لعل الذي يحل الاشكال هو فهم معنى الفطرة وفهم بعض احكامها و متعلقاتها
و لنعلم ان الذي خالق الفطرة هو الذي انزل القرآن، و لذا فيستحيل أن يكون في دين الله،أو شـرعه أمر يخالف ويعارض ما فطره عليه، فالحكيم العالم بما خلق ومن خلق، يضع الشريعة المناسبة له، الملائمة لخلقه.
وكل أمر شرعي يخطر في بالك أنه يعارض الفطرة، فيجب أن تعلم أنه لا يخلو من أحد احتمالين:
- فإما أنه أمر شرعي، ولا يخالف الفطرة الصحيحة المستقيمة، فمخالفته للفطرة وهم.
- وإما أنه يخالف الفطرة فعلاً، ولكنه لا يكون أمرًا شرعيًّا، وإن نَسَبَهُ الناس إلى الدين بغير علم ولا هدى.
فلدين جاء مقرًّا بالفطرة، غير متنكر لها،
و كما يقال: بالمثال بتضح المقال,
فسأضرب بعض الأمثلة لبعض الأمور الفطرية, ثم نطبق ذلك على سؤال اخينا عن العنصرية
بعض امثلة الفطرة:
حب الحياة , وحب الزوج، وحب الولد, فطرة حب الملكية
فهذه امثلة على بعض المسائل الغريزية الجبلِّية الفطرية
و ليست هي -بذاتها- محل مدح أو ذم، ولكنها تُحمد أو تُذم بما يلابسها من القصد والنية، وطريقة الإشباع، وآداب متعلقة بذلك.
و الدين جاء منظما لهذه الفطر و وليس مناقضا لها
فمثلا: في حب الملكية طريقان: حلال يتمثل في البيع بجميع صوره المباحة -وهو مفتوح-، وحرام يتمثل في الربا، وهو من أخبث ضروب المكاسب المحرمة.
و هكذا في فطرة حب النساء, فلها طريق هو الزنا و طريق هو النكاح
فليست فطرة حب النساء مذمومة و لا ممدوحة, و لكن اليقين ان الاسلام ليس ضدها, بل جاء منظما لها مزكيا لها
-------------------------
ثم نرجع الان الى المسألة التي طرحة هنا, و هي هل العنصرية فطرة؟
فالجواب: أن حب الوطن و حب الانتماء و ما شابه أمر فطري
و جاء الاسلام منظما لها:
فمن سلك مسلكا من مسالك الجاهلية من تفاخر بالانساب و عنصرية و ما شابه فهو معرض للذم
و من سلك مسلكا اخر كأن جعلها سببا للتعارف و التراحم و دافعا للجهاد في سبيل الله و دافعا للعمل و غير ذلك فقد أصاب
اذاً عندنا في هذه المسألة و كل مسألة تتعلق بالفطرة مُتعلقان:
1- امر هو الفطرة, و هذا لا يكون مذموما ابدا, بل جاء الاسلام مؤيدا له منظما له مزكيا له
2- امر زائد عن الفطرة مرتبط بالفطرة و هو العمل على اشباع الفطرة, و هذا يُحمد أو يُذم بما يلابسه من القصد والنية، والطريقة و الآداب.
فحب اخيك للانتماء امر فطر عليه و ليس مذموما شرعا, و لكن ذمه للاخر و العنصرية امر زائد تعلمه من مكان اخر و هو الأمر المذموم شرعا
......
استفدت هذا التحرير من الشيخ سلمان العودة و من اخينا محمد العوني (alone) فجزاهم الله خيرا