)(< عُبــّـاد القبـــور >)(
-
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
| عُبّـــاد القبـــور |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
-
-
-
هاهم في العلن يتحركون ..
كعادتهم في سنوات الجدْب ..
صوب قبور آلهتهم على بطونهم يزحفون ..
رغم الأرض الرّمْضاء ..
يحدوهم الصوت الأزلي ..
قرابينهم بالكاد يطيقون حملها ..
فقد أنْقضت ظهورهم ..
رغم طرقهم غير الممهدة ..
كلهم حفاة ..
فما فائدة الأحذية طالما هم زاحفون ؟!
بإمكانك الآن سماع تراتيلهم ..
أمام قبور قدت من الجرانيت ..
مزدانة بالفسيفساء ..
يتمسحون بأبواب صدئة نتيجة فيضان دمعهم ..
تلحف الشمس ظهورهم وهم في قُنُوت ..
يجففون جباههم بمحارم سوداء ..
رجال .. نساء .. شيوخ .. أطفال .. أجنة داخل الأرحام ..
يتعبدون ..
يخرج نّاسِكهم كتيب مسحت أحرف كلماته ..
يتمتم بأنشودة مضطربة ..
الباقين في رحاب الموقف الجلل يتخدرون في صمتهم ..
تبدأ الشمس في الغوص داخل باطن الأرض ..
يكسو الغبار رؤوس الرجال الممرغة في التٌراب ..
تمنع النسوة أطفالهن من اللعب بالجوار ..
لا ترى في يد أحد رغيفاً ..
الكل في مكانه لا يبرحه ..
كما ألِفوه يظهر الغُدَاف ..
من تحت أقدامهم تهتز الأرض لصوت نعيقه الهادر ..
بجناح ضخم يحجب بصيص نور ..
على استحياء كانت ترسله الشمس قبل اغتيالها ..
والكل في مكانه لا يبرحه ..
صوت صرير بدأ يعلو ..
يقترن بيد زانها خاتم أسود ..
تحرك باب القبر العتيق ..
فإذا بصاحب القبر من مستقره يخرج ..
والكل في مكانه لا يبرحه ..
لا يكترث الرجل بكم غبار يغطى جسده ..
تستطيع أن تبصر نظراته الحادة أسفل حاجب مقوس ..
يبصق على الأرض ..
بكف يده يضرب كتيب الناسك وهو يدمدم عليه ..
أمامهم يثبت سيفه إلى الأرض ..
ثم يمضى في طريقه صوب الخلاء ..
والكل في مكانه لا يبرحه ..
يملأ التعجب أنفس الحضور ..
لا يكسره سوى تحرك أحد عواهلهم نحو الباب يغلقه ..
ظل السيف على حاله بعدما فشلوا في زحزحته على الأقل ..
يمد الناسك يده في الوحل ليخرج كتيبه ..
ومن ثم يعود إلى تمتمته ..
معه يعود الكل إلى تعبدهم ..
وقد استعدوا للأمسيّة بإشعال قنديل ضخم ..
على باب القبر ثبتوه ..
-
-
-
إهــــــــــــــــــــداء ..
إلى أصحاب القبور ..
-
-
صيف 2006
-
-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غالي الساهر