==================
|| أنـا والغـريـب علـى ابـن عمـي ||
==================
-
-
لنرى ما يمكن أن يحدث إن حدثت مشاجرة بينك وبين أحد ما ..
وكان في الجوار ابن عمك مثلاً ..
التصرف الذي تتوقعه منه أن يهب – بلا شك - لنجدتك على الفور ..
هذا تصرف طبيعي على أي حال ..
لكن دعنا منك ومن ابن عمك المزعوم ..
فلنستعرض أنواع أولاد العم ..
هناك صنف سيشترك معك في المشاجرة ويضرب معك هذا الغريب ..
صنف آخر سيكتفي بإبعاد المتشاجرين عن بعضهم ..
ووقف النزاع ..
وآخر سيؤمن لك أن لا يدخل أحد غيركم – أنت والذي تتشاجر معه – هذه المشاجرة ..
حيث تنازل خصمك رجل لرجل ..
إلى هنا وأولاد العم إلى حد ما مراعين لروابط الدم ..
ولكن هناك أولاد عم سيدعون صممهم عن سماع صوتك الصارخ طالباً النجدة ..
وهناك من سيهرب على الفور ناسياً كل ما بينكم من نسب وصلة ..
لكن ما بالك بالذي ينضم لخصمك ؟!
الذي بدلاً من أن تجده جانبك وجدته أمامك ؟!
وهناك طرق عدة يكون بها ضدك ..
لا تقتصر على أن يضربك مثل الآخرين ..
والآن دعنا من هذا لنذهب إلى الواقع قليلاً ..
لا شك أن أحدنا لاحظ تصريحات الحكومات العربية أثناء دك بيروت ومجازر غزة ..
فلنترك غزة الآن فلها قصة مختلفة ..
بينما قصة بيروت لها العجب ..
نعم عجيب الأمر فعلاً ..
حين يبحث الجميع عن غطاء ..
ويفتقرون إلى مهدئ فعّال يسكن من آلام الضمير العالمي ..
نمد نحن – بأنفسنا – يدنا لنعطيهم إياه ..
فتجد الحكومات العربية (والباء نظرياً بعد الراء وليس العكس) تخبرنا – لا فض فوها - بما لا يمكن تصوره ..
بأن الخطأ خطأ لبنان ..
أو تحديداً حزب الله ..
كما فعلوها من قبل مع حماس ..
ولم نسمع كثيراً منهم عن خطأ إسرائيل البسيط في القيام بتجويع شعب بأكمله ..
خطأهم غير المتعمد في احتلال وطن بأكمله ..
أخطائهم العديدة التي لم تلحق يوماً ولو بكلمة "آسف" ..
المهم أننا – ولا فخر - طعنا لبنان في مقتل ..
وسط النزال وظهرها لنا ..
أتعرف أن عدم إطاعة الأوامر في الحرب لا يكلف العاصي محاكمة عسكرية ؟!
وإنما الإعدام الفوري ؟!
لأن هذا في الحرب يدعى خيانة عظمى ..
بينما في حالتنا تلك ..
نحن لم نطع الأوامر فقط ..
بل طعنة في الصميم جاءت من جانبنا ..
لك كل الحرية – بالطبع - في أن تبدى رأيك في ما يحدث ..
وتخبرنا بوجهة نظرك الفذّة عن المتسبب في الصراع ..
لكن ليس أثناء الصراع ..
فبهذا تفت عضد يحتاج إلى كل عضلة فيه ..
وذلك – بلا جدال - أبشع كثيراً من الجندي العاصي ..
خيانة أعظم وأعظم !!
بينما كانت لبنان تصرخ وتطلب منا مساعدة ..
لم نمدها بالمساعدة ..
ولا حتى بالتنديد أو كل الهراء الذي تفننا فيه ..
بل قلنا – بكل شجاعة – بأن حزب الله هو السبب ..
تصنعنا حكمة القرون والسنين لنقول ألم نخبركم من قبل بنزع سلاح الحزب ..
فلأنكم لم تسمعوا كلامنا الحكيم جدير بكم ما تنالوه من أصناف العذاب ..
وأطلقنا على ما يفعله حزب الله مغامرات ..
مغامرات ؟!
مغامرات ؟!
وجهة نظر تستحق الإشادة بالفعل ..
هناك من سيقول وما الضرر الكبير الذي يلحق بلبنان من مثل هذا الفعل ..
لو نحاول أن نتعلم من التاريخ قليلاً ..
