لقد عرفت أياد علاوي طالباً فاشلاً في كلية طب جامعة بغداد حيث لم يستطع أن ينهي دراسته فيها رغم مرور عشرة أعوام على الدراسة في الكلية المذكورة إلى أن تم له ذلك وبأوامر إلى عميد كلية الطب من قيادة حزب البعث آنذاك، علماً أن الدراسة في كلية طب جامعة بغداد هي ست سنوات. وبقدرة قادر، ونتيجة لذكاءه وعبقريته العلمية !!! تم إرساله ببعثة دراسية إلى بريطانيا لكي يكمل دراسته الجامعية العليا فيها حيث كانت الحالة أيام النظام السابق أن يرسل إلى الخارج عدد كبير من خريجي الجامعات غير الكفوئين ولمجرد كونهم أعضاء في الحزب.
وصل العبقري أياد علاوي إلى بريطانيا وباشر دراسته العليا التي عادة ما ينهيها الطالب بفترة ثلاث سنوات ونصف أو أربع سنوات على الأغلب. إلا أن أياد علاوي لم يستطع إنهاء دراسته حتى بعد مضي ست سنوات على بدأه الدراسة. ولكوني أقيم في بريطانيا، شاءت الضروف أن ألتقي قبل سنوات عديدة بالأستاذ الذي كان يشرف على دراسته العليا والذي أخبرني أنه لم يكن له من بد إلا أن يعمل على تخريجه من الجامعة لأنه (أي علاوي) أصبح يمثل عبئاً عليه وعلى مكانته العلمية بين أقرانه. وهكذا قضى هذا العبقري أطول فترة سجلت في عموم الجامعات البريطانية لطالب كي ينهي دراسته العليا فيها.
عين أياد علاوي أثناء وجوده في بريطانيا رئيساً للإتحاد الوطني لطلبة العراق في بريطانيا، ثم تمت ترقيته بعد عامين ليصبح رئيساً لإتحاد الطلبة المذكور في عموم أوربا، وهكذا كان يقضي جل وقته في السفر والتمتع بأموال الدولة التي منحت له والتي تلاعب بها بشكل كانت السبب في ثرائه فيما بعد. وحسب ما ذكره لي أحد زملاء الدراسة الإعدادية التي شاءت الصدف أن يكون ملحقاً ثقافياً في السفارة العراقية في لندن أن علاوي كان يعمل أيضاً عضواً محورياً في محطة المخابرات العراقية في بريطانيا. وهكذا فإن خبرته المخابراتية كانت تطغي على خبرته العلمية التي لم يكن يجيدها على الإطلاق، بل أن خبرته المخابراتية هي التي هيأته كي يتعامل مع المخابرات الأمريكية والبريطانية وفق سياسة "إكذب ثم إكذب ثم إكذب حتى يصدقك الناس". وما كذبته وتلفيقه لقضية الـ" 45 دقيقة " المشهورة التي إستغلها توني بلير لمشاركة بريطانيا في شن حربها على العراق إلا خير دليل على مشاركة علاوي في العمل بشكل مباشر وحثيث من أجل تدمير العراق ودولته التي نصبه أسياده الآن على رأس السلطة فيها لكي "يعيد بناء" ما دمروه بعد أن كذب عليهم كما كذب عليهم رفيقه في العمالة أحمد الجلبي .
هذا ولن تكتمل فصول مسرحية تنصيب علاوي كرئيس للوزراء إلا بالنظر إلى ما جرى خلف الستار وبالذات منذ وطئت أقدام الأخضر الإبراهيمي أرض العراق. فقد سمعنا أنه كان قد إقترح حكومة تكنوقراط، إلا أن ما سمعنا به سرعان ما تغير بناء على ما يبدو تعليمات صدرت إليه ليس من الأمين العام للأمم المتحدة ولكن من البيت الأبيض الأمريكي و "مقترحات" من القصر الهاشمي الأردني حيث تقبع كريمته زوجة لأحد الأمراء الأردنيين. كما أن من المعروف أن أياد علاوي تربطه علاقة وثيقة بالنظام الأردني حيث كان هو السبب الرئيسي في ترسيخ عقد بمبالغ طائلة جداً مع الأردن من أجل ما يسمى "تدريب الشرطة العراقية" إضافة للعديد من المشروعات الأخرى التي يشارك بها مع شخصيات مهمة في النظام الأردني ومن بينهم أعضاء في العائلة الملكية.
هذا وبالرغم من القرابة بين علاوي والجلبي إلا أن المصالح الشخصية تبقى هي العامل الحاسم والمهم في العلاقات التي تربط كل منهما بالآخر ومن هنا إستغل علاوي علاقاته مع النظام الأردني والمخابرات الأمريكية، التي كانت قد تخلت عن الجلبي منذ فترة طويلة، في سبيل تعزيز طموحاته السياسية والمالية وإزاحة أحمد الجلبي الذي يمثل حجر عثرة أمام طموحاته تلك، وهذا ما كان له. فأحمد الجلبي قد أصبح بحكم المنتهي في الساحة السياسية العراقية بعد المسرحية التي أخرجوها له والتي شاهدناها وسمعنا بها والتي قد يكون النظام الأردني قد شارك بإعداد لمساتها لما للجلبي من تأريخ إجرامي بحق الأردنيين.
من هنا يتبين الدور الرئيسي الذي أصبحت تلعبه المخابرات المركزية الأمريكية بدل البنتاغون في إدارة شؤون العراق المستقبلية حيث إنحسر دور البنتاغون مع قرب إفتتاح أكبر سفارة أمريكية في العالم يحتوي طاقمها على أكبر محطة للمخابرات الأمريكية في العالم أيضاً، ووجود علاوي على رأس السلطة سيسهل بدون شك عمل المخابرات وإدارتها للعراق وبذلك ستكون المخابرات الأمريكية ولأول مرة في تأريخها مسؤولة بشكل مباشر عن إدارة دفة الحكم بجميع تفاصيله لكيان كان لوقت قريب دولة ذات سيادة كاملة.
.
