السلام عليكم
أولاً
للتوضيح أنا أختكم وليس أخاكم
ثانياً
حقيقة دخلنا في نقاش مهم جداً ويتطلب منا الدقة والحذر وعدم الانسياق لما نراه في النت وتصديقه مباشرة دون دراسة وتمحيص
لأن ليس كل ما يكتب في النت صالح
وأنا برأيي لا يصح أن يكون مرجعاً فقهياً وخاصة في الأمور الدقيقة المختلف بها
أحضرت لكم فتاوى العلماء الذين أجازوا وآخرين الذين منعوا :
المانعون من قراءة الحائض للقرآن الكريم يرى جمهور العلماء سلفاً وخلفاً عدم جواز قراءة الحائض للقرآن الكريم وفيما يلي استعرض بعضاً من أقوالهم : 1- يقول الكاساني : وأما حكم الحيض والنفاس فمنع جواز الصلاة والصوم وقراءة القرآن ومس المصحف إلا بغلاف ودخول المسجد والطواف بالبيت[1]. فالحنفية يحرمون على الحائض قراءة القرآن ومسه. أما الآية وما دون الآية فيرون عدم جواز ذلك إن قصد قراءة القرآن أما إن كان الهدف منها الذكر فلا مانع من ذلك يقول الشيخ نظام في الفتاوى الهندية: ( الأحكام التي يشترك فيها الحيض والنفاس ثمانية : ومنها حرمة قراءة القرآن ، لا تقرأ الحائض والنفساء والجنب شيئاً من القرآن والآية وما دونها سواء في التحريم على الأصح إلا أن لا يقصد بما دون الآية القراءة، مثل أن يقول: الحمد لله – يريد الشكر ، أو بسم الله عند الأكل ، أو غيره فإنه لا بأس به هكذا في الجوهرة النيرة، ولا تحرم قراءة آية قصيرة تجري على اللسان عند الكلام كقوله تعالى

ثم نظر أولم يولد – هكذا نظر، في الخلاصة)[2]. أما إذا حاضت المعلمة فينبغي لها أن تعلم الصبيان كلمة كلمة وتقطع بين الكلمتين، ولا يكره لها التهجي بالقرآن ، كذا في المحيط [3]. مما سبق يتبين لنا تحريم أئمة الفقه الحنفي قراءة القرآن للحائض إلا إذا كانت على سبيل الذكر والدعاء دون قصد قراءة القرآن ، كما وأنهم أجازوا لمعلمة القرآن التهجي في تعليم الطلاب كلمة كلمة . كما وأنهم حرموا عليها أن تمس القرآن إلا بغلافه المنفصل عنه لا المتصل به. 2- أما علماء الشافعية فيرون تحريم قراءة القرآن للمرأة الحائض وفيمايلي استعرض بعضاً من أقوالهم : يقول الإمام النووي رحمه الله: ( إنه يحرم على الجنب والحائض والنفساء قراءة شيء من القرآن وإن قل حتى بعض آية ولو كان يكرر في كتاب فقه أو غيره فيه احتجاج بآية حرم عليه قراءتها ذكره القاضي حسين في الفتاوي ، لأنه يقصد القرآن للاحتجاج. قال أصحابنا : ولو قال الإنسان خذ الكتاب بقوة ولم يقصد به القرآن جاز وكذا ما يشبهه. ويجوز للجنب والحائض والنفساء في معناه أن تقول عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون إذا لم يقصد القرآن. قال أصحابنا الخراسانيون: ويجوز عند ركوب الدابة أن يقول (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين)[4] لا يقصد القرآن ، وممن صرح به الفوراني والبغوي والرافعي وآخرون ، وأشار العراقيون إلى معناه ، والمختار الصحيح الأول . قال القاضي حسين وغيره : ويجوز أن يقول في الدعاء : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)[5]. قال إمام الحرمين ووالده الشيخ أبو محمد والغزالي في البسيط : إذا قال الجنب باسم الله والحمد لله فإن قصد القرآن عصا ، وإن قصد الذكر لم يعص ، وإن لم يقصد واحداً منهما لم يعص أيضاً ، لأن القصد مرعي في هذه الأبواب"[6]. ويقول الشربيني : "ويحرم به –أي