سوريا: تقرير بيكر خطوة لانتهاء دور واشنطن بالمنطقة

رحبت سوريا على لسان وزيرة المغتربين بثينة شعبان بتقرير "لجنة بيكر هاميلتون" معتبرة أن التقرير خطوة مهمة تعني انتهاء حقبة تدخل الولايات المتحدة في المنطقة واحتلالها للعراق ، كما أنها مساهمة مرحب بها لتغيير السياسة الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة .
وقبيل صدور التقرير أشار فاروق الشرع نائب الرئيس السوري إلى أن "هناك فرصة أمام الولايات المتحدة لتصحيح سياستها في المنطقة رغم أنها تأخرت كثيرًا" . معربًا عن استعداد دمشق وطهران بوصفهما جارين للعراق للمساعدة في إيجاد حل للأزمة العراقية . موضحًا أنه بغير إشراكهما لن يكون من السهل إيجاد حل لـ "مأزق في العراق" .
على الجانب الإيراني اعتبر وزير الخارجية منوشهر متكي أن أي "قرار للولايات المتحدة بالانسحاب من العراق لا يحتاج إلى أي مفاوضات مع إيران أو دول أخرى في المنطقة" ، وقال متكي إن "تقرير بيكر مهم في بعض نقاطه" . مضيفًا "يبدو أن هناك على الأقل بعض الجوانب في سياسة الإدارة الأمريكية في العراق التي اعتبرت خاطئة" في التقرير .
واعتبر عضو المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أغا محمدي أن التقرير يستحق دراسة جدية ، غير أنه أوضح أن مشاركة واشنطن في حوار مع طهران ينبغي أن يستند إلى استراتيجية تضمن تحقيق مكاسب للجانبين .
وأشار مسؤول إيراني كبير سابق إلى أنه سيتعين أن تشمل المحادثات مع الولايات المتحدة تنازلات ، بما في ذلك تنازلات من جانب واشنطن بشأن برنامج إيران النووي .
وفي إسرائيل وصف مسؤول كبير تقرير مجموعة الدراسات حول العراق ، الذي يوصي بتجديد التزام الولايات المتحدة بتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ، بأنه "مقلق" لإسرائيل ، خصوصًا أنه يذكر للمرة الأولى مسألة حق العودة للاجئين الفلسطينيين عام 1948 . ورفضت رئاسة الحكومة التعليق على التقرير الذي سلم إلى الرئيس الأمريكي .


ملــحق

سوريا وإيران.. وسياسة «الكر والفر«!

سوريا وإيران تشتركان في سمة مميزة، حيث تتقنان سياسة «المماطلة« أو المناورة في المفاوضات وإدارة الأزمات وإبعادها عن حدودهما الجغرافية..

ومثلما نقلت إيران مباحثات «ملفها النووي« من قضية ساخنة كانت تثير المخاوف من تسديد ضربة عسكرية إلى إيران، استطاعت «طهران« أيضا ان تخترق الحديقة الخلفية لها وهي العراق، وتجعل الموالين لها يقومون (بتوجيع) دماغ القوات الأمريكية، وخلط الأوراق هناك وتحويل العراق إلى حرب طائفية.

كذلك استطاعت سوريا عبر تحالفها مع طهران ان تبعد الضغوط الأمريكية عنها عبر دخولها من خلال حلفاء لتوتير الجبهة اللبنانية الداخلية، وكل الذين شاهدوا خروج القوات السورية من لبنان قبيل الشتاء الماضي، كانوا يدركون ان هناك منافذ أخرى للنفوذ السوري ستستمر في الأراضي اللبنانية، بعضها من خلال أحزاب موالية لسوريا، والبعض الآخر (سري)، وهكذا دفعت الاستفزازات باتجاه حرب إسرائيلية ضد لبنان راح ضحيتها آلاف الأبرياء.. وبعد الحرب أعلنت سوريا انها تنتظر سقوط الحكومة اللبنانية!

وكلها شهور وبعدها أعلنت المعارضة اللبنانية الموالية لسوريا وإيران الاعتصام أمام مبنى «السراي« الحكومي لإسقاط حكومة «فؤاد السنيورة«! كل ذلك لإبعاد الضغوط الأمريكية عن سوريا، وجعل «واشنطن« تنشغل بالحديقة اللبنانية، مثلما جعلت طهران «واشنطن« تتلهى بالحديقة العراقية! ومنذ أسبوع قال خطيب صلاة الجمعة في إيران:

(سوف نهزم أمريكا في لبنان)! بينما القوات العسكرية الأمريكية على بعد خطوتين من المياه الإيرانية، فلماذا لا يهزمون أمريكا القريبة من بلادهم، واختاروا «لبنان« هذا البلد المنكوب ليحارب أمريكا بالنيابة عنهم؟

مثلما اختارت «سوريا« أن تحارب إسرائيل بواسطة (لبنان) رغم ان مرتفعات الجولان المحتلة منذ ثلاثين سنة لا تنطلق منها رصاصة سورية ضد إسرائيل! سوريا وإيران تشتركان حقا في ميزة المناورة وإبعاد الخطر عن حدودهما الجغرافية.. لكن السؤال: إلى متى سوف تنجح هذه السياسة؟ فهناك تجارب عالمية كثيرة أشعل فيها «الكبار« ثياب «الصغار«، ثم انتقل الحريق إلى المعطف الكبير!