نقل الجسم من مكان إلى آخر
" نقلاً عن موقع أكاديمية الشروق"
في بداية الثمانينات كان حلم العلماء الأول هو بلوغ مرحلة اعتبروها ذروة الاتصالات والانتقالات في الكون وأطلقواعليها اسم " الانتقال الآني " ومصطلح " الانتقال الآني " هذا يعني الانتقال في التو واللحظة من مكان إلى آخر , يبعد عنه بمسافة كبيرة أو بمعنى أدق الانتقال الآن وفورا.
وهذا الانتقال هو ما نراه في حلقات " رحلة النجوم " .. تلك الحلقاتالتليفزيونية الشهيرة , التي تحولت إلى سلسلة من أفلام الخيال العلمي الناجحة , بالاسم نفسه , والتي نرى في كل حلقاتها شخصا على الأقل , يدخل إلى أنبوب زجاجي , لينتقل بوساطة شعاع مبهر إلى أنبوب آخر , في مكان آخر.
فكرة مثيرة مدهشة , تختصر الزمان والمكان إلى أقصى حد ممكن , وككل فكرة مثلها , نجحت في إثارة اهتماموخيال العلماء , الذي يتعاملون مع كل أمر باعتباره ممكن الحدوث , لو نظرنا إليه من زاوية ما .
وبينما اكتفى المشاهد العادي بالانبهار بالفكرة , أو الاعتياد عليها , كل العلماء يكدون ويجتهدون , لإيجاد سبيل علمي واحد إليها .
وعدني بأنك لن تشعربالدهشة , والمفاجأة عندما أخبرك أنهم قد نجحوا في هذا , إلى حد ما . نعم .. نجحوا في تحقيق ذلك " الانتقال الآني " في العمل , ولكن هذا لم ينشر على نطاق واسع ..
السؤال هو لماذا !؟! ما داموا قد توصلوا إلى كشف مذهل كهذا , فلماذا لم ينشرالأمر , باعتباره معجزة علمية جديدة , كفيلة بقلب كل الموازين رأسا على عقب ؟! والجواب يحوي عدة نقاط مهمة كالمعتاد .
فالانتقال , الذي نجح فيه العلماء , تملمسافة تسعين سنتيمترا فحسب , ومن ناقوس زجاجي مفرغ من الهواء إلى ناقوس آخر مماثل , تربطهما قناة من الألياف الزجاجية السميكة , التي يحيط بها مجال كهرومغنطيسي قوي
ثم ان ذلك الانتقال الآني , تحت هذه الظروف المعقدة , والخاصة جدا , لم ينجح قطمع أجسام مركبة , أو حتى معقولة الحجم , كل ما نجحوا في هو نقل عملة معدنية جديدة , من فئة خمسة سنتات أميركية من ناقوس إلى آخر .
ثم انه لم يكن انتقالا آنيا علىالإطلاق , إلا لو اعتبرنا أن مرور ساعة وست دقائق , بين اختفاء العملة من الناقوسالأول , وحتى ظهورها في الناقوس الثاني , أمرا آنيا ! لذا , ولكل العوامل السابقة , اعتبر علماء أوائل الثمانينات أن تجاربهم , الخاصة بعملية الانتقال الآني قد فشلتتماما
ولكن علماء نهاية التسعينات نظروا إلى الأمر من زاوية مختلفة تماما , فمن وجهة نظر بعضهم , كان ما حدث انتقالا عبر " الزمكان " أو عبر الزمان والمكان معا , وليس انتقالا آنيا بالمعنى المعروف.
ومن هذا المنطلق , أعادوا التجربة مرة آخرى , ولكن من منظور مختلف تماما , يناسب الغرض الذي يسعون إليه هذه المرة , ولتحقيقالغرض المنشود , رفعوا درجة حرارة العملة المعدنية هذه المرة , وقاسوها بمنتهىالدقة , وبأجهزة حديثة للغاية , وحسبوا معدلات انخفاضها , في وسط مفرغ من الهواء , ثم بدؤوا التجربة .
وفي البداية , بدا وكأن شيئا لم يتغير , قطعة العملة اختفتمن الناقوس الأول ثم عادت إلى الظهور في الناقوس الثاني , بعد ساعة وست دقائقبالتحديد , ولكن العلماء التقطوا العملة هذه المرة , وأعادوا قياس درجة حرارتهابالدقة نفسها , والأجهزة الحديثة نفسها للغاية . ثم صرخوا مهللين .
