الواقع إن ماأهلك الديناصورات وكل الحيوانات الأخرى جميعها بلا استثناء ، ماعدا البحرية منها ، هو دخول الكرة الأرضية في أتون سحابة من المادة السوداء لفترة من الوقت حجبت الأوكسجين عنها بما أهلك الزرع والنسل وبالتالي حيوانات الديناصور وكل الحيوانات الضخمة والصغيرة الأخرى لتعود الأرض إلى التفاعل مجدداً بالحياة مرة أخرى بعد بضعة مليارات من السنين وظهور الإنسان والحيوانات الحالية المعتدلة الحجم .
والأرض وفقاً للمسيرة الكونية معرضة بعد بضعة مئات من السنين لأن تمر من جانبها سحابة سوداء ضخمة من المادة الداكنة تملؤها بالغبار الكثيف لأسابيع عدة بحيث يتعرض الناس إلى ضيق بالتنفس أشبه بالإختناق من مفاعيل أطراف هذه السحابة إلا أنها لن تودي بها نحو الهلاك لأنها لن تدخل في وسطها أبداً ، ولكن وإن هلكت بعض المخلوقات فإن الأرض ستظل سليمة مائة بالمائة .
وبالعودة إلى خبر إنفجار "السوبرنوفاً" فإن هذا الحدث طبيعي ودائم الحدوث في الكون على فترات متفاوتة إنما بعيداً عن مجرتنا ، لأنه لايمكن أن يحدث إلا في الكون السحيق الذي لايزال في مرحلة التفاعل والنضوج والتوالد طالما أن الأرض لازالت في حالة التمدد الكوني . وهذا التوالد لايمكن أن يتم إلا بترافق مع هذه الإنفجارت المشار إليها إلا أنه ليس لها من تأثيرات سلية أو مميتة على الأرض.
ومن هنا فلابد من شرح آلية إنفجار "السوبرنوفا" للإطمئنان ، وبالتالي طرح السؤال المفترض ماهو " السوبرنوفا" ؟ أو هذا البعبع الدائم لوكالات الفضاء الغربية كناسا وأمثالها .
إن "سوبرنوفا" هو عبارة عن نجم ميت لايأخذ هذا الأسم إلا بعد تفاعله مع نجم أخر ولا يمكن أن نفهم كيفية تشكله إلا بعد فهم كيفية تشكل المجرات كالتالي:
تعدد أنواع المجرات فإننا سنحصر بحثنا في نوعين من أشكال المجرات المعروفة كمجرة درب اللبانة وأوندروميدا أو المجرات الحلزونية ، بحيث نزيل كل المفاهيم المغلوطة عن هذين الشكلين من حيث طريقة توالدهما وتطورهما . ولنأخذ مجرة درب اللبانة مثلاً ، فهي إحدى المجرات الضخمة الممتدة في الكون الفسيح وتضم المليارات من الكواكب والنجوم التي تنتمي إليها مجموعتنا الشمسية التي تضم الأرض التي نعيشها .

أما كيف تكونت تلك المجرة شبه المستطيلة المترامية الأطراف – في واقع الأمر أن كل المجرات حلزونية بما فيه مجرتنا ولكنني أتجاوز ذلك لاستطالتها وبطء حركتها حيث أن ذراعها يدور مرة واحدة كل ربع مليار سنة - ،فلا شك أنها تكونت نتيجة الإنفجار العظيم كما يسلم بذلك الجميع ؛ ولكن الكيفية التفصيلية لم يتم التحدث عنها بما يجب كما سأوردها الآن ؛ وهو أن كل كل المجرات المتواجدة في الكون حولنا لم تتوالد أو تأخذ شكلها الحالي من تجمع الحجارالهائمة في الفضاء ومن النجوم والكواكب المتفجرة عند طرفي الكون بطريقة آلية فورية كما يعتقد البعض ، بل إن الأمر أكثر تعقيداُ من هذا التصور الخاطىء ، مع تعدد مراحله . فهذا المفهوم أضحى ساذجاً ، مع تطور الوسائل والإكتشافات العلمية المتطورة ، وغير مقبولاً لأنه لايتطابق مع الواقع ومفهوم التوسع الكوني وآلياته .
فولادة المجرات تحدث نتيجة عملية كونية معقدة مرحلية متعاقبة ، تلعب دورا ًمهماً في الحفاظ على الكون واستمراره وتجدده ، تماماً كما تلعب الدورة الغذائية على الأرض ، مع تعدد مراحلها وعلاقتها بين النبات والإنسان والحيوان في المحافظة على تجدد الدورة الحياتية فيها.
فالمجرات الهائلة كمجرتنا لايمكن أن تولد وتتكون إلا من خلال المادة الداكنة السوداء، وهذه الطريقة في الولادة لابديل لها ؛ فهي تتم بتفاعل بقايا ثقب أسود ملتهب مع سحابة مادة سوداء ضخمة . ولفهم ذلك فلابد من استعراض المراحل التي يمر بها الثقب الأسود ، ولادة ونهاية ، بإيجاز شديد .
