لن ندخل في نقاش حول الفشل أو الانتصار الآن وسنترك الأمر للمستقبل ، مع أن مقارباتنا فيما يتعلق بمعنى هذه الكلمات وحقيقة ما نسعى إليه مختلفة.
سنحاول هنا أن نصوب بعض الادعاءات المغلوطة ونقدم الحقائق:
1- استقالة الجنرال مكريستال سببها أنه" قد شعر باليأس من تحقيق نصر في أفغانستان ، فعمل على طريقته على تحاشي العار التاريخي ". هذا الادعاء مضحك، ليس لأنه ساقط في أي تحليل جاد وحسب، بل لأن لا أساس له ومنقطع الصلات بالواقع، ونتاج مخيلة خصبة.. لقد استقال الجنرال بسبب ملاحظات مهينة تهز التسلسل القيادي وليس بسبب خلاف في الوتيرة أو السياسة المتبعة في الميدان العسكري.. لذلك اعتذر الجنرال عن العبارات غير اللائقة التي قيلت بحق بعض الشخصيات في الإدارة، وليس عن المقاربة المغايرة للإستراتيجية في أفغانستان. بل إنه أكد دعمه لها : " أنا أؤيد بقوة إستراتيجية الرئيس في أفغانستان وملتزم بعمق بقوات التحالف، وبشركائنا الدوليين وبالشعب الأفغاني. وقد قدمت استقالتي بدافع من هذا الاحترام- والرغبة بنجاح المهمة." أما أن يبادر عمدا ويضع حدا لمهنته الناجحة جدا بملء إرادته لتفادى الفشل ، كما تدعي الكاتبة ، فهذا ليس من شيم جنرال في الجيش الأمريكي, كما أن استقالته لم تكن مشرفة جدا إذا كان بالفعل هذا ما سعى إليه. وعندما قال أن العمليات تجري بوتيرة أبطأ من المتوقع، لم يعن الفشل . بالمناسبة أود حقيقة أن أجد القاموس الذي نجد فيه كلمتي بطء وفشل مترادفتين.
2-أيضا بالنسبة لتصريحات السناتور ماكين، توصلت الكاتبة إلى خلاصة لا علاقة لها بالتصريح نفسه: لقد كالسناتور ولا يزال ضد تحديد موعد للانسحاب ولم يقل إن العملية العسكرية فشلت. وكمشرفة على القسم لا بد وإنك تعرفين أن لدينا حزبين رئيسيين، وأن السياسة تقف وراء العديد من التهجمات إن في الكونغرس أو في مجلس الشيوخ، ولكن الحزبين يدعمان المهمة في أفغانستان.
3-ذكرت الكاتبة تصريح السيد هولبروك عن أن بعض التسويات السياسية ستكون ضرورية، ودست جملة بعد أكثر من 8 سنوات من تدمير القرى وقتل المدنيين، وكأنها جزء من التصريح نفسه.
لقد رفعت طالبان العنف إلى مستويات غير مسبوقة في محاولات قتل جنودنا. وكانت النتيجة أن المهمة لم تكن سهلة وقتل العديد من المدنيين نتيجة لهذه المحاولات. لذلك فإن غالبية القتلى المدنيين لا تزال تسببها طالبان والأعداد استمرت بالارتفاع هذه السنة. وهذا بالضبط المنطق الذي اعتمده الجنرال مكريستال في ( قواعد الاشتباك) التي جعت قوات الإيساف إلى ممارسة أكبر قدر من الانضباط في الرد على النار. النتيجة الأساسية كانت بتقليص الخسائر المدنية إلى أدنى حد ممكن.
http://www.strategypage.com/dls/articles/Kill-The-Bastards-7-9-2010.asp التفاوض مع عناصر طالبان المستعدين للتخلي عن السلاح والانضمام للعملية السياسية كانت فكرة الرئيس كرزاي، ونحن وافقنا رغم تحفظاتنا. لا أحد يريد حربا لا نهاية لها، ونحن لا نسعى لاستئصال مقاتلي طالبان، بل نريد بلدا آمنا لا يشكل تهديدا للعالم. إذا ما استطعنا إدراك هذا الهدف ووضع حد للحرب ، سنفعل مثل أية دولة أو تحالف في حالة حرب مع أعداء. إنها النهاية الطبيعية لأي حرب ولا بد من التأكيد هنا أننا لن نفاوض لأننا نهزم.
