الملف الثقافي للشهيد يحيى عياش
قصيدة وطن وأنشودة أمة
بقلم : سمير عطية
خاص بالمركز الفلسطيني للإعلام
أمام ذكرى الشهداء تتلعثم الأقلام ، وتسكت الكلمات، لكن تظل هناك قصائد المخلصين وأناشيد المحبين تصدح في فضاء الشهادة المطرز بالمجد والكبرياء .
أمام ذكرى الشهداء تغتسل القصائد من كل ما يعلق بها من أهواء وزيف ، وتتوضأ الأناشيد لتقف خاشعة في محراب الأقصى الحبيب ، تبحث على درجات المنبر عن تلاميذ صلاح الدين يسيرون على خطاه ، تتعلق العيون بكل طارق لباب الجنة بالدماء ، وحين يكون الطارق هو يحيى نقف في ذكراه صامتين متكلمين !! باسمين باكين !! ننقش من جديد حكاية الحكايات وأنشودة الأناشيد لنعيدها في الأذهان والقلوب والضمائر كأجمل ما يكون وأغلى ما نستطيع.
الشهيد يحيى عياش رحمه الله ، ترك بعده سيرة جهادية عظيمة تسابقت الأقلام والألسن على حفظ معانيها ، ولما كان للأدب والفن والتوثيق أدوارها المتميزة في ذلك ، حرصنا أن نحيي ذكرى يحيى بطريقتنا الخاصة ورؤيتنا لها ، كيف لا ونحن نضع أمام القارئ الكريم ملفا متواضعا لكنه متميز في مضمونه وحسبنا أننا في هذه الوقفات نقدم للقراء الكرام إضاءات عن أهم عملين إنشاديين قدما عن الشهيد وهما ( عياش والوطن ) و( صقر الكتائب ) ، ثم نعرض لكتابين متميزين عن القائد عياش أولهما كتاب ( المهندس ) لمؤلفه الأستاذ غسان دوعر، والثاني لكتاب ( فضائل الشهيد يحيى عياش ) للأستاذ مخلص برزق .وبعد ذلك نتوقف عند مقتطفات مختارة من بستان الأدب العياشي بنثره وشعره .
وهنا لا بد أن أصارح القارئ الكريم بأنني قد وقفت عند عدد من الأعمال الفنية التي تكلمت عن الشهيد وهي :شريط ( المهندس ، يحيى عياش ) للمنشد أبو دجانة ، وشريط ( النمر الأسود ، يحيى عياش ) وشريط ( لن ننساك ، يحيى عياش ) .أما في مجال الفيديو فكان هناك شريط وثائقي عن الشهيد أثناء المطاردة ، وعمل درامي بعنوان ( صقر فلسطين ) بثته قناة المنار الفضائية ولكن لضيق الوقت لم يكن هناك متسع لتتبعها بتفصيل أكبر ، على وعد مع القارئ الكريم أن نواصل الحديث عن الأعمال الفنية والأدبية والتوثيقية التي جعلت من العياش يحيى عنوانا لأعمالها المتميزة .
ويسرنا في بداية هذا الملف أن نتوقف عند عمل متميز ، أدهش الكثير من المتابعين بقالبه المثير ومعلوماته الثرية والأسلوب الأدبي الشيق الذي قدم من خلاله نسأل بعض من شاركوا بصنعه وأشرفوا عليه كلمة بعد أخرى ولحنا إثر لحن هز شريط " عياش والوطن " .
---------------------------------------------------------------------
{بطاقة تهنئة بعرس الشهادة}
إلى الشهيد البطل/ محمود أبو هنود (أسد عيبال)
والقائد العسكري لكتائب الشهيد "عز الدين القسّام"
وإلى رفاقه الشهداء الميامين "أيمن ومأمون رشيد حشايكة" رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيج جناته.
