إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ، ونستهديه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور انفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدهِ اللهُ فلا مُضل له، ومن يُضلل فلن تجد لهُ ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين-
أما بعد:
قال تعالى : (( ألم ، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )) .
ففي ضلِ هذه الاحداث العصيبة، التي تُمرُ بها الامة الاسلامية، من احتلال الاعداءِ لبعض بلدانها، وهُم بذلك يُريدون السيطرةَ المادية والفكرية، في وقت ترمي تلك القوى الكافرة بثقلها على المنطقةِ الاسلامية، مما يُشير إلى أنَّ حربهم هذه إنَّما هي حربٌ على الاسلامِ وأهله،
ونحنُ إذ نعيش هذه الاحداث العصيبة، وأمتنا تعيشُ حالةَ الهزيمةِ والذلِ والضعف، وتسلطِ الاعداءِ عليها ، أقولُ إذ نعيش نحنُ في هذا الزمن فقد قل فيه الناصحون، والقائلون قولَ الحق لنصرةِ المظلوم ومحاربة الظالم، في وقتٍ علا فيه صوتُ الكفرِ وأهله، وأذنابهُ بكلِّ الوسائل العسكرية والفكرية ، فهاهي جيوشهم قد حلَّت على أرضنا، وقد عاثوا فيها فساداً وإذلالاً للمسلمين .
وهاهي قنواتهم وصحفهم تتَّهمُ من يُدافعُ عن دينهِ وعرضه، ودمهِ ومالهِ بالإرهابي والمتطرف، لكن أقولُ هذا ليس عجيباً ولا غريباً ، لكنَّ العجيب والغريبَ في هذا الأمر!! أنَّ أناساً ممن هُم من جلدتنا، ويتكلمون بكلامنا، ومنهم من يدعي العلم، بدأ هؤلاءِ يتكلمُ بكلامِ الاعداءِ وبنبرتهم ، فمنهم من يصفُ من يُجاهدُ الكفار في العراقِ و فلسطين وغيرها من البلدانِ المحتلةِ بالإرهابي، ويصفهم بالمتهورين وحتى اللصوص !! في وقتٍ كُنَّا نتظرُ منهم الكلمةَ التي تعينُ على تخفيفِ تلك الشدائد ،
نعم أيَّها الإخوة :
لقد أصبحَ اللسانُ وراءَ القضبان مسجون، لا ينطقُ كلماتُ الحقِّ ليُدحض الباطل، وليُخفف الآلام عن المنكوبين من المسلمين ، أصبح اللسانُ سجيناً خلف القضبان، لايتكلمُ الحقَّ ولا يُحاربُ الباطل والظلم خوفاً من الابتلاء ، وكأنَّ أولئكَ الذين سكتوا لم يقرؤوا قولَ الله : (( ألم ، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)).
فتلك جرائمُ اليهودِ في فلسطين لا تخفى على أحد، وتلك جرائمُ الصليبيين في العراق وافغانستان لا تخفى على أحد .
لم تعقد المؤتمرات الاسلامية لردِ اعتداءِ الكفار ونصرة المسلمين !!
لم تعقد الندوات والمحاضرات لتأيد جهاد المجاهدين هناك !!
لم تكتب البيانات لبيان حقِّ المسلمين وظلم الظالمين !!
لم يتحرك أحدٌ عندما هُدمت الفلوجة على أيدي الصليبيين وقتل فيها الآلاف، في حين عُقدت المؤتمرات، وصدرت الفتاوى لتحرمِ الجهاد في العراق وفلسطين وأفغانستان، عُقدت المؤتمرات لتغيرِ مناهجنا الإسلامية إلى مناهج يرضاها الغرب. ما هذا الصمت الرهيب !!
أين الألسنة ؟ أين المنابر ؟
أنسيتم رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم- وقد ضُرب واتُّهم بالسحر والجنون وهو يبلغُ دعوته ؟ أنسيتم أبا بكرٍ وهو يُعلنها مدويةً : ( والله لو منعوني عقالاً لقاتلتهم عليه ) ؟
أين المسؤلية أمام الله وفاروق الأمة يقول : ( والله لو عثرت دآبةٌ في العراق لخشيتُ أن أُسأل عنها ) ؟
أين أنتم من ابن حنبلٍ- رحمه الله- من تلك المحنه ؟ أين أنتم من مواقفِ وصمودِ شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- أيام غزو التتار لبلاد الاسلام ؟ يوم فكَّرَ الناسُ والعلماءُ بمغادرةِ دمشق خوفاً من التتار ، يوم ذكَّرَهم بنصر الله للمسلمين بيوم الأحزاب ؟
لماذا لم تنطق الألسنة عن انتهاكِ الأعراضِ في سجون الكفار في أبو غريب ؟
لماذا لم تنطق الألسنه عندما هُدِّمت مدن على أهلها في العراق وفلسطين والشيشان وأفغانستان ؟
لم يتكلم من يصِفون أنفسهم بأهل الحلِّ والعقد !!
أين المسؤلية تجاه احتلال العراق وفلسطين وغيرها من البلدان المحتلة ؟ إنَّهم مسلمون إخوتكم ، أم أنَّ أهل الحجازِ لا يجوزُ لهم الكلام عن أهل العراقِ والشام ، وأهل الشامِفي المحنِ يظهرُ الرجال، وتتمحصُ القلوب، قال تعالى: (( وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)) .
فلماذا تحملَ العلماءُ الشدائد في سبيل الدعوة ؟ لماذا تحمل الرسلُ والائمة المحن وهم يُبلغون دعوة الله ؟ لماذا تحمل ابن تيمية ما تحمل؟ وتحمل الإمام محمد بن عبد الوهاب ماتحمل؟ وهم يُبلغون الدعوة، ويُنادون بالحقِّ لا يخافون في اللهِ لومةَ لائم : أقولُ: إنَّ السببَ هو لكونهم فهموا قولَ الله: (( ألم ، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )) .
فيا نفسُ إن لم تُقتلي تموتي.
اللهمَّ أعزَّ الإسلام والمسلمين.
اللهمَّ أذلَّ الشرك والمشركين.
اللهمَّ انصر عبادك الموحدين المجاهدين.
اللهم أرنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.