الحيض- ما حرم بالجنابة. ثم يقول (والقرآن –أي- يحرم بالجنابة القرآن باللفظ وبالإشارة من الأخرس لحديث الترمذي : ( لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن) [7]. والحائض والنفساء في ذلك كالجنب ، ولمن به حدث أكبر إجراء القرآن على قلبه ونظر في المصحف وقراءة ما نسخت تلاوته ، وتحريك لسانه وهمسه بحيث لا يسمع نفسه لأنها ليست بقراءة قرآن)[8]. مما سبق يتبين لنا أن الشافعية يرون حرمة قراءة القرآن للحائض. 3- الحنابلة : ويرى الحنابلة عدم جواز قراءة القرآن للحائض وفيما يلي أستعرض بعضاً من أقوالهم : يقول البهوتي : ( ويمنع الحيض خمسة عشر شيئاً منها : قراءة القرآن لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن[9] والرابع مس المصحف)[10] ، ويقول ابن قدامه : ( ولا يقرأ القرآن جنب ولا حائض ولا نفساء ، ورويت الكراهة لذلك عن عمر ، وعلي ، والحسن ، والحنفي ، والزهري ، وقتادة ، والشافعي وأصحاب الرأي . قال الأوزاعي : لا يقرأ إلا آية الركوب والنزول : ( سبحان الذي سخر لنا هذا)[11] ، ( وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً)[12]. ويحرم عليهم قراءة آية فأمّا بعض آية فإن كان مما لا يتميز به القرآن عن غيره كالتسمية ، والحمد لله ، وسائر الذكر ، فإن لم يقصد به القرآن فلا بأس به ، فإنه لا خلاف في أن لهم ذكر الله تعالى ، ويحتاجون إلى التسمية عند اغتسالهم ، ولا يمكنهم التحرز من هذا ، وإن قصدوا به القراءة ، أو كان ما قرءوه شيئاً يتميز به القرآن عن غيره من الكلام ففيه روايتان : أحداهما لا يجوز ، وروي عن علي رضي الله عنه عن الجنب يقرأ القرآن؟ فقال لا ولا حرفاً . وهذا مذهب الشافعي لعموم الخبر في النهي ولأنه قرآن فمنع من قراءته كالآية. والثانية : لا يمنع منه ، وهو قول أبي حنيفة ، لأنه لا يحصل به الإعجاز ولا يجزيء في الخطية ، ويجوز إذا لم يقصد به القرآن وكذلك إذا قصد[13]. ويقول المرداوي عن الحيض : ( ويمنع عشرة أشياء منها : وقراءة القرآن ، تمنع الحائض من قراءة القرآن مطلقاً على الصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ، وقيل : لا تمنع منه ، وحكي رواية قال في الرعاية: وهو بعيد الأثر. واختاره الشيخ تقي الدين ، ومنع من قراءة الجنب. وقال: إن ظنت نسيانه وجبت القراءة ، وأختاره أيضاً الفائق . ونقل الشالنجي : كراهة القراءة لها وللجنب وعنه لا يقرآن وهي الأشد)[14]. مما سبق يتبين لنا أن الصحيح من مذهب الحنابلة منع قراءة القرآن للحائض وعليه جماهير الأصحاب. 4- ويرى بعض المالكية حرمة قراءة القرآن للحائض منهم ابن جزيء حيث يقول : (يمنع الحيض والنفاس إثني عشر شيئاً : منها السبعة التي تمنعها الجنابة وهي الصلوات كلها وسجود التلاوة ، ومس المصحف ، ودخول المسجد ، والطواف والاعتكاف وقراءة القرآن ، وقيل: ويجوز لها القراءة عن ظهر قلب)[15]. فابن جزيء اعتبر الحيض مانعاً من موانع قراءة القرآن ، وعندما قال : وقيل يجوز …. فهي للتضعيف. ويقول أبو عمر القرطبي: ( لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن على اختلاف عن مالك وأصحابه ، في قراءة القرآن للحائض ، وأكثر العلماء على أن الحائض والجنب لا يقرؤون من القرآن ، ولو قرأت الحائض لصلت)[16]. وممن ذهب إلى تحريم قراءة القرآن للحائض من