الشاعر العربيّ لبيدُ بن ربيعة الكنعاني
يوم الجمعة 15 رمضان 1422هـ
30 تشرين ثاني (نوفمبر) 2001م
1
"يا صيدُ" حزناً ودّعي "محمـودا"
فوق الأكـفِ وعاهدي "هنّودا"
2
سقط الغضنفرُ في حماك مخضّـباً
كالنســـر طاح وهامه ممدودا
3
"يا صيدُ" للحدث العظيم تزلزت
عزفتْ بلحن النّـــائبات نشيدا
4
"يا صيدُ" أفقدها المصاب صوابها
وتصــــدّعت وديانها ترديدا
5
وتفجّر البركانُ للغضـب الذي
غَمَرَ البلاد هــــواتفاً وبريدا
6
عذراً"عصيرةُ" فالفــقيدُ مبجّل
"لكتــائب القسّام" كان عميدا
7
هذا التبادل للشــهادة مـاثلٌ
فلديـك "أمجدُ" من بني "مسعودا"
8
"محمودُ" مذ طلب الشهادة راضياً
طفـــق اليهود بإثره مقصودا
9
بطل المسيرة راح يجــهرُ مؤذناً
سننُ الجهــاد لكي يؤول شهيدا
10
"محمودُ" ركنٌ في انتفاضـتنا التي
قلبت كـــيان الغاصبين جليدا
11
رفعت له كل الفــصائل رايةً
طول البلاد وعـــرضها تمجيداً
12
حسدوا "لمحمودَ" الإمـارةَ قادها
عبثاً تروقُ لمن يعيــشُ حسودا
13
تبّت فعالُ الخـــائنين لدينهم
وتجاوزوا حُمرَ الخـطوطِ حدودا
14
ماذا جنى الســفهاءُ غير نذالة
نفخوا الجيوبَ وفي الحساب رصيدا
15
فُضحَ العميلُ وإن توارى خِـسَّةً
بالخـــزي ضلّ إلى الخفاء بليدا
16
يا"أمُ محمودَ" الصــبورةَ ثابري
رُشّي الحبيـب مع العطور ورودا
17
وتقبّلي ســيل التهاني واهنأي
حضرَ العـريسُ فأطلقي الزّغرودا
18
أزفَ الرحيلُ إلى العـروسِ تزُفّهُ
والغــــارُ فوق جبينه يَبرودا
19
لا تألمي بالله يــومَ فـــراقهِ
ترك الدُّنــــا فمصيرنا محدودا
20
بُشـــراكِ دارُ الخالدين مقرُّهُ
جنّاتُ عدن بــاركت "محمودا"
21
فهناك حــور العين حين تهيأتْ
طرْفُ الحِســانِ بدا لهنّ سعيدا
22
في صــحبة الأبرارِ ينهلُ كوثراً
من حوضِ "أحمدَ" بل ينالُ مزيدا
23
يا خــالتي "محمودُ" ليس كمثله
كالليثِ رغـــم يَفَاعَه جُلمودا
24
أغدقتِ من لبنِ الســباعِ بجوفهِ
أرضعت شبــلك منذ حلّ وليدا
25
"محمودُ" في عمرِ الزهــور تألقاً
يمضي إلى حـــسن المقامِ مجيدا
26
لا ضير يا "محمودُ" أنـتَ إمامُنا
في جنّةِ الرضــوانِ فزت شهيدا
27
هيهات أن يُوفيكَ حـقّكَ شاعرٌ
مهما رثاكَ وإنْ يــكونُ "لبيدا"
28
"محمودُ" في رحـم القضيةِ ضَيغَمٌ
زرع الديارَ صلابةً وصـــمودا
29
ذاك الفتى الوسميُّ في أقرانـــهِ
يوم الوغى بفعاله مشــــهودا
30
أمُّ المعاركِ يوم كان حصــارُهُ
جمعوا لجُنحَ الظّلامِ حشـــودا
31
وتقاطرت تلك السّــرايا خَلسةً
بالمركبات المثقلات جـــنودا
32
فتحتْ عليه القــاذفاتُ لهيبها
باب الجحيمِ أُوارها ورُعـــودا
33
"محمودُ" كالـطوفانِ زمجرَ غاضباً
فكــــأنما مُلئَ العرينُ أُسُودا
34
وارتدَّ من خـلف الجدارِ مهاجماً
ضغط الزنـــاد وأشعل البارودا
35
رشقَ القنــــابل للعدوِ بخفَّةٍ
فتمزّقت إَرَبَ الكـــلابِ ثريدا
36
أردى ثلاثتهُمْ بأوّلِ زخـــةٍ
وتجنْدلتْ جِيفُ العُلُـوجِ حصيدا
37
أضحى اشتباكُ النار بين صفوفهم
باراكُ باتَ لســــانُهُ معقودا
38
فتسارع الإسعافُ يغسلُ عارهم
حملَ المشاةَ إلى الجــحيمِ طُرودا
39
جيشُ الدفاعِ إلى الوراء تقهقروا
ليطاردوا ممنْ أتــــوهُ طريدا
40
"محمودُ للقــسّامِ" خيرُ خليفةٍ
ورسمْتَ نهجاً للجهـــادِ أكيدا
41
وعقدتَ عزمـكَ لن تمُرَّ فلولهم
صدقُ المبادئَ أنْ تظـــل فريدا
42
وصنعتَ نصراً رغمَ كثرةِ جُندهم
هذا لعُمركَ في الســجل خلودا
43
وأدرتَ معركةِ الإبـــاءِ بعزةٍ
وتركتَ أجلافَ اليــهود قرودا
44
ينسابُ من عنتِ الحصارِ بجرحه
خرَقَ الكمينَ إلى "السُّريْجِ" وحيدا
