مفهوم العلاقات العامة

تعد العلاقات العامة ظاهرة اجتماعية من حيث أنها من أهم الجوانب التطبيقية لعلم الاجتماع الحديث وتفسير ذلك أن الإنسان لا يعيش في عزلة عن الناس بل تقتضي ظروف الحياة الاتصال بالآخرين والتعاون معهم وفي أثناء هذا الاتصال إما أن يترك الشخص أثراً حسناً لدى الناس عنه وإما أن يترك أثراً سيئاً.. فالأثر الحسن سيساعده على قضاء أعماله بسرعة وبأقل مجهود والعكس صحيح.

وهكذا فتكيف الناس والجماعات مع الواقع الاجتماعي أمر هام وضرورة لا غنى عنها من أجل الصالح العام.

وعلى الرغم من وجود العلاقات العامة منذ ألاف السنين إلا أن وجودها كعلم له قواعده وأصوله لم يتحقق إلا في الآونة الأخيرة، ومع ذلك فان الاختلاف في تحديد مفهوم العلاقات العامة لا يزال قائما فتختلف النظرة إلي هذا الدور باختلاف المسئولين عن قيادة العمل.

ولا شك أن عدم وضوح هذا الدور سيؤدي تبعا إلى سلبيات عديدة لعل من أهمها تضارب الاختصاصات وعرقلة سير العمل ولا يساعد على التنظيم السليم لإدارة العلاقات العامة وتكون المحصلة النهائية والحتمية سوء أداء تلك الإدارة وعدم استطاعتها الوفاء بواجباتها الأساسية.

ومن هنا فالحاجة ملحة لتحديد هذا الدور من خلال تحديد ماهيته والذي يبدأ بتعريف واضح لمفهوم العلاقات العامة.

ظهر مصطلح العلاقات العامة قرابة نهاية القرن التاسع عشر وشاع استخدامه في منتصف القرن العشرين وتعددت تعريفاته وبالرغم من شيوعه بين رجال الأعمال إلا أنه يستخدم لوصف مجموعة متنوعة وواسعة من النشاطات ما ألبسها الكثير من الغموض والإبهام.

تعريف العلاقات العامة

وضع تعريفا واحدا لشيء ما أمر ليس بالسهل نظرا لاختلاف المفاهيم إلا أننا سنقتصر هنا على ذكر أهم هذه التعاريف التي وضعها أهل الاختصاص ومن هذه التعاريف :

* تعريف الجمعية الدولية للعلاقات العامة حيث عرفت العلاقات العامة كوظيفة تخطيطية فقالت بأنها "وظيفة إدارية ذات طابع مخطط ومستمر تهدف من خلالها المنظمات والهيئات العامة والخاصة إلى كسب تعاطف وتأييد أولئك الذين تهتم بهم والحفاظ على ثقتهم، عن طريق تقييم الرأي العام المتعلق بها من اجل ربط سياستها وإجراءاتها قدر الإمكان، ومن اجل تحقيق تعاون مثمر أكثر، ومن اجل مقابلة المصالح العامة بدرجة أكثر كفاءة عن طريق تخطيط المعلومات ونشرها".

* كما اطلعنا على رأي آخر لتعريف الجمعية الدولية حول العلاقات العامة بأنها "وظيفة إدارية دائمة ومنظمة تحاول المؤسسة العامة أو الخاصة عن طريقها أن تحقق مع من تتعامل أو يمكن أن تتعامل معهم التفاهم والتأييد والمشاركة، وفي سبيل هذه الغاية على المؤسسة أن تستقصي رأي الجمهور إزاءها وان تكيف معه بقدر الإمكان سياستها وتصرفاتها وان تصل عن طريق تطبيقها لبرامج الإعلام الشامل إلى تعاون فعال يؤدي إلى تحقيق جميع المصالح المشتركة".

وكلا التعريفين متشابهين إلا من حيث الصياغة اللفظية للتعريفين وقد ركز كلا التعريفين على أنها وظيفة إدارية منظمة ومخططة ومستمرة تحاول أن تكسب من خلالها تعاطف وتأييد عملائها بقصد تحقيق المصالح العامة والمشتركة.

كما عرفها كانفيلد بأنها " الفلسفة الاجتماعية للإدارة والتي تعبر عنها من خلال أنشطتها وسياستها المعلنة للجمهور لكسب ثقته وتفاهمه.

* كما عرفت العلاقات العامة بأنها "مجموعة من الأنشطة والأعمال المخططة المدروسة التي يقوم بها موظفوها الإدارات المتخصصة في العلاقات العامة بغرض نشر الحقائق الموضوعية والمعلومات الصادقة عن المنظمات الحكومية للجمهور، والتعرف على أرائه ورغباته، والتأثير فيها بما يساعد على تدعيم الثقة والتعاون بين الجمهور والمنظمات الحكومية ويضمن الأداء المتكامل للخدمات التي تقدم للجمهور".

* أما التعريف الموجز والمفيد هو ما عبر عنه ميلتون بقوله "العلاقات العامة هي الأداء الصادق والإعلام عنه".