المحدثين الشيخ الصابوني، والدكتور وهبه الزحيلي ود. عبد المجيد الصلاحين[17] وغيرهم. المجيزون لقراءة القرآن للحائض 1) ذهب أكثر المالكية إلى جواز قراءة الحائض للقرآن عن ظهر قلب إذا خشيت على نفسها نسيانه، وحرموا عليها مس المصحف وفيما يلي استعرض بعضاً من أقوالهم: يقول الكشناوي: "ويمنع الحدث الأكبر ما يمنعه الأصغر ودخول المسجد وتلاوة القرآن إلا أن تخاف الحائض النسيان –يعني-قد أخبر أنَّ الحدث الأكبر يمنع ما منعه الحدث الأصغر، وزيادة منع الدخول في المسجد، وكذا منع الحدث الأكبر وقراءة القرآن إلا الآية ونحوها للتعوذ ونحوه، وإلا الحائض التي تخاف النسيان فيجوز لها أن تقرأ القرآن تلاوة". قال بهرام: والمشهور: أنها تقرأ القرآن في غير المصحف. وفي الخطاب: قال ابن عرفة: عياض: وقراءتها في المصحف دون مسها إياه كقراءة حفظها".[18] ويقول الدردير: " وحرمة به طلاق....ومس المصحف لا قراءة إلا بعد انقطاعه وقبل غسلها سواء كانت جنباً حال حيضها أم لا، فلا تقرأ بعد انقطاعه مطلقاً حتى تغتسل هذا هو المعتمد".[19] فالمالكية يرون جواز قراءة القرآن للحائض إن خشيت على نفسها النسيان وبشرط عدم مس المصحف. ويقول القاضي عبدالوهاب البغدادي: " وفي منعها قراءة القرآن خلاف فيه".[20] ويقول في الحاشية: " فقد روى ابن القاسم وابن عبدالحكم عن الإمام مالك جواز قراءتها وروى أشهب منعها".[21] ويقول القرافي: " الحيض والنفاس، قال في التلقين يمنعان أحد عشر حكماً: وجوب الصلاة...وفي القراءة روايتان". ثمّ يقول: " وأما جواز القراءة فلما يروى عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقرأ القرآن وهي حائض". وأما المنع فقياساً على الجنب. والفرق للأول من وجهيه: أن الجنابة حلت به وزمانها لا يطول بخلاف الحيض.[22] 2) ويرى ابن حزم جواز قراءة القرآن ومسه للحائض وفيما يلي أذكر قوله: يقول ابن حزم: " وقراءة القرآن والسجود فيه ومس المصحف وذكر الله تعالى جائز، كلّ ذلك بوضوء وبغير وضوء وللجنب والحائض برهان ذلك: أن قراءة القرآن والسجود فيه ومس المصحف وذكر الله تعالى أفعال خير مندوب إليها، مأجور فاعلها، فمن أدعى المنع فيها في بعض الأحوال كلف أن يأتي بالبرهان".[23] 3) ويرى الإمام البخاري والطبري وابن المنذر وداوود الظاهري جواز قراءة الحائض للقرآن الكريم أخذاً من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه كان يذكر الله على كلّ أحيانه".[24] يقول ابن حجر معلقاً على حديث النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: فإنَّ ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم فافعلي ما يفعل الحاج غير ان لا تطوفي بالبيت حتى تطهري".[25] قيل: مقصود البخاري بما ذكر في هذا الباب من الأحاديث والآثار أنَّ الحيض وما في معناه من الجنابة لا ينافي جميع العبادات، بل صحت معه عبادات بدنية من أذكار وغيرها، فمناسك الحج من جملة ما لا ينافها إلا الطواف فقط. وفي كون هذا مراده نظر، لأن كون مناسك الحج كذلك حاصل بالنص فلا يحتاج إلى الاستدلال عليه، والأحسن ما قاله ابن رشد تبعاً لابن بطال وغيره: إنَّ مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة رضي الله عنها، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة، وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك، فكذلك الجنب لأنها أغلظ من حدثه، ومنع القراءة إن كان لكونه ذكراً لله فلا فرق بينه وبين ما ذكر، وإن كان تعبداً فيحتاج إلى دليل خاص، ولم يصح عند المصنف شيء من الأحاديث الواردة في ذلك.