بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولد أحد الأشخاص في بلاد كان يعتبر قانونيا ليس مواطناً فيها
بل كان يصنف كـ"مقيم بصورة غير قانونية"
وعاش حتى 19 سنة
درس في مدارسها الخاصة ، تعلم ثقافتها ولهجتها وأصبح يعرف جميع أمكانها ، شيء طبيعي كونه ولد وعاش على أرضها .
وكان يتغنى بـ "وياك يا وطني .. عبرت الزمن"
لا يعرف سواها ، لانه كان ممنوعاً من السفر بسبب حالته الاجتماعية
كانت هي دمه وسعده وقلبه وكل مافيه ، بلاده العزيزة
كما كان يتغنى بـ"أنت الأمل لي هل .. وانت النهار لي طل" محباً لوطنه العزيز
أحبها من كل قلبه ، وكان يدمع لمجرد سماع أغانيها الوطنية ، يفور دمه حين يحاول أحد المساس بها بسوء ، تماماً كوالده الذي دافع عنها بدمه
ووقع أسيراً مدافعاً عن ترابها في أحدى الأوقات العصيبة ، وحين عودته لم يحضى بحقوقه ولا حتى بوسام (الأعمال الجليلة) .. بسبب حالته الاجتماعية .
"بلادي وإن جارت علي عزيزة
وأهلي وإن ضنوا علي كرام"
جاء ذلك اليوم الموعود بعد عدة محاولات من الأب ليعيش عائلته عيشاً كريماً .. وسافر هذا الشخص مع عائلته ليرى العالم في الخارج ، كيف يكون العالم خارج بلاده ، وكأنه كان في كوكب آخر ، حتى لون التراب يختلف !
الشعب ، الطرقات ، العمله ، كل شيء !!
سعد في أول أيامه لأنه كان يختبر تجربة جديدة ألا وهي السفر
لكنه سرعان ما أحس بالضيق ، وما أدرك لاحقاً بأنه ماكان يسمع عنه ويراه في الأفلام .. (الحنين إلى الوطن) .
حتى العيد لم يحس به وبمروره ، كان بعيداً عن وطنه ، أصدقاءه ، حتى الشمس الحارقه في وطنه الصغير ..
اشتاق إلى تربة بلاده ، إلى سكناها ، حتى إلى التعامل بعملتها والشراء بها ، لأنها هي هويته .
بعد مرور شهر ... طويل ...
كان يعد الأيام التي تفصله عن موعد العودة إلى بلاده .
جاء موعد السفر ، ورحلوا عائدين إلى موطنهم ، ولكنهم يحملون خططاً للهجرة إلى تلك البلاد الأخرى !!!!!!!! .. لأن العيش فيها أسهل والتجارة فيها أيسر والحقوق فيها أكثر ...
جهل أن مشروع السفر كان لتحسين المستقبل المادي للعائلة ووضع أساسات هناك للهجرة
بمجرد تعدي الحدود بين البلدين .. ودخول الوطن ، أحس باختناق شديد ، تسبقه الدموع التي كان يجاهد لإبقائها في عينيه .. كان محاطاً بإخوته ووالده ولا يستطيع أن يذرف دمعة ..
كونه هو الرجل .
لاحظ ذلك والده وقال له :
"يا وليدي .. كلنا نحب هالوطن بس هي ظلمتنا وانا ابوك .. عود نفسك انك تطلع منها وما تبكي"
ولكنه رد هامساً وهو ينظر إلى تراب وطنه وكأنه يحدثه قائلاً :
"انت الوطن بس أنت .. أنت الأصل بس أنت .. أنت الحيآااااااة بس أنت !!!! ...... غصبن على الآلام...!"
السؤال هنا ..
هل يحق له أن يحب وطنه الذي ظلمه أم أنه على خطأ ؟
هل يحق له أن يشتاق له ؟؟
هل يحق له أن يفكر بالمستقبل الذي رسمه عند صغره داخل وطنه ؟؟
هل يحق له أن يذرف دموعاً من حرقة مافي قلبه على ما يحصل من حوله ؟
واقول انا .. :
وطني وطن النهار
أن النهار ياوطني
يا وطن النهار ..
تحياتي