فالانخفاض الذي حدث , في درجة حرارة العملة المعدنية الصغيرة , كان يساوي وفقا للحسابات الدقيقة , أربع ثوان من الزمن فحسب , وهذا يعني أن فرضيتهم الجديدة صحيحة تماما . فتلكالسنتات الخمسة الأميركية ق\ انتقلت ليس عبر المكان وحده , ولكن عبر الزمان أيضا أو بالمصطلح الجديد , عبر الزمكان فعلى الرغمن من أن الزمن الذي سجله العلماء فعليا , لانتقال تلك العملة , من ناقوس إلى آخر , هو ساعة وست دقائق , إلا أن زمن الانتقال , بالنسبة لها هي , لم يتجاوز الثواني الأربع
انتصار ساحق لنظري السفرعبر الزمن . ولكن يحتاج إلى زمن طويل آخر , لوضعه موضع الاعتبار , أو حتى لوضعقائمة بقواعده , وشروطه , ومواصفاته . فالمشكلة , التي ما زالت تعترض كل شيء هي أنتكل النواقيس المفرغه ما زالت عاجزة عن نقل جسم مركب واحد , مهما بلغت دقته , أوبلغ صغره .. لقد حاول العلماء هذا , حاولوا وحالوا وفي كل مرة , كانت النتائج تأتي مخيبة للآمال بشدة , فالجسم المركب الذي يتم نقله , تمتزج أجزاؤه ببعضها البعض , على نحو عشوائي , يختلف في كل مرة عن الأخرى
وليس كما يمكن أن يحدث , لو أنناصهرنا كل مكوناته مع بعضها البعض , ولكنه امتزج من نوع عجيب , لا يمكن حدوثه فيالطبيعة , حيث تذوب الجزيئات في بعضها البعض , لتمنحنا في النهاية شيئا لا يمكنوصفه , المزدوجه المتناقضة , التي تثير حيرة الكل بلا استثناء
إنه ممكن ومستحيل في آن واحد , ممكن جدا , بدليل أنه يحدث من آن إلى آخر ومستحيل جدا , لأنه لا توجدوسيلة واحدة لكشف اسرار وقواعد حدوثه في أي زمن . بل ولا توجد حتى وسيلة للاستفادة منه . ولقد كان الأمر يصيب العلماء بإحباط نهائي , لولا أن ظهر عبقري آخر , في العصر الحديث ليقلب الموازين كلها رأسا على عقب مرة أخرى
انه " ستيفن هوكنج " الفيزيائي العبقري , الذي وضع الخالق عزوجل قوته كلها في عقله , وسلبها من جسده , الذي اصيب في حداثته بمرض نادر , جعل عضلاته كلها تضمر وتنكمش , حتى لم يعد باستطاعته حتى أن يتحرك , وعلى الرغم من هذا فهو استاذ للرياضيات بجامعة " كمبردج " البريطانية , ويشغل المنصب ذاته , الذي شغله " اسحق نيوتن " واضع قوانين الجاذبيةالأولى منذ ثلاثة قرون
والعجيب أن ستيفن هوكنج قد حدد هدفه منذ صباه , ففيالرابعة عشرة من عمرة, قرر ان يصبح عالما فيزيائيا . وهذا ما كان . ولقد كشف ستيفنهوكنج عن وجود أنواع أخرى من الثقوب السوداء , اطلق عليها اسم " الثقوب الأولية " بل اثبت ان تلك الثقوب تشع نوعا من الحرارة , على الرغم من قوة الجذب الهائلة لها
ومع كشوفه المتتالية, التي قوبلت دوما باستنكار أولي, ثم انبهار تال , فتحهوكنج شهية العلماء , للعودة إلى دراسة احتماليات السفر عبر " الزمكان " الكوني , لبلوغ كواكب ومجرات, من المستحيل حتى تخيل فكرة الوصول إليها بالتقنيات المعروفة حاليا.
وهنا ظهرت إلى الوجود مصطلحات وكشوف جديدة مثل انفاق منظومة الفضاء والزمن ,والدروب الدوارة, والنسيج الفضائي , وغيرها , وكل مصطلح منها يحتاج إلى سلسلة من المقالات لوصفه , وشرح وتفسير أبعاده المعقدة , وأهمية المدهشة فيعملية السفر عبر الزمن والمكان .. أو الزمكان
وأصبح ذلك المصطلح يضم قائمة منالعلماء , إلى جوار " ألبرت أينشتين "مثل " كارل شفارتزشليد "و " مارتن كروسكال " و " كيب ثورن " و " ستيفن هوكنج " نفسه
وبالنسبة للمعادلات الرياضية , مازالالسفر عبر الزمن ممكنا , وما زال هناك احتمال لأن يسير الزمن على نحو عكسي , في مكان ما من الفضاء أو الكون , أو حتى في بعد آخر , من الأبعاد التي تحدث عنها " أينشتين " والآخرون
وما زالت هناك عمليات رصد لأجسام مضادة تسير عكس الزمن , وتجارب علمية معملية , تؤكد احتمالية حدوث هذا الأمر الخارق للمألوف , تحت ظروفومواصفات خاصة ودقيقة جدا
وما زال العلماء يجاهدون ويعملون ويحاولون ولكن يبقى السؤال نفسه حتى لحظه كتابة هذه السطور . هل يمكن أن تتحول قصة " آلة الزمن " يوماإلى حقيقة ؟ ! وهل يتمكن البشر اليوم من السفر عبر الزمكان إلى الماضي السحيق , أوالمستقبل البعيد ؟ هل ؟! من يدري ؟! ربما






























نقل الجسم من مكان إلى آخر
في بداية الثمانينات كان حلم
فكرة مثيرة مدهشة
وبينما اكتفى المشاهد العادي بالانبهار بالفكرة , أو الاعتياد عليها
السؤال هو لماذا !؟! ما داموا قد توصلوا إلى كشف مذهل كهذا , فلماذا لم ينشر
وهنا ظهرت إلى الوجود مصطلحات وكشوف جديدة مثل انفاق منظومة
وما زالت هناك عمليات رصد لأجسام مضادة تسير عكس الزمن







