بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل تصح الصلاة في المسجد إذا كان فيه قبر والناس تجتمع فيه لصلاتي الجماعة والجمعة أم لا؟ وهل يمهد القبر أو يعمل عليه حاجز أو حائط؟.
فأجاب: الحمد لله اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد. فإني أنهاكم عن ذلك)). وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد. فإن كان المسجد قبل الدفن غير: إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديدا. وإن كان المسجد بني بعد القبر: فإما أن يزال المسجد وإما أن تزال صورة القبر فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل فإنه منهي عنه.
ابن تيميه
سائل يسأل: ما حكم من اعتقد أن فلانًا ـ مثلاً ـ ينفع أو يضر من دون الله أو مع الله ، هل يكون بذلك مشركًا ، ولو لم يقل ذلك أو يفعل ما هو بمعناه؟.
الإجابة:
لا شك أن من يعتقد النفع والضر من دون الله تعالى أو مع الله ـ فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى ـ يعتبر كافرًا ومشركًا؛ إذ إن الله تعالى هو النافع الضار ، فلو اجتمع أهل السموات والأرض على أن ينفعوا شخصًا ـ لم يُرد الله نفعه ـ لم يقدروا على نفعه ، ولو اجتمعوا على أن يضروا شخصًا ـ لم يرد الله ضره ـ لم يضروه.
وأما ما يستطيعه المخلوق من نفع غيره ، بمساعدته بمال ، أو جاه ، أو جهد ، فذلك النفع مرتبط بإرادة الله تعالى ، ولا ينفي التسليم به الاعتقاد بأن الله تعالى هو النافع الضار.
وأما الاستفهام عمن يعتقد أن لزيد ـ مثلاً ـ قدرةً على نفع أو ضر غيره من دون الله أو مع الله ، هل يعتبر مثل هذا مشركًا مع أنه لم يقل ذلك أو يفعل ما هو بمعناه؟ فغير خاف أن الاعتقاد جزء من الإيمان. فمن اعتقد شيئًا فقد آمن به واطمأن به قلبه ، ومن اطمأن قلبه بأن المخلوق ينفع أو يضر من دون الله أو مع الله ـ فيما لا يقدر عليه إلا الله ـ فقد كفر أو أشرك ، سواء نطق لسانه بذلك ، أو عمل ما يقتضيه ، أو لا. والله اعلم.
عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل
سئل الشيخ رحمه الله عن مصير أطفال المؤمنين، وأطفال المشركين الذي ماتوا صغارًا؟
الجواب:
فأجاب فضيلته قائلاً : مصير أطفال المؤمنين الجنة، لأنهم تبع لآبائهم قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:21].
وأما أطفال غير المؤمنين يعني الطفل الذي نشأ من أبوين غير مسلمين فأصح الأقوال فيهم أن نقول الله أعلم بما كانوا عاملين فهم في أحكام الدنيا بمنزلة آبائهم، أما في أحكام الآخرة فإن الله – تعالى – أعلم بما كانوا عاملين كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم، والله أعلم بمصيرهم. هذا ما نقول، وهو في الحقيقة أمر لا يعنينا كثيرًا إنما الذي يعنينا هو حكمهم في الدنيا، وأحكامهم في الدنيا – أعني أولاد المشركين – أحكامهم في الدنيا أنهم كالمشركين لا يغسلون، ولا يكفنون، ولا يصلى عليهم، ولا يدفنون في مقابر المسلمين. والله أعلم.
محمد بن صالح العثيمين
ما حكماتباع العلماء أو الأمراء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحله؟
الجواب:
اتباع العلماء أو الأمراء في تحليل ما حرم الله أو العكس ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول: أن يتابعهم في ذلك راضيًا بقولهم مقدمًا له ساخطًا لحكم الله فهو كافر لأنه كره ما أنزل الله، وكراهة ما أنزل الله كفر لقوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:9]
ولا تحبط الأعمال إلا بالكفر فكل من كره ما أنزل الله فهو كافر.
القسم الثاني: أن يتابعهم في ذلك راضيًا بحكم الله، وعالمًا بأنه أمثل وأصلح للعباد والبلاد، ولكن لهوى في نفسه تابعهم في ذلك فهذا لا يكفر ولكنه فاسق.
فإن قيل : لماذا لا يكفر؟
أجيب : بأنه لم يرفض حكم الله، ولكنه رضي به وخالفه لهوى في نفسه فهو كسائر أهل المعاصي.
القسم الثالث: أن يتابعهم جاهلاً يظن أن ذلك حكم الله فينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يمكنه معرفة الحق بنفسه فهو مفرط أو مقصر فهو آثم، لأن الله أمر بسؤال أهل العلم عند عدم العلم.
القسم الثاني :أن يكون جاهلا ولا يمكنه معرفة الحق بنفسه ، فيتابعهم بغرضالتقليد، يظن أن هذا هو الحق فلا شيء عليه ، لأنه فعل ما أمر به وكان معذورًا فهذا معذور بذلك ، ولذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أن من أفتى بغير علم فإنما إثمه على من أفتاه )) . ولو قلنا بإثمه بخطأ غيره ، للزم من ذلك الحرج والمشقة ولم يثق الناس بأحد لاحتمال خطئه .