[26] 4) ويقول ابن تيمية: " بالنسبة لقراءة القرآن إن لم تخف النسيان فلا تقرؤه وأما إذا خافت النسيان فإنها تقرؤه في أحد قولي العلماء".[27] 5) ويقول ابن عثيمين حول سؤال: هل يجوز للحائض أن تقرأ القرآن"، فأجاب: يجوز للحائض أن تقرأ القرآن للحاجة مثل أن تكون معلمة فتقرأ القرآن للتعليم، أو تكون طالبة فتقرأ القرآن للتعلم، أو تكون تعلم أولادها الصغار أو الكبار فترد وتقرأ الآية مثلهم، المهم إذا دعت الحاجة إلى قراءة القرآن للمرأة الحائض فإنه يجوز ولا حرج عليها، وكذلك لو كانت تخشى أن تنساه فصارت تقرؤه تذكراً. فإنه لا حرج عليها ولو كانت حائضاً. والذي ينبغي أن يقال هو: أنه إذا احتاجت إلى قراءة القرآن لتعليمه أو تعلمه أو خوف نسيانه فإنه لا حرج عليها".[28] وهذا هو رأي الشيخ ابن باز.[29] مما سبق يتبين لنا أن الفريق الذي أجاز قراءة القرآن للحائض دون أن تمسه عدا ابن حزم شرط أن تخاف النسيان إن لم تقرأه، أو أن تكون معلمة أو متعلمة.
أدلة المانعين استدل المانعون لقراءة الحائض للقرآن الكريم بأدلة كثيرة منها: 1) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن".[30]. وهو حديث حسن بشواهده: قال الترمذي: وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم مثل سفيان الثوري وابن المبارك،والشافعي، واحمد وإسحاق. قالوا : لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك، ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل.[31] 2) وروى ابن ابي شيبة عن أبي وائل رضي الله عنه قال: " لا يقرأ الجنب ولا الحائض القرآن".[32] واسناده صحيح. ثم يقول: فمجموع هذه الشواهد قال كثير من أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم لا يجوز للجنب ولا للحائض قراءة القرآن وبه قال سفيان وابو حنيفة وابن المبارك والشافعي واحمد وإسحاق وهو الصواب للأحاديث المتقدمة التي بمجموعها تتقوى. 3) وعن عامر رضي الله عنه قال: " الجنب والحائض لا يقرآن القرآن". 4) وعن ا براهيم قال: " كان عمر يكره أو ينهى أن يقرأ الجنب والحائض".[33] 5) عن ابراهيم قال: " أربعة لا يقرؤون القرآن: عند الخلاء، وفي الحمام والجنب والحائض إلا الآية ونحوها للجنب والحائض".[34] 6) وعن جابر رضي الله عنه قال: "لا يقرأ الحائض ولا الجنب ولا النفساء شيئاً من القرآن".[35] 7) عن أبي وائل قال: كان يقال: " لا يقرأ الجنب ولا الحائض ولا يقرأ في الحمام وحالات لا يذكر العبد فيهما الله. عند الخلاء، وعند الجماع إلا أنّ الرجل إذا أتى أهله فبدأ فسمى الله". وقد ردّ على هذه الأدلة ابن حزم حيث ضعفها جميعاً.[36] 8)عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: " أربع لا يحرمن على جنب ولا حائض : سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله ، والله أكبر " [37] 9)-وقال صلى الله عليه وسلام : " الحائض والجنب يذكران الله ويسميان " .[38] وجه الدلاله: هو إباحة ذكر الله تعالى والتسمية، ويفهم من ذلك عدم جواز قراءة القرآن للحائض والجنب وذلك لتخصيصه سبحان الله .....