في هذه التدوينة ، نشير الى أمر تجدر الاشارة اليه ، وهي أن القراءة أضحت مهجورة ، ولا بد من كتابة هذه السطور ..
اذا كان الطعام ضرورة لازمة لغذاء الأجسام ، فان المطالعة من الأهمية بمكان لتغذية الأفهام ، وكما أن الجسم ينحل اذا لم ينل حظه من الطعام والشراب ، فان العقل يذوي اذا لم يزوده صاحبه بأسباب العلم والمعرفة .
ان أول كلمة ً لامست أسماع الرسول " صلى الله عليه وسلم " من الوحي هي " اقرأ " لأن القراءة مفتاح من مفاتيح المعرفة ، ولقد ولى أجدادنا الكتاب جل اهتمامهم ، وشغلوا بالكتب كل الاشتغال بل كانوا مولعين بالكتب ، حيث أنشئت المكتبات ومن أشهر هذه المكتبات مكتبة الحكمة والتي قيل أنها تحوي مليون كتاب أو يزيد ، والأغرب من ذلك أنها كانت منسوخة ً باليد ، فيا له من جهد عظيم !
وحين نذكر الكتاب ، تتسلل الى عقولنا نخبة من العلماء والأدباء العرب الذين أفنوا أعمارهم في بحر الكتب ، ومن أبرز هؤلاء " الجاحظ "
الذي رحل تاركًا ارثًا أدبيًا وعلميًا هادئًا ، فما كان يدع كتابًا قط دون أن يتم قراءته ، ومما يدل على شغفه بالقراءة ، أنه كان يكتري دكاكين
الوراقين للاطلاع على ما فيها من كتب ، ويتبين لنا من ذلك أن الجاحظ كان حالة ً فريدة من نوعها ، لن تتكرر .
وبالمطالعة تعرف أقدار الرجال والنساء ، فحين سئل سقراط : كيف تحكم على انسان أجابه : " أسأله : كم كتابًا تقرأ ؟ وماذا تقرأ ؟ "
والبعض يتسائل ، هل غاية القراءة النفع فحسب ؟ الحقيقة أن الانتفاع بالقراءة هو الأساس الذي ينبغي أن نتخذه هدفًا .
هذا غير أن ثمة نوعًا من المطالعة يرمي الى التسلية وامتاع الروح ، فالمرء في حاجة ً لأن يروح عن نفسه بين الفينة والآخرى .
وكي تكون للمطالعة ثمار ، لا بد من مراعاة أمور مهمة ، أولها اختيار الكتاب النافغ ، واستشارة من يتوسم فيهم الخبرة في اختيار الكتب المناسبة ، وثانيها اختيار الوقت المناسب للمطالعة ، فقد تمر علينا أوقات يضطرب فيها الفكر ، وتضيق فيها النفس .