواقع كلام الله و كلام رسوله ، فتبا للواقع إذن ! لا سمعا و لا طاعة للواقع ولعباد الواقع ، وسمعا وطاعة لكلام الله ورسوله.
رغم أنوف من يأبى سيظل رجال و نساء يمسكون كتاب الله بيد وسنة محمد - صلى الله عليه وسلم - بيد ثانية. وسيظل من يعض عليهم الأصابع من الغيظ ، قل موتوا بغيظكم ! والله لن نتنازل عن طاعة الله و رسوله في كل شيء وبلا مساومة ، حتى لو قُطّعت الرقاب و سالت الدماء أودية !..
ها نحن وها أنتهم.. وسنرى لمن العاقبة !
رفعت خالد
" أنا أحوجكم لهذا الكلام ، فادعوا الله لي بالمغفرة و الثبات على الحق ، فكم قررتُ الصمت لأني لست أهلا لمثل هذا الكلام الكبير ، لكن الله أعلم بنيتي ، وإياه أسأل الأجر"