الخ. 10)عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلام يتكئ في حجري وانا حائض ، ثم يقرأ القران ".[39] يقول ابن دقيق العيد حول هذا الحديث : " في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن، لأن قراءتها لوكانت جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها حتى : احتيج إلى التنصيص عليها ".[40] ويقول د. الصلاحين حول هذا الحديث : " ومعلوم أن العرب لا يضعون أي قيد في الكلام إلا لفائدة فلماذا ذكرت عائشة الحيض في قولها : " وأنا حائض؟ " والذي يظهر من كلامها ومن ذكرها هذا القيد أن ثمة علاقة سلبية بين قرءاة القرآن والحيض فكان معنى كلامها : أنه لا بأس بقراءة القرآن عند الحائض ، ولا بأس أن تسمع الحائض القرآن ، ولا يجب أن تعتزل الحائض اعتزالاً كلياً، لكن يحرم عليها أن تقرأ القرآن " [41] ، ولان اليهود كانوا يعتزلون النساء أثناء الحيض فلا يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فعن أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلام فأنزل الله تعالى : " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض "[42] إلى آخر الآيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اصنعوا كل شئ الا النكاح، فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه ......".[43]
11) وعن سعيد بن جبير قال: الحائض لا تقرأ من القرآن شيئاً ولكن تذكر الله متى شاءت"[44] وجة الدلاله : منع الحائض من قراءة شيء من القرآن وإباحة الذكر وفي هذا الدليل على ؟أن قرأءة القران غير الذكر. 11) وقد روي منع قراءة الحائض للقرآن عن أشعث عن محمد وعن أبي العالية وعن عمر.[45] 12) ثم إن الحيض قد منع عبادات كثيرة في ذاتها فرائض ، بل وأركان في هذا الدين كالصلاة والصيام والطواف الذي هو ركن من أركان هذا الدين وهو الحج فإذا منع الحيض الفروض والأركان فلأن يمنع قراءة القرآن التي هي نافلة من باب أولى . ثم إن الأقوال التي في الصلاة ما هي الا التسبيح والتكبير والتشهد وقراءة القران ومعلوم أن الحائض تذكر هذه الأذكار من تسبيح وتكبير ونحوة ، فلم يبق متصوراً علّة لمنعها الصلاة الا قراءة القرآن ".[46] أدلة المجيزين استدل الفقهاء الذين أجازوا للحائض قراءة القرآن بأدلة من القرآن والسنة وفيما يلي أستعرضها : 1- العمومات الواردة في الأمر بقراءة القرآن والمرغبة فيه كقوله تعالى : " فاقروا ما تيسر منه"[47]وقوله صلى الله عليه وسلم : " اقروا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه".[48] وجه الدلالة: الأمر بقراءة القرآن من غير تمييز بين الحائض وغير الحائض بل الامر للجميع ويرد على هذا الدليل من وجهيين : أحدهما : أن المراد بها فصلوا ما تيسر من الصلاة فعبر عن الصلاة بالقرآن بما يتضمنهما منه . والثاني : أنه عام خص منه الجنب والحائض بدليل.[49] وفي الحديث دليل على استحباب قراءة القرآن في غير أوقات الحيض والجنابه بل الامر فيه للندب حنى يشفع له القرآن يوم القيامة . 2- قوله تعالى : " وان أحد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله " .[50] وجة الدلاله : هو الأمر للنبي صلى الله علية وسلم بإجارة الكافر حتى يسمع كلام الله وهو مشرك وقد يكون جنباً وقد تكون المرأة حائضاً. ويرد على ذلك أن الخطاب فيها لسماع القرآن لا لقراءة القرآن وكما هو معلوم فإن السماع مباح . 3- عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ".[51] وجه الدلاله : والقرآن الكريم من الذكر فما دام الذكر جائزاً فقراءة القرآن جائزة لأن القرآن هو أعظم الذكر . ويرد على ذلك بأنه محمول على الأذكار التي ليست قرآناً والحديث الآخر مخصوص .[52] 4- عن عائشة رضي الله عنها قالت : " خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج ، فلما جئنا سرف طمثت ، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ قلت : لوددت أني لم أحج العام . قال : لعلك نفست؟ قلت نعم . قال : فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري " [53] قالوا : والحاج يقرأ القرآن ، وقد أباح لها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تفعل ما يفعله الحاج ، ولم يستثن غير الطواف بالبيت فكانت قراءة القرآن داخلة في العمومات "[54] ويرد على ذلك : أن المراد من قوله " فافعلي ما يفعله الحاج " أي من أعمال الحج فيكون معنى الحديث أن قفي بعرفة وباتي في مزدلفة ومنى ، وارمي الجمار ولكن لا تطوفي بالبيت والا فالحاج يصلي ويصوم فهل يمكن أن يقال : أن للحائض أن تصلي وأن تصوم، لأن الصلاة والصيام ليسا مستثنيين من حديث عائشة.[55] 5- قال صلى الله عليه وسلم: " لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه في سبيل الله ، ورجل أتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل واطراف النهار ".[56]
وجه الدلاله : أن الله مدح الذي أوتي القرآن رجلا كانً أو امرأة والذي يتلوا القرآن أثناء الليل وأطراف النهار وقد يكون ذلك جنباً أو امرأة حائضاً. ويرد على ذلك بأنه خاص لمن كان على غير حيض أو جنابه . 6- واستدل الإمام مالك بأن الحائض إن لم تقرأ القرآن نسيت لتطاول الحيض ، وأنه قد ربما استوعب شطر زمانها وليس كذلك الجنب.[57]
وقد رد على ذلك الماوردي فقال : بأن هذا خطأ لورود النص بنهي الجنب والحائض ، ولأن حدث الحيض أغلظ من حدث الجنابة، لأنه يمنع من الصيام والوطء ولا يمنع منهما الجنابة فلما كان الجنب ممنوعاً فأولى أن تكون الحائض ممنوعة، ثم الدليل عليهما أن حرمة القرآن أعظم من حرمة المسجد فلما كان المسجد ممنوعاً من الحائض فأولى أن يكونا ممنوعين من القرآن.[58] الترجيح من خلال ما سبق يتبين لي أن رأي المانعين من قرأءة القرآن للحائض أقوى من أدلة القائلين بالجواز وذلك من خلال ما يلي : 1- حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يقرأ الجنب ولا الحائض القرآن ".[59] إن الإمام الترمذي قال عنه هو حديث حسن بشواهده.[60] كما صححه الشيخ احمد شاكر. الشيخ أحمد شاكر وهو من علماء الحديث، وصححه الشيخ شعيب الارناؤوط فاذا صح الحديث فلا اجتهاد مع النص . 2- ثم في حديث عائشة رضي الله عنها عندما قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ، ثم يقرأ القرآن "[61] ، دليل على عدم صحة قراءتها للقرآن وهي حائض . 3- والحيض قد يمنع المرأة من القيام بعبادات كثيرة في ذاتها فرائض بل وأركان في هذا الدين كالصلاة والصيام والطواف ، فإذا منع الحيض الفروض والأركان فلان يمنع قراءة القرآن التي هي نافلة من باب أولى . ثم إن الأقوال التي في الصلاة ماهي إلا التكبير والتسبيح والتشهد وقراءة القرآن ومعلوم أن الحائض تذكر هذه الأذكار والتسبيح والتكبير ونحوه ، فلم يبق مقصوراً علة لمنعها الصلاة إلا قراءة القرآن .