لوجدنا (جوبلز) وزير دعاية النازي ولربما أشهر وزير دعايا في التاريخ يقول ..
"إن حاولت أن تصنع كذبة على أمة ..
فعليك أن تجد كذبة كبيرة جداً وعسيرة على التصديق ..
فهذا يجعلها قابلة للتصديق أكثر "
منطق غريب لكن إلى حد كبير سليم والدليل ما تم خلال الحرب العالمية ..
ونتذكر جميعاً المغول والأقاويل الكثيرة عليهم بأنهم ليسوا بشراً أو أنهم يأكلون أكباد الأحياء ..
فكان المغول والألمان يجتاحون ما في طريقهم بالسمعة والصيت قبل أي شيء آخر ..
بالكذب قبل أي شيء آخر ..
الكل يعلم أن لبنان بدون حزب الله لن تحتاج من آل صهيون أكثر من ثلاثة جنود ومدرعة لبسط سيطرتهم عليها ..
وإلا لما كانت سوريا وإيران هما وجه مدد حزب الله الخفي ..
فأمنهما مهدد طالما هناك عدو متربص ..
فالأمر ليس بمثابة غزل في أعين لبنان بقدر ما هو تأمين لسلامة أراضي سوريا وإيران ..
وهذا ليس عيباً على الإطلاق وإنما أمر مفهوم وأحترمه كثيراً ..
فيجب علينا قبل العواطف ألا نتسرع ..
ونضع نصب أعيننا أن أمن أي أمة يأتي أولاً ..
ثم يأتي بعده كل شيء آخر ..
نرجع لنقطتنا الرئيسية ..
أرأيتم كيف هو تصرف ابن العم ؟!
تصرف يحتذي به حقاً ..
لم يكتفي بالتخاذل ولكن أعطى شرعية لخصمك ..
خصمك الذي لا يكف عن غرس كل مخالبه في جسدك الهش ..
خصمك الذي يسعى لتشويه وجهك بقارورة صودا كاوية في يده ..
خصمك الذي يفوقك حجماً ومهارةً ونفوذاً ..
يقول الرائع أمل دنقل "والسماء رماد .. به صنع الموت قهوته" ..
فأود أن أختلف معه قليلاً ..
فلم يصنع الموت قهوته ..
فعندما تصنع القهوة على موقدنا وفي كوبنا وبنارنا ..
وبواسطة يدنا ..
لم تعد القهوة صناعة الموت ..
بل صناعتنا ..
ورمادنا ..
أكاد أراهن أن ساسة آل صهيون ..
وقبلهم ساسة آل تمثال العبودية أسعد أهل الأرض في تلك اللحظة ..
أو كما يقول التعبير يستلقون على قفاهم من شدة الضحك ..
فدائماً ما تضع إسرائيل الأمريكان في ورطة ..
تفعل فعلتها ثم تبحث عن غطاء دولي ..
فلا تجد أفضل ولا أخلص من أمريكا لتوكل لها تلك المهمة ..
وتجعلها تنقب لهم عن الغطاء المطلوب ..
أما حالياً فالأمر أختلف فالعرب تبرعوا بواحد ..
وأراهن أنه ليس بأمر من أحد ..
وكان قرارهم الحكيم نابع من داخلهم لمرة يندر بها التاريخ ..
فلم ينتظروا رنين هاتف الخط الساخن من البيت الأسود ..
بل أرادوا أن يثبتوا – كالعادة – أنهم ملكيين أكثر من الملك ..
ومخلصين لدرجة أن قدموا الغطاء السميك ..
سر روعة هذا الغطاء أن مقدمه له يد عربية ..
أي الرسالة إلى العالم بأن أمريكا لا تدعى الأمر ظلماً ..
فقد شهد شاهد من أهلها ..
شهد ..
مجاناً ..
ككل شيء فرط سابقاً فيه ..
مجاناً ..
كدماء أولاد عمه التي تسيل الآن ..
تسيل ..
مجاناً ..
-
-
إهــــــــــــــــداء ..
إلى شجرة الأرز ..
-
-
-
إن اليهود الذين فرقهم الله في الأرض شيعاً .. قد فرقوكم شيعاً .. إن اليهود الضالين .. قد أضلوكم .. إن اليهود الجبناء .. قد جعلوا منكم جبناء .. يا أمة العرب .. يا أمة الخطب ..
يوسف السباعي – أرض النفاق
-
+++++++