45
زحف الأبيُّ إلى المديــنةِ عُنوةً
فتسابقتْ لجراحــــه تضميدا
46
بثقَ الإخاءُ من المُحافظ أفـرزت
وتوطّدت سُبُلُ النضــال جديدا
47
حقدوا عليه وطاردوهُ بقســوةٍ
كمْ أهرقُوا للمخـــبرين نقودا
48
قصفتْ له المِيراجُ في ثكناتــهِ
في السّجنِ كان دمـارُهُ منشُودا
49
في المرّتينِ نجا بقُدرة خالـــقٍ
بالشكر خرّ "لربِّـــه" توحيدا
50
ناجى "إله الكونِ" صلّى خاشـعاً
مُتبتلاً فضْلَ الدُّعاءِ ســـجودا
51
رصدُوا "لمحمودَ" المنافذَ تــارةً
من رُعبهم قد جرّدُوا الطُـوربيدا
52
يا لَيْتَهم قد واجهُواُ محاربـــاً
بلْ غِيلةً وسلاحَهُ مغمُــــودا
53
لكنْ وقدْ حُمَّ القضـاءُ على الفتى
وجَدَ السّبيل أمامَهُ مســـدودا
54
إنّ الذي جلبَ الجُــناةَ مُخادعٌ
بخيانةٍ باع الضميرَ حقــــودا
55
عصفتْ صواريخُ الأباتشي رَكبَهُ
بالطـــائرات وفجّروا العُنقُودا
56
فتفحّمَ الباصُ الصّغــيرُ ككُتْلة
صمّـاءَ في طرفِ السّياجِ حديدا
57
وتهالكَتْ منهُ القُوى مُـتأرجحاً
ثُمّ انــحنى صوبَ الجنُوب قعودا
58
وتدفقَ الرشاشُ ينْهكُ جــسمَهُ
فهوى الـنحيلُ على التُّراب قديدا
59
وتناثرتْ أشلاؤُهُ بفظاعــــةٍ
عجباً يـــصيرُ بلحظةٍ مفقودا
60
شرفُ الشهادةِ من ينالُ وِسَامها
ضَمِنَ النعيـــمَ لأهله وخُلودا
61
وردَ"الحشـايكةُ" النُّمُورُ حياضها
أرْواحُهُم نحو الــسّماء صعودا
62
وتعانق الأخــوانِ "أيمنُ" جاثياً
"مأمُونُ" طار من الزُّجـاجِ بعيدا
63
عبقتْ دماءُ الطُّهرِ طابَ رحيقُها
"هنُّود" صاهرَ في النّجيعَ "رشيدا"
64
عُمقُ التلاحُــمِ في الفِداء هديّةٌ
ولشعبنا بنضاله معـــــهودا
65
هذا هو القَــدرُ المنُوطُ بأرضنا
عبر الزمانِ وفي الرّباطِ شهــودا
66
لِوادعـه الآلاف حيث توافدت
فجع الفصــائل قد ذُهِلْنَ شُرُدوا
67
"عِيبَالُ" يُؤْلمُـــهُ ويحزنُ كونهُ
للسّجنِ سيقَ وفي اليدينِ قُــيودا
68
و"القُدسِ" تعشـقُهُ يصونُ عَفافَها
"هنُّودُ" هامَ بعِشقها مشْــدُودا
69
في "القُدسِ" معركةُ البقاء نخوُضُها
وبَها نعُودُ إلى اليـــقين وجُودا
70
يا أمّتي فيمَ التخـــاذُلُ والخنا
لم تُضْمِرِينَ الشَّجْــبَ والتنديدا
71
هُبّي "حماسُ" فدّمـريِ لكِيَانهمْ
لا تعقدين مع الغـــُزاةِ عُهُودا
72
ضُمّي "الجهادَ وفتحَ" ولتتحالفوُا
ضدَّ اليهودِ كتائبـــاً وفُهُودا
73
شرَكٌ سلامُ الزّيــفِ لا تتوهمّوا
لبنيِ القُــــرُود تُوثّقُون عُقُودا
74
رُدّي بتفجيرِ القَــنابلَ واتركي
صِيغَ البَيَان ونــفّذي التهديدا
75
مُوفازُ لا يكفي وعـازَرَ بادري
صُبّيِ على خُبُــثِ القَرَاد أسيدا
76
شارونُ يسفُكُ للــدماء غزيرةً
عاثَ الفســـادَ بإِفكِهِ نمرودا
77
فَلْتقّتُلوهُ لعلَّ نزْفَ جـــرَاحنا
تَشفى إذا طمــسَ الهلاكُ يهودا
78
ولتحرقوا الحاخامَ يهدر حـُمقَهُ
لاوي البغيضُ وظـــِئْرَهُ عُوفيدا
79
"مــوسى" كليمَ اللهِ قبّحَ فعْلَهُمْ
مُذْ حرّقوا الألواحَ والــتُّلمُودا
80
منْ يقتُـــلُونَ الأنبياءَ تلطّخوا
بالمنكرَات يصُوغُها دافــــيدا
81
غدرُوا "اليَسُوع" بفتنةٍ أَوْدتْ بهِ
"يحيى" الذبيحُ وخـالفُوا "داوودا"
82
وتآمروا حــين اصطفاه بمُلكهِ
"طالوتُ" ضاق بخـَصْمِهِ جالُودا
83
قسماً بأمْرِ الله ســوفَ نُبيدهُمْ
ونساؤُهُم بين الحـــُقُول عبيدا
84
عُملاءُ "إسرائيلَ" فليــتجرّعُوا
سُمَّ الزُّعافِ ويلعقـــونَ مُبيدا
85
يا "آلَ هنُّودَ" الكِــرام عَزاءنا
بالدّمِ ننظُمِ للشهيد قـــصيدا
-------------------------------------------------------------------------