وهذا التعريف اعتبر العلاقات العامة مرآة تعكس بوضوح وصدق حقيقة المؤسسة، ولا يمكن أن تعكس الصورة أفضل من الحقيقة.

وللعلاقات العامة تعريف آخر يقول بأنها: الجهاز الذي يربط المؤسسة بجمهورها الداخلي والخارجي. و للتقدم التقني في وسائل الإعلام المختلفة ولاسيما فيما يتعلق بالاتصال دور في زيادة فعالية هذا الجهاز.

بينما ازداد الطلب في الآونة الأخيرة على تطوير أقسام العلاقات العامة ، وسبب الإقبال على هذا الفرع من فروع الإدارة هو الدور الذي يلعبه هذا الجهاز و أهميته لكل مؤسسة حيث يقوم بنقل صورة للنشطة والخدمات التي تقدمها للجمهور وحاجة الجمهور للحصول على تلك المعلومات.

* أما تعريف العلاقات العامة في قاموس أكسفورد "العلاقات العامة هي الفن القائم على أسس علمية لبحث أنسب طرق التعامل الناجحة المتبادلة بين المنظمة وجمهورها الداخلي والخارجي لتحقيق أهدافها مع مراعاة القيم والمعايير الاجتماعية والقوانين والأخلاق العامة بالمجتمع".

* التعريف الوارد في الشرعة المهنية لمستشاري العلاقات العامة عرفها بأنها "الجهود التي يبذلها فريق ما، لإقامة العلاقات الطيبة واستمرارها بين أعضائه، وبين مختلف قطاعات الرأي العام".

ويمكن تحديد عناصر هذا التعريف وفقاً لما يأتي:

1. وجـــود فريــق: ويقصد بالفريق المؤسسات والشركات والإدارات على مختلف أنواعها واختصاصاتها.

2. الجهود المبذولة: ويقصد بالجهود النشاطات التي يبذلها الفريق لإقامة العلاقات الطيبة واستمرارها.

3. إقامة العلاقات الطيبة واستمرارها: وهي العلاقات التي يمكن أن تنشأ بين الإدارة والمؤسسة من جهة وبين الجمهور من جهة، بوجود الروابط التي تنظم وتحكم نشاط وتصرف كل منها.

4. أطراف العلاقات الطيبة: إن العلاقات الطيبة تكون بين الإدارة أو المؤسسة وبين موظفيها ومستخدميها من جهة وبين الإدارة أو المؤسسة وبين سائر المتعاملين والمنتفعين من خدماتها من جهة ثانية.

* التعريف الوارد في نظام الجمعية الفرنسية للعلاقات العامة:

يعرف هذا النظام العلاقات العامة بأنها "الجهود التي يبذلها فريق ما، لإقامة علاقات الثقة واستمرارها بين أعضائه، وبين الفريق وبين الجماهير المختلفة التي تنتفع بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الخدمات الاقتصادية والاجتماعية التي تحققها المؤسسة".

ولا تختلف عناصر هذا التعريف عن التعريف الذي ورد في الشرعة المهنية إلا فيما جاء حول علاقات الثقة والانتفاع من الخدمات الاجتماعية والاقتصادية.

1. علاقـــــات الثقة: ليست علاقات الثقة غاية بحد ذاتها تسعى الإدارة أو المؤسسة إلى تحقيقها عن طريق أجهزة العلاقات العامة، ولكنها انعكاس لواقع يترسخ ويتضح في حياة الإدارة أو المؤسسة وتصرفاتها مع موظفيها ومع الجمهور الذي يتعامل معها.

2. الانتفاع من الخدمات الاجتماعية: إن الانتفاع من الخدمات المشار إليها لمن الأمور الطبيعية التي تلازم في كثير من الأحيان علاقات الإدارة أو المؤسسة بجمهور العاملين فيها أو المتعاملين معها، حتى أنه من الممكن القول، بعدم تصور قيام تلك العلاقات بعيداً من الخدمات الاجتماعية أو الاقتصادية التي تؤمنها الإدارة أو المؤسسة.

و دور العلاقات العامة لا يقتصر على التعريف بأنشطه الجهاز بل يمتد لاستقبال المعلومات من الجمهور ليعمل من خلال هذه المعلومات على تطوير الجهاز ، وكما أن لها دور في تلبية رغبات وحاجات الجمهور الداخلي من نواحي مختلفة وخلق صورة ذهنية ايجابية للمؤسسة لدى الجمهور الخارجي.

صناعة العلاقات العامة

هي إدارة أشبه بالديكور يضع فيها صاحب الشركة أو مدير المؤسسة من يريد أن يجامله من الموظفين، لأنها لا تخرج عن كونها عملا بلا أي مهام. تلك هي الصورة الذهنية التي كانت إلى وقت قريب مطبوعة في الأذهان عن العلاقات العامة في المنطقة العربية.

إلا أنه نتيجة لشدة تنافس المؤسسات العربية في ظل اقتصاديات السوق، والسعي لجذب شريحة من السوق، أصبحت المؤسسات أيا كان نشاطها تهتم بصناعة صورة ذهنية إيجابية عند جمهور المستهلكين، وتقييم مدى فهمه لطبيعة المؤسسة.