[62] 4- ثم إن استدلالهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه".[63] فالذكرهنا محمول على الاذكار التي ليست قرآناً والحديث مخصوص .[64] 5- ويقول أبو عمر القرطبي المالكي :" ولو قرأت الحائض لصلت ".[65] 6- ثم إن الأصل عند المالكية منع الحائض من قراءة القرآن إلا أن تخاف النسيان فالاصل عندهم المنع، وخوف النسيان لا يعتبر حجة تصلح لإباحة أمر ممنوع.[66]
ثم أنهم يحرمون عليها قراءة القرآن بعد انقطاع الحيض وقبل الاغتسال فما الفرق بين ذلك.[67] 7- ويرد على ابن حزم الذي ضعف الأحاديث الواردة في منع الحائض من قراءة القرآن بأن كثيراً من العلماء صححها هذا من ناحية ومن ناحيةً أخرى فيرد عليه بالقول، لماذا منعت المرأة من الصلاة وهي من أفعال الخير وكذلك الصيام . 8- ثم إن كل الذين أباحوا قراءة القرآن للحائض قيدوها بالحاجة وخوف النسيان ويرد عليهم بان استخدام الحاسوب والمسجل والمذياع ، والامرار على القلب يحل هذه المشكلة . 9- ثم إن المعلمة أو الطالبة كذلك يمكنها الاستعانه بالوسائل العلمية الحديثة كالحاسوب والمسجل وجهاز تالي ليزر وغيرها، فالجهاز يقرأ والطالبات يرددن خلف الجهاز . 10- ثم إن جميع الذين أباحوا للمرأة الحائض قراءة القرآن حرموا على الجنب ذلك باستثناء ابن حزم فكلاهما حدث أكبر . 11- ويقول ابن حزم في الرد على من فرق بين الحيض والجنابه بقوله : " وكذلك تفريقهم بين الحائض والجنب بأن أمد الحائض يطول ،فهو محال ، لأنه إن كانت قراءتها للقرآن حرماً فلا يبيحه لها طول أحدها، وإن كان ذلك لها حلالاً فلا معنى للاحتجاج لطول أمدها.[68] 12- ويقول ابن دقيق العيد حول حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ القرآن في حجر عائشة وهي حائض : في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن ، لأن قراءتها لو كانت جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها حتى احتيج للتنصيص عليها".[69] 13- ثم إن المالكية قد حرموا على الجنب رجلاًً كان أو إمرأة قراءة القرآن وحدث الحيض اغلظ من الجنابه لأنه يمنع من الصيام والوطء ولا يمنع منهما الجنابه فلما كان الجنب ممنوعاً فأولى أن تكون الحائض ممنوعة، ثم الدليل عليهما أن حرمة القرآن اعظم من حرمة المسجد فلما كان المسجد ممنوعاً من الحائض فأولى ان يكونا ممنوعين من القرآن ".[70] ويقول ابن قدامه واذا ثبت هذا في الجنب – أي حرمة قراءة القرآن – ففي الحائض أولى لأن حدثها آكد ، ولذلك حرم الوطء ، ومنع الصيام ، واسقط الصلاة وساواها في سائر أحكامها"[71]، ثم إن الذين ذهبوا إلى تحريم قراءة الحائض للقرآن قاسوها على الجنب بجامع عدم الطهارة في كل منها فالحائض تأخذ حكم الجنب فيما يحل لها ويحرم من عبادات.[72] ثم إن ابن حزم حينما قال بأن قراءة القرآن والسجود فيه ولمس المصحف وذكر الله تعالى أفعال خير مندوب إليها ماجور فاعلها فمن أدعى المنع منها في بعض الاحوال كلف أن يأتي بالبرهان ، فيرد علية لماذا منعت الحائض من الصلاة والصيام والطواف ودخول المسجد لحضور جلسات العلم وهي أفعال خير مندوب إليها مأجور فاعلها وهو يقول بمنعها للحائض؟