حرقة الصور





سلوا المهجة عن أزيزالصب الأليم .
وما خلف في المحيا من أخاديد الدمع الخانق .

واسألوا المقل المبللة كل حين .
من أي عيون تمتح زادها المدرار الحانق .

تعيش مع الذكرى مرارتها .
ومع استرجاع الصور الناطقة حرقتها .
ومع تخيل الأصوات والحركات لهفتها .

ينتقل المعنى من الآن إلى ما مضى .
يندس بين ثنايا ذاكرته .
يلف رأسه بأردية ملونة يشوبها السواد .

سواد يدب حثيثا .
يسيح على جنبات الأردية .
يغالب غيره ليسود .
يحول النسيج إلى مآزر تفوح منها روائح الجنائز .

ربما ، لم يأبه مصمم الرداء بخطورة هذا اللون .
الطافح بطبعه .
القاسي بمعالمه .
الدال بقتامته على حلول كارثة أو اقتراب وقوعها.
ليته ...
استل خيوطه من كل نسيج .

إنه لا ترتاح العين لرؤيته .
بل تجد في تجاعيده ركنا يحجب شعاع الرؤية الواضحة .

يتصدى لطلقات مقل المستنجد .
يثير في نفس المعنى خلجات الصمت المطبق .

يراكم لديها الحنق .
يجعلها تتنفس بعسر .
تتكلم همسا بلا أثر .
تحاور خفية ذاكرة الجرح .

يتسلل من خلالها إلى أنين الهدوء المتعب .
يقرأ في تموجات الأثير صفحات بشاعة الحياة .
يستلقي وراء سرير الموج الهادر بأعماق نفسه .
يجدف طويلا على أديم بركة الليل البهيم .

التحم نهاره بليله .
انزوى الضوء ليستمر السواد ، ويعم كل أرجائه .

مع توالي الأحداث ...
انتشرت في أعماقه شرايين الرتابة المغذية للملل والسأم .

شب الوليد . شاب القرين . ساد السواد . عم الظلام المطبق .

طال أمد موعد الانبلاج . انتظر طويلا ، توقع عودة النهار . وتحقق من عجزفجره عن الإفصاح عن نفسه .

كما تيقن من ضرورة مؤازرة النور ، حتى يطفو ويسود وينتشر .

وإلا سيسترسل الظلام ليل نهار .
ويبقى الحال كما هو الآن مدى الحياة .