يضاف إلى ذلك، تنمية العلاقات داخل المنظمة، بما يحسن أداءها الإنتاجي ككل، فالعلاقات العامة أداة إدارية تساعد على تقييم مواقف الجمهور الداخلي والخارجي للمؤسسات، وتساعد على تحقيق التقارب بين سياسات وإجراءات المؤسسة واهتمامات جمهورها.

ومن هنا تطورت العلاقات العامة في منطقتنا العربية لتصبح صناعة ناشئة، فتشير الجمعية الدولية للعلاقات العامة في عام 2005 إلى أن الشركات العربية الأعضاء بها بلغت 85 شركة، استأثرت السعودية بالعدد الأكبر منها، وهو 32 شركة، تليها مصر "18"، ثم الكويت "15"، فالإمارات "5"، فالبحرين "2"، ثم لبنان والسودان وسوريا "1" لكلٍ.

ولا تتوافر أرقام محددة حول حجم هذه الصناعة التي توفر وظائف وقطاعات جديدة يمكن للشباب ليس العمل فيها فقط، بل إقامة هذا النوع من الشركات أيضا.

ويرى د.عبد المطلب عبد الحميد الأستاذ بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية في مصر أن إدراك مفهوم العلاقات العامة بدأ يتغير بدليل تنامي عدد الشركات في منطقتنا العربية. ويشير إلى أن هناك مهام رئيسية للعلاقات العامة وهي إرضاء العميل "الزبون"، والمجتمع، والعاملين داخل المؤسسة.

ومن مظاهر التغيير التي يلمحها د.عبد المطلب في التعامل العربي مع العلاقات العامة، هو ظهور مراكز خدمة العملاء، كأحد أنشطة العلاقات العامة في الكثير من شركات القطاع الخاص، وهذه المراكز هدفها الوحيد هو راحة العميل، وبناء جسور من الثقة بين الشركة والعميل.

وفي المقابل، ما تزال المؤسسات الحكومية عاجزة عن إدراك هذا الدور الهام، والدليل على ذلك الكثير من القرارات التي تتخذ، ثم تلغى لأنها لم تراع الجمهور ولم تعرف اتجاهاته.

ولكن كيف يمكن تحقيق مهام العلاقات العامة، في هذا الصدد يشير د.علي عجوة أستاذ العلاقات العامة عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة إلى ضرورة وجود 7 إدارات تابعة لأي شركة متخصصة في العلاقات العامة، لها وظائف محددة، وهذه الإدارات هي:

* إدارة العلاقات الإعلامية: وهي مسئولة عن الاتصال بوسائل الإعلام وإعداد تقارير عما تنشره عن المؤسسة.

* إدارة الشئون العامة: وتنظم اللقاءات الدورية مع المحللين الاقتصاديين لإطلاعهم على وضع المؤسسة المالي ومشاريعها الاستثمارية لتدعيم العلاقات معهم وجذب مستثمرين جدد.

* قسم شئون المستهلكين: وهو يقوم بتوثيق الصلة مع العملاء وذلك بإعداد المطبوعات التي تبين مزايا السلعة أو الخدمة التي تقدمها المؤسسة.

* قسم الشئون القانونية: وهو يتابع التشريعات والقوانين ذات الصلة بالمؤسسة وإعداد الدراسات بهذا الشأن.

* إدارة الشئون الداخلية: ويتابع شكاوى العاملين وتظلماتهم وإعداد برامج النشاط الاجتماعي والثقافي والرياضي.

* إدارة للنشطات: وهي خاصة بتنظيم المعارض والندوات وتسهيل سفر مسئولي المؤسسة.

* إدارة للتصميم والإنتاج: وهي تتولى المهام الفنية الخاصة بإنتاج المطبوعات والمواد المرئية، كالنشرات، والكتيبات، وأفلام الفيديو.

أهداف العلاقات العامة

1. التعريف بنشاط الجهاز: والعلاقات العامة وسيلة في التعريف الصحيح المقنع بنشاط الجهاز وكسب تأييد الجمهور والرضا عنه.

2. البحث وجمع المعلومات: إجراء بحوث الرأي والاستطلاع وجمع معلومات عن الشركات المنافسة ومنتجاتها وجماهيرها وكذلك معلومات عن الشركة ومنتجاتها.

3. الاتصال: توفير قنوات الاتصال المناسبة في الاتجاهين من المنظمة إلى الجماهير ومن الجماهير إلى المنظمة أو عن طريق الاتصال الشخصي أو الاتصال الجماهيري.

4. تخطيط برامج العلاقات العامة وتنفيذها: تضع خطط وقائية و علاجية لتحسين صورة المنشاة الذهنية لدى الجماهير وتقسم إلى خطط طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى.

5. التقييم: تقوم بتقييم برامجها وخططها تقيم قبلي وتقيم مرحلي "أثناء التنفيذ" وتقيم بعدي.

6. التنسيق: تعتبر جهاز تنسيقيا بين إدارات المنشأة المختلفة، وكذلك التنسيق بين المنشأة وجماهيرها.