هـ ـل كنت هناك حقاً ؟
أين هو الــ"هناك"؟
أين الــ"هنا" أصلاً؟!
بل أين أنا ..بل من أنا !
***
في زمان الأولين .. كان العالم عالمين , عالم أنس وعالم جان .. عالم "إبن لوذان" وعالم "شمشون الجبار و هرقل" –هذا إذا استثنينا تخاريف الإغريق- .. هكذا هم كانوا بسيطين ! .
فـي هذا الزمان خرجت علينا من اللامعروف عوالم كثيرة : عالم الماتركس ! , عالم دريد!! , عالم البوكيمون !!!! .. بالإضافة إلى عالمي الجن والإنس وغيرهما ... لكن لو تعمق أحدنا في طرف الغموض , وقعر المجهول , لوجدنا عالماً آخر غامض يدعى "العالم السفلي" .
الـعالم السفلي ...... عالمٌ ستذهب تصوراتكم وخيالاتكم بسرعة جنونية نحو حانٍة في (بودابست) يتعاطى الكوكايين في ركن منها مجموعة من حثالة الآريين .. لا لا .. العالم السفلي ليس هذا بتاتاً ؛ بل هو عالم غريب جداً , ويمكنكم أن تقولوا عنه "عالمٌ سافلٌ" ! .
رغم كل هذا لا يزال إثبات وجوده صعباً , وللإثبات .. أرسلتني إليه مخيلتي في مهمة صحفية , فكانت البداية :
Part I
عـند البوابة .. بوابة العالم قُذفت , ألتفت يمنة ويسرة أرى و أتمحص , أحاول ترتيب أفكاري ولملمة حواسي الشعورية والتأكد من عملها ... أشم روائح زيوت السيارات وعطور الآسيويين الرخيصة ! .
الــرماد من تحتي والدخان من فوقي , وبين البينين تجمعت الغرائب !!
أمــامي وادٍ كبير , عملاق بوجه الدقة وكأنه وادٍ من وديان كوكب المشتري , مليء بمستعمرات وخيام بائسة , تحركات لأناس فيه في مشهد يشبه بيت النحل .
نــزلت فيه , نزلت هناك .. نزلت داخل وادٍ تتطاير عبر أثيره الأشباح وأطياف الأرواح الطيبة التي تبعث شيئاً جميلاً في قلوبٍ صدئة .. جبال القاذورات قد ملأت المكان والعديد منها في كل مكان .. بقايا حيوانات تفسد رائحتها حاسة الشم .. أسلحة صدئة حمراء مسكينة .. أوراق متناثرة مليئة بالمعلومات .. و أطنان من مجلات ميكي, لماذا ميكي بالذات ؟ لا أدري ! .
أوه .. يا لها من مقبرة عظيمة !
وســط كل هذا وفوق كل هذا الرماد وتحت كل هذه الأدخنة .. أناس يشبهون إنسان العصر الحجري ؛ شعرهم يشبه المكنسة وأعينهم جاحظة ترى أمامها فقط بلا أي التفات , وحزن يتكلم في أوجههم الشاحبة والمليئة بالكآبة التي لا توجد بها أية تعابير .. مجرد الإبهام .... الألوان اختفت من أوجههم .. لا يوجد سوى الرمادي , والمزيد من الرمادي ! .
مـــشيت بخطوات حذرة , لم يلتفت نحوي كائن منهم.. في الواقع .. لم يتجاوبوا مع تحركي , هم لا يرونني ! .
هـــنا تساءلت : لماذا لا يرونني ؟ , هل يتجاهلونني ؟ . . هل لأني هنا روحٌ فقط ؟! أم أني هنا جسد وهم أرواح !! .
تــيقنت أخيراً بعد عضي لإصبعي أنني جسد وهم أرواحٌ يقتصر نظرهم على "الــلا جسديين !" , نقطة تسجل لصالحي على أية حال ! .
رأيــت –هناك في مكان معزول نسبياً- رجلين سمينين ذوي كروش عظيمة وأوجه وردية مليئة بالبثور .. هذا غير اللعاب الذي يخرج من أفواههم ! .
قـــام أحدهم بملاحقة فراشة حمراء وضربها بيده ضربة مدمرة فدمّرها وضحك الآخر . .
فــي الطرف .. طرف المزبلة .. وقف أشخاص يلبسون لباس المهرجين و بهاريجهم المعتادة ؛ احدهم من غير المهرجين ينـزف والباقين يضحكون عليه .. وتتزايد ضحكاتهم مع تزايد إلتوائات الضحية , قاومت الضحية لبرهة , ثم أنقلب الحال من ألم إلى فرح !! , وزرعت البسمة الخبيثة على الشفة .
قــام الضحية بالضحك بعد عملية جراحية سريعة من أحد هؤلاء المهرجين .. وبالتحديد من الضخم القبيح , الذي أبدل قلبه بقلب آخر , وسرعان ما تحوّل إلى مهرج مثلهم !! .
تـــحت شجرة جرداء من أوراقها كلبان يأكلان من إناء مليء بالورود .. ورود تلك الشجرة .. وليتكم ترون شراهتهم وهم يمزقون الورود وردة وردة ..
مــضيت علّني أخرج من هنا .. فلم أأتي إلى هنا لأرى حثالة من المهرجين ! .. أمشي وأمشي بين صور ولقطات , وغبار ونفايات .. وعالم آخر .
طــفلان عاريان في الخامسة من عمرهما كما يبدو لي يتراكضون أمامي بسرعة , أحدهم رمى على الآخر حجراً فأرداه أرضا بين بقعة من الدم !
بــالقرب من خيمة صفراء وضِعت مفرمة لحمٍ ضخمة من "الستانلس ستيل" .. قام رجل بأخذ طفلةٌ في الثالثة ووضعها داخل هذه المفرمة .. بدأ يحرك يد المفرمة شيئاً فشيئاً .. هي تصرخ وتبكي بهستيريا ونصف جسمها قد تحول إلى لحمٍ مفروم , ثم ما لبثت أن سكتت بعد أن صارت "عشرة كيلو كفتة مع عظام" .. ثم انطلقت من داخل المفرمة ضحكات مرعبة تزرع القشعريرة بين جوانح كل ذي فؤادٍ !! .

































. 