محمد بن صالح العثيمين
ما تعريفالطاغوت؟
الجواب:
الطاغوت مشتق من الطغيان ، والطغيان مجاوزة الحد ومنه قوله تعالى : { إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة:11]
يعني لما زاد الماء عن الحد المعتاد حملناكم في الجارية يعني السفينة.
واصطلاحًا : أحسن ما قيل في تعريفه ما ذكره ابن القيم – رحمه الله – أنه أي الطاغوت : ( كل ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع ) ومراده بالمعبود والمتبوع والمطاع غير الصالحين، أما الصالحون فليسوا طواغيت وإن عبدوا، أو أتبعوا، أو أطيعوا؛فالأصنام التي تعبد من دون الله طواغيت، وعلماء السوء الذين يدعون إلي الضلال والكفر، أو يدعون إلى البدع، وإلي تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله طواغيت، والذين يزينون لولاة الأمر الخروج عن شريعة الإسلام بنظم يستوردونها مخالفة لنظام الدين الإسلامي طواغيت، لأن هؤلاء تجاوزوا حدهم، فإن حد العالم أن يكون متبعًا لما جاء به النبي ، صلي الله عليه وسلم لأن العلماء حقيقة ورثة الأنبياء، يرثونهم في أمتهم علمًا، وعملاً، وأخلاقًا، ودعوة ، وتعليمًا، فإذا تجاوزوا هذا الحد وصاروا يزينون للحكام الخروج عن شريعة الإسلام بمثل هذه النظم فهم طواغيت، لأنهم تجاوزوا ما كان يجب عليهم أن يكونوا عليه من متابعة الشريعة.
وأما المطاع في قوله – رحمه الله – فيريد به الأمراء الذين يطاعون شرعًا أو قدرًا، فالأمراء يطاعون شرعًا، إذا أمروا بما لا يخالف أمر الله ورسوله فالواجب علي الرعية إذا أمر ولي الأمر بما لا يخالف أمر الله الواجب عليهم السمع والطاعة، وطاعتهم لولاة الأمر في هذا الحال بهذا القيد طاعة لله – عز وجل – ولهذا ينبغي أن نلاحظ حين ننفذ ما أمر به ولي الأمر مما تجب طاعته فيه أننا في ذلك نتعبد لله – تعالى – ونتقرب إليه بطاعته، حتى يكون تنفيذنا لهذا الأمر قربة إلي الله – عز وجل – وإنما ينبغي لنا أن نلاحظ ذلك لأن الله – تعالي – يقول: { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ }[النساء: 59].
وأما طاعة الأمراء قدرًا فإن الأمراء إذا كانوا أقوياء في سلطتهم فإن الناس يطيعونهم بقوة السلطان وإن لم يكن بوازع الإيمان، لأن طاعة ولي الأمر تكون بوازع الإيمان وهذه هي الطاعة النافعة، النافعة لولاة الأمر، والنافعة للناس أيضًا ، وقد تكون الطاعة بوازع السلطان بحيث يكون قويًا يخشي الناس منه ويهابونه لأنه ينكل بمن خالف أمره.
ولهذا نقول إن الناس مع حكامهم في هذه المسألة ينقسمون إلى أحوال أربع:
الحالة الأولي : أن يقوى الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أكمل الأحوال وأعلاها.
الحالة الثانية: أن يضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أدني الأحوال وأخطرها علي المجتمع، علي حكامه ومحكوميه، لأنه إذا ضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني حصلت الفوضي الفكرية والخلقية، والعلمية.
الحالة الثالثة: أن يضعف الوازع الإيماني ويقوى الرادع السلطاني وهذه مرتبة وسطي لأنه إذا قوي الرادع السلطاني صار أصلح للأمة في المظهر فإذا اختفت قوة السلطان فلا تسأل عن حال الأمة وسوء عملها.
الحالة الرابعة: أن يقوى الوازع الإيماني ويضعف الرادع السلطاني فيكون المظهر أدنى منه في الحالة الثالثة لكنه فيما بين الإنسان وربه أكمل وأعلي.
والمهم أننا نقول إننا ينبغي لنا عند تنفيذ أوامر السلطان أن نعتقد أننا نتقرب إلى الله – عز وجل – بذلك.
وإنما قال ابن القيم: إن الطاغوت ( ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع) لأن الأمير الذي يطاع قد يأمر بما يخالف أمر الله ورسوله فإنه حينئذ لا سمع له ولا طاعة، ولا يجوز لنا أن نطيعه في معصية الله ، سبحانه وتعالى ،لأن الله تعالى، جعل طاعته تابعة لطاعته وطاعة رسوله، صلي الله عليه وسلم، كما يفهم من سياق الآية: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: 59] ولم يقل:" وأطيعوا أولي الأمر منكم" فدل هذا علي أن طاعتهم غير مستقلة بل هي تبع لطاعة الله تعالى وطاعة رسوله، صلي الله عليه وسلم، وقد ثبت أن النبي، صلي الله عليه وسلم، قال: (( إنما الطاعة في المعروف)) أي فيما أقره الشرع، وأما ما أنكره فلا يجوز أن يطاع فيه أي مخلوق حتى لو كان الوالد أو الوالدة ، لأن طاعة الله مقدمة علي كل طاعة، فإذا أطاع الإنسان أميره أو ولي أمره في معصية الله فقد تجاوز به حده.