4-ذكرت الكاتبة أيضا تقرير الأمم المتحدة عن الخسائر البشرية، ولكنها كانت انتقائية فحورت العبارات الصحيحة للتقرير. وتبعا لهذا التقرير غالبية القتلى المدنيين -661-سببها مقاتلي طالبان، الذين " لم يظهروا أو احترام أو القليل منه تجاه سلامة وحماية غير المقاتلين في تمردهم ضد الحكومة والقوات الأجنبية الداعمة لها" . قال التقرير قتل مدنيين ولم يقل أتباع أو الموالين للحكومة، كما كتبت المشرفة ، كما لم يشر إلى فشل محاولات شراء المقاتلين.
ويتابع: إن السلاح الرئيسي لطالبان ، القنابل المنزلية التي تعرف بالعبوات الناسفة ، هي المسؤولة عن معظم القتل والأذى في صفوف المدنيين الأفغان في هذه الفترة. أما الهجمات الانتحارية الطالبانية فإنها المسبب الثاني لقتل المدنيين في النصف الأول من هذا العام : 127 ضحية.
وأضاف أن تقليص الضربات الجوية التي أمر بها الجنرال مكريستال تسببت في تقليل عدد القتلى المدنيين على يد القوات المتحالفة.
نأمل من المشرفة أن تكون أكثر موضوعية وأمانة في نقل المراجع.
5-الثروة المعدنية مرة جديدة. تدعي الكاتبة أننا في أفغانستان بسببها. رجاء قرروا: هل نحن هناك بسبب هذه الثروة أم بسبب أنابيب النفط؟
هناك حديث دائم عن إفلاسنا بسبب هذه الحرب، وكم نصرف يوميا هناك. إن قيمة هذه الثروة حسب التقديرات حوالي مليار $. الناتج الإجمالي المحلي لدينا هو 14256275مليون؛ الناتج الأفغاني 14044. وابتداء من تموز 2010 بلغ الدين العام 90% من الناتج المحلي السنوي( 13.182 مليار)
هل يستأهل هذا المبلغ خوض الحرب من أجله؟ من جهة أخرى سيستغرق استخراج هذه الثروة سنوات، ولا أحد يعلم من سينال العقود. أثبتت الادعاءات بأن أطماعنا بالنفط العراقي كانت وراء حربنا هناك أنها لا أساس لها من الصحة. العقود الرئيسية حصلت عليها شركات صينية وبريطانية وليس الأمريكية. أما أن نعرض جنودنا للمخاطر وأن ندفع الملايين يوميا من أجل وضع يدنا على هذه الثروة فهذا هراء.
6-تجارة الأفيون: أظهرت دراسات جادة مستقلة أن طالبان والمجموعات المتطرفة هي التي تستفيد من زراعة وتجارة الأفيون.
تذكر منظمة مكافحة المخدرات التابعة للأمم المتحدة" عاصفة نموذجية من المخدرات والجريمة والتمرد " تتجه نحو آسيا الوسطى عبر مجموعات مثل الحركة الإسلامية في أوزبكستان ، منظمة تحرير شرق تركستان وغيرها من المجموعات المتطرفة التي تجمعها صلة وثيقة بتجارة المخدرات.
إن الوشائج بين المخدرات والجريمة والإرهاب التي شهدناها في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان ، تبرز مظاهرها في آسيا الوسطى أيضا.