قال الله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (60) سورة الأنفال. وهذا خطاب عام يشمل كل المسلمين رجالاً ونساءً. فكل فرد عليه إعداد كل ما استطاع من قوة، سواء كان يعلم العدو أم لا يعلم، وسواء كان جهاد الطلب عليه فرضاً أم لم يكن. فمن أبسط ما يستطيع المسلم والمسلمة العمل عليه هو القوة البدنية، ولذلك كان "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم في صحيحه. فيكون هذا ببناء العضلات (والمقصود القوة لا الشكل) وفي التدرب على الجري وعلى تحمل الظروف الشاقة. وهكذا كان حال السلف. ويُذكر أن التابعي الكبير الحسن البصري كان عرض ذراعه شِبر، أي أن ذراعه امتلأت عضلات نتيجة الجهاد والإعداد له، وكان من المجاهدين الذين شاركوا في الفتوح.
ومن المهم على المسلم (أو المسلمة) استحضار النية عند ممارسة تلك الرياضة لنيل الأجر كاملاً. وكان أحد مشايخنا يقول مازحاً: أنا أعلم بالرياضة من الفقه.
وكان السلف يذمون السمنة ذماً شديداً. ويكفي السمنة ذماً ما روينا في الصحيحين وغيرهما من حديث عمران بن حصين قول النبي (ص): «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (قال الراوي: فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا) ثم يأتي بعدهم قوم يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون ويظهر فيهم السمن». وقال ابن مسعود: «إني أمقت القارئ إن أراه سمينا نسيا للقرآن». وحتى عصر أتباع التابعين، لم يكن أحد من أهل العلم سميناً، رغم كثرة الأموال في ذلك العهد. لذلك يقول الشافعي بعد أن طاف في أكثر بلاد المسلمين: «ما رأيت سميناً عاقلاً إلا محمد بن الحسن». وقد يكون سبب سمن ابن الحسن مرضي، والله أعلم. وقال القحطاني الأندلسي في نونيته الشهيرة: لا تحشو بطنك بالطعام تسمنا *** فجسوم أهل العلم غير سمان. واستمر هذا حتى عصر متأخر، ذلك لأن السمنة مرتبطة بقلة الفهم. قال ابن حجر: «السَّمِين فِي الْغَالِب يَكُون قَلِيل الْفَهْم».
يتبع