إن الثقب الأسود يتخلق على حافتي الكون من تجمع الغبار والحجارة المتفلتة عن الإنفجار الكبير لينغلق على نفسه عندما تتوازن عناصره وكثافته وتتفاعل بشكل ملائم لتوالد الكواكب والنجوم الذي يستغرق بين اربعة وخمسة مليار عام ، إلى أن تنكشف الغبار السوداء المعتمة ، بعد تآكلها مع اكتمال تفاعله ، عن كواكب ونجوم وشموس وأقمار بهية رائعة . عندها سيتخلف عنه بقايا من الحجارة والغبار والغازات المبعثرة التي سرعان ما ستتجمع وتتحد بنشاط كبير لتندفع فوراً مبتعدة في الكون بأشكال جديدة متعددة متنوعة بحيث إن غلبت عليها عناصر الهيدروجين ، فإنها سرعان ماستتكتل حول نفسها بشكل دائري ، بفعل جاذبيتها الضعيفة التي ستشتد مع التفاعل الذري لغاز الهيدروجين وتحوله الى هليوم وتشكيله نواة واسعة لدائرة نارية ملتهبة بلون أزرق يدل على فتوتها وحداثة عمرها ، مستديرة كالدولاب المضىء، لتدورحول نفسها في الفضاء مع فراغ نسبي في جوفها ، لإنعدام نواتها من وسطها ، لزمن مؤقت مع ضعف ذراتها.
وهذا الشكل الغريب تأخذه في حال إن كانت الغازات والغبار التي تشكلت منها تزيد بضعفين على الأقل عن كميات الحجارة والصخور فيها ، أما إذا كانت كميات الحجارة والصخور تزيد عن كميات الغبار والغازات المختلفة داخلها ، فإنها ستتخذ فوراً شكل مجرة لولبية صغيرة . وشكلها اللولبي هذا ،المفلطح أو المسطح عند القطبين ، سيأتى من امتلاكها نواة ضخمة من الهليوم وبالتالي حصولها على قوة جاذبية إيجابية سلبية مضادة ، متناسبة وحجمها، تبدأ بالدوران بعنف شديد حول نفسها لتعمل فوراً على اجتذاب الحجارة الكثيفة التي حولها بشكل مباشر .
أما الحجارة والغبار البعيدة المتبقية عن الثقب الأسود ، فإنه مع ضعف ذراتها وخفتها وتدني كثافتها واختلاف بعدها ومسافاتها ، فإنها بانجذابها اليها وفق دوران نواة المجرة الجديدة ، ستضفي عليها هذا الشكل الحلزوني الرائع الجميل الواضح الخلاب لصغر حجمها ، لفترة لن تتعدى سوى بضعة مئات الملايين من السنين لتأخذ فيما بعد شكل المجرة العادية مع توسعها. وهكذا فإن الثقب الأسود عند نهاية عمره فإنه ، بما يخلفه ، يعود ليحيا بآليتين لاثالث لهما :
أولهما ، المجرة الحلزونية الصغيرة التي ستساهم في تجدد الكون وتوالده كالأم بما تنجب من أطفال .
وثانيهما ، هو المجرة ذات الشكل الدائري الملتهب الأزرق كما أسلفنا ، التى إن لم تٌواجه بجاذبية مضادة كافية حولها من النجوم والكواكب الأخرى تحجزها في مكانها ، فإنها ستتابع طريقها الى أن تلتقي بمادة سوداء ضخمة هائمة في الفضاء سرعان ما تنساب داخلها حيث ستتفاعل معها وتغير من طبيعتها من حال الى حال . إذ ما إن تصل الى وسطها حتى تشكل نواة ملتهبة عنيفة داخل المادة التي ستراوح مكانها ، لتأخذ أطرافها بالتخفف تدريجاً من كثافتها نظراً لأن نواتها المتقدة المستحدثة ستعمد حكماً ما أمكنها الى جذب الذرات المتباعدة ذات الألكترونات الأكثر عدداً وبالتالي الأكثر نشاطاً .
وقد تستكمل المادة السوداء بحالتها الجديدة سيرها قبل اكتمال عملية التفاعل فيها لتستحوذ على إحدى النجوم القزمة البيضاء المنكمشة على نفسها لخمود ذراتها ،فتحييها مجدداً بفضل نواتها النشطة الجديدة ، بتفاعل وضغط شديد لايحتمل لذراتها المتعطشة للحياة يؤدي الى اتقادها ومن ثم انفجارها وانتشارها في أرجاء المادة السوداء المتكونة من كافة عناصر الطبيعة المعروفة ،محدثة كرات وكتل نارية، ذات جاذبية سلبية إيجابية ، بالمليارات داخلها .
وعندها تتوقف المادة الداكنة السوداء عن السير وتثبت في موقعها لتصبح ثقباً أسوداً ضخماً سابحاً في الفضاء ، حيث تبدأ النجوم والكواكب والأقمار والشموس بالتشكل فيه مع اكتمال عناصرها وموادها التي تحتاجها لولادتها الى أن ينتهي بها الأمر، أي المادة السوداء ، لتصبح مجرة ضخمة كالتي نعرفها تزين السماء بالمصابيح الجميلة . وربما توالدت عنها ثقوب سوداء أخرى بما يتبقى منها من غازات وغبار وحجارة ،بعد اكتمال نضوجها ، لتبدأ دورة أخرى من تجدد الكون . وهكذا دواليك الى ماشاء الله مبدع الأكوان .
وهكذا نجد أن انفجار "سوبر نوفا" بعد فهمنا لآلية توالد الكواكب والنجوم هو عملية كونية دائمة منذ أن خلق الكون ولا خوف من تأثيرات سلبية له على الأرض .