محمد بن صالح العثيمين
ما حكممن يدعي أنه ينفع ويضر، وما حكم تصديقه ؟
الجواب:
هؤلاء الذين يدعون أنهم ينفعون، أو يضرون كذبة لا يجوز لأحد أن يصدقهم، ولا أن يسألهم، ويجب علي من علم بهم أن يبلغ ولاة الأمور ليتخذوا اللازم، فلا أحد يملك النفع والضرر إلا الله وحده لا شريك له حتى النبي ، صلي الله عليه وسلم قال الله له : { قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً ، قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً } (الجـن: 21 ، 22)
وأمره أن يقول : { قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ }[الأعراف: 188] ومن زعم أن أحدًا يملك الضرر، أو النفع بغير أسباب حسية معلومة، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، لأنه مكذب لله – تعالى – ولرسوله، صلي الله عليه وسلم.
وإني أقول لهؤلاء الذين يتوهمون صدق ما قاله هؤلاء الدجاجلة أقول لهم: اثبتوا علي دينكم وإيمانكم ، واعلموا أنه لا يملك أحد الضرر والنفع إلا الله وحده لا شريك له، وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال لابن عباس ـ رضي الله عنهما: (( واعلم أن الأمة لو اجتمعوا علي أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك)) وفي القرآن الكريم لما ذكر الله السحرة قال: { وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ}[البقرة: 102] فالمهم أن هؤلاء كذبة فيما ادعوه من كونهم يملكون النفع والضر، فإن ذلك إلى الله وحده لا شريك له، وعليهم أن يتوبوا إلى الله من هذا العمل، وأن يعترفوا بقصورهم وتقصيرهم، وأنهم ضعفاء أمام قدرة الله، وأنهم لا يملكون دفع الضرر عن أنفسهم فضلاً عن غيرهم، كما لا يملكون لأنفسهم جلب نفع فضلاً عن جلبه لغيرهم إلا ما شاء الله سبحانه وتعالى وعلي من يتوهم صدقهم أن يتوب إلى الله من تصديقهم وأن يعلم أنهم كذبة، ولا حق لهم ولا حظ لهم في مثل هذه الأمور.
محمد بن صالح العثيمين
ما أنواعالشرك؟
الجواب:
سبق في غير هذا الموضع أن التوحيد يتضمن إثباتًا ونفيًا، وأن الاقتصار فيه على النفي تعطيل، والاقتصار فيه علي الإثبات لا يمنع المشاركة فلهذا لا بد في التوحيد من النفي والإثبات، فمن لم يثبت حق الله – عز وجل – على هذا الوجه فقد أشرك.
والشرك نوعان: شرك أكبر مخرج عن الملة، وشرك دون ذلك.
النوع الأول: الشرك الأكبر وهو : ( كل شرك أطلقه الشارع وهو يتضمن خروج الإنسان عن دينه ) مثل أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة لله – عز وجل – لغير الله، كأن يصلي لغير الله، أو يصوم لغير الله ، أو يذبح لغير الله، وكذلك من الشرك الأكبر أن يدعو غير الله – عز وجل – مثل أن يدعو صاحب قبر، أو يدعو غائبًا ليغيثه من أمر لا يقدر عليه إلا الله – عز وجل – وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم.
النوع الثاني: الشرك الأصغر وهو : ( كل عمل قولي، أو فعلي أطلق عليه الشرع وصف الشرك، ولكنه لا يخرج من الملة ) مثل الحلف بغير الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك )) فالحالف بغير الله الذي لا يعتقد أن لغير الله – تعالى – من العظمة ما يماثل عظمة الله فهو مشرك شركًا أصغر، سواء كان هذا المحلوف به معظمًا من البشر أم غير معظم، فلا يجوز الحلف بالكعبة، ولا بجبريل، وميكائيل، لأن هذا شرك، لكنه شرك أصغر لا يخرج من الملة.
ومن أنواع الشرك الأصغر، الرياء مثل أن يقوم الإنسان يصلي لله عز وجل ولكنه يزين صلاته لأنه يعلم أن أحدًا من الناس ينظر إليه فيزين صلاته من أجل مراءاة الناس فهذا مشرك شركًا أصغر، لأنه فعل العبادة لله لكن أدخل عليها هذا التزيين مراءاة للخلق، وكذلك لو أنفق ماله في شيء يتقرب به إلى الله لكنه أراد أن يمدحه الناس بذلك، فإنه مشرك شركًا أصغر، وأنواع الشرك الأصغر كثيرة معلومة في كتب أهل العلم.
محمد